“قمة بن سلمان” العربية… لبنان تحت “النشرة الحمراء”

لبنان الكبير

شكّلت القمة العربية التي انعقدت في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية حدثاً استثنائياً لناحية تأكيد المملكة ريادتها في المنطقة العربية وتعزيز زعامة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي افتتح القمة بكلمة أكّد فيها “للدول الصديقة في الشرق والغرب أننا ماضون في السلام ولن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات”، مشدداً على أن “القضية الفلسطينية كانت ولا زالت قضية العرب المحورية”. وأمل أن “تشكل عودة سوريا إلى الجامعة العربية نهاية لأزمتها”، وأن “تكون لغة الحوار هي الأساس في السودان”. وفي هذه الأثناء، بدا لبنان الذي تمثّل في القمة برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي غارقاً في أزمتي الفراغ الرئاسي وقضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تسلّم لبنان النشرة الحمراء للانتربول التي تنص على توقيفه.

وانطلقت القمة بحضور عربي جامع، وبحضور مميز للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كضيف شرف. القمة التي شهدت استعادة سوريا مقعدها الذي فقدته قبل 12 عاماً، وسط ترحيب بعودة الرئيس بشار الأسد إليها، ركزت على الأزمة السورية، وإعادة الاعمار وعودة اللاجئين. وخصّت فلسطين وجرحها الدائم، ومعاناة الشعب الفلسطيني بجزء كبير من مباحثاتها وبيانها الختامي، وتطرقت إلى الملفات الساخنة في المنطقة وعلى رأسها السودان والنزاع القائم فيه، ولم تنسَ العراق وسيادته. أما عن لبنان، فبالكاد ذكر، بحيث وردت في البيان الختامي للقمة فقرة تحثه على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة حرصاً على انتظام عمل المؤسسات الدستورية، وإجراء إصلاحات اقتصادية هيكلية للخروج من أزمته المالية والاقتصادية الخانقة.

ولم ينسَ ميقاتي التذكير بأزمة الفراغ الرئاسي خلال مشاركته في القمة، معرباً عن أسفه لأن رئيس الجمهورية اللبناني ليس حاضراً. وركز في كلمته على ملف اللاجئين السوريين، والضغط الذي يتعرض له لبنان جراء وجود العدد الكبير منهم على أرضه، طالباً مساعدة الأشقاء العرب لاعادتهم إلى بلادهم. وشدد على أهمية الدور العربي بالمساهمة في إعادة نهوض لبنان.

وفي حين غاب لبنان الرئيس عن القمة، كان الرئيس الأسد يشدد على “ترك القضايا الداخلية لشعوبها لادارة شؤونها، وما علينا إلا أن نمنع التدخلات الخارجية”، مشيراً إلى الاجرام الاسرائيلي، ومحذراً من الخطر العثماني على المنطقة. وكان لافتاً مغادرة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، القمة قبل أن يلقي الأسد كلمته، فيما ذكرت وكالة “سانا” السورية أن مصافحة ومحادثة جانبية حصلت بين الرجلين قبل الدخول إلى قاعة القمة.

وكانت الأمم المتحدة أعربت عن أملها في أن تُساهم مشاركة الرئيس السوري في قمّة جدة في دفع العملية السياسية قُدماً، وتطبيق قرار مجلس الأمن المتعلق بحلّ الأزمة السورية. وقال نائب الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حقّ الخميس: “إنّنا نأمل من المشاركين في قمّة رؤساء الدول العربية أن يوظفوا هذه الصيغة في تشجيع الأطراف السورية، وبالأخصّ الحكومة السورية على المضي قُدماً في الجهود السلمية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254”.

الضيف المميز الرئيس الأوكراني ألقى كلمة أكد فيها أن “ما يحدث في بلدنا حرب وليس مجرّد نزاع ونحن لم نختر طريق الحرب ولن نخضع لأيّ دولة أجنبيّة”، مناشداً “الدول العربيّة مساعدة أوكرانيا لمواجهة العدوان الروسي”. وقال: “واثق بأنّ لا أحد منكم يقبل الاستسلام لغزاته ونعمل على إنهاء الحصار البحري المفروض من روسيا على موانئنا”.

على صعيد الملف الرئاسي، لا شيء يذكر بحيث تستمر الاتصالات بين المعارضة و”التيار الوطني الحر”، وأشار عضو تكتل “لبنان القوي” النّائب آلان عون الى أن “التيار قد يتجه الى خيار الورقة البيضاء التي تعني عدم الاصطفاف وراء أي مرشح في حال تمت الدعوة قريباً الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية”، معتبراً أن “حصول الجلسة لا يعني بالضرورة أن المواقف نضجت لإنتاج رئيس، لذلك يبقي التيار خياراته مفتوحة”.

ورأى رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك أن “التهديد بالتعطيل حق ديموقراطي، وإنما ما هو غير حق هو استخدام هذا الحق واتهام الآخرين بفرض مرشح يختارونه ويتهمونهم بالتعطيل. كيف هذا ونحن في بلد ديموقراطي والتنافس بالاختيار والإنتخاب الحر؟”.

وفي الوقت الذي يأفل فيه نجم الاستحقاق الرئاسي، سطع الملف القضائي بحيث تسلّمت النيابة العامة التمييزية نسخة من مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضية الفرنسية أود بوريزي بحق سلامة والمعممة عبر الانتربول الدولي، وهذا ما أكده وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي حين أشار الى أن “طلب الانتربول اعتقال رياض سلامة موضوع نقاش جدي من السلطات”. وطالب في حديث إعلامي، حاكم مصرف لبنان بالاستقالة.

وبدأ النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات دراسة المذكرة على أن يحدد موعداً للاستماع إلى سلامة الاسبوع المقبل، ويتخذ المقتضى القانوني بشأنها. ورد حاكم مصرف لبنان على تسلّم النيابة العامّة مذكّرة التوقيف الصادرة بحقه والمعممة عبر الانتربول الدولي، بأن هذه الاشارة جاءت بناءً على طلب القاضية الفرنسيّة، والتي استندت الى تغيّبه عن جلسة الاستجواب التي حدّدتها في 16 أيار.

وأوضح سلامة في تصريحات إعلامية أنه لم يحضر جلسة الإستجواب لعدم إخطاره تبعاً لأصول القواعد والقوانين المرعية الاجراء، وأنه سيتقدم باستئناف لالغاء هذه الإشارة.

وعلم “لبنان الكبير” أن هذا الملف سيكون موضع بحث في اللقاء التشاوري الذي دعا إليه الرئيس ميقاتي الوزراء، والذي يعقد عصر الاثنين المقبل في السرايا الحكومية.

شارك المقال