إنتحار اللبنانيين يتسارع… أزعور يخرق “الصمت”

لبنان الكبير

66 حالة انتحار منذ بداية السنة حتى اليوم، بزيادة عن السنة الماضية خلال المدة نفسها بـ 16 حالة، ما يدل على الحال الصعب الذي وصل إليه اللبنانيون في بلد يستمر بالتدهور قابعاً في قعر جهنم. وعلى الرغم من هذا الوضع المأساوي لم يرف للقوى السياسية أي جفن على حال مواطنيهم، ولا يزالون للشهر الثامن على التوالي يبحثون عن “جنس” الرئيس. ومع تحديد جلسة لانتخاب الرئيس غداً بوجود مرشحين “جديين”، لا يتوقع أقصى المتفائلين أن تنتج هذه الجلسة رئيساً، في ظل تمسك كل طرف بوجهة نظره، بل ويعتبرها الفريقان جلسة قطع الطريق على مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، كما يشيع من يدورن في فلك المرشحين والمتقاطعين على حد سواء، لدرجة أن “التيار الوطني الحر” اعتبر نفسه معنياً بالدفاع عن الوزير السابق زياد بارود، بعد أن تلقى سهاماً من رئيس تيار “المردة” أول من أمس في خطابه. أما المرشح المتقاطع عليه الوزير السابق جهاد أزعور، فأكد في بيان أنه ليس مرشح تحدٍ لأحد. فيما أصدر السفير نواف سلام بياناً رد فيه على فرنجية الذي وصفه بـ “يمين 14 آذار”.

وبينما يكثف داعمو المرشحين اتصالاتهم لمحاولة استمالة النواب الذين لم يحسموا أمرهم، بدأت “البوانتاجات” تتطاير يميناً وشمالاً، إلا أن كل الأرقام ترجح كفة أزعور على فرنجية. وتستمر الاتصالات بين نواب مستقلين وتغييريين من أجل حسم الموقف، فيما أكد تكتل “الاعتدال الوطني” أنه لا يريد أن يكون ضمن الاصطفافات، معتبراً أن لا رئيس من دون توافق.

وكان أزعور خرق قاعدة الصمت وشرح في بيان نواياه الرئاسية، مؤكّداً أنه  ليس تحدياً لأحد. ولفت إلى أن “التحدي الوحيد لنا جميعاً هو تحدي استعادة هذه التجربة، بكل ما تحتاج إليه من إصلاحات، لكي تتوافر للأجيال المقبلة، الشروط التي توافرت لي، بدل أن ننتهي بأجيال يائسة تحملها إلى دول الغرب والشرق إحدى أخطر موجات الهجرة في تاريخ لبنان الحديث”، مشدّداً على أن “ترشيحي هو دعوة إلى الوحدة وكسر الاصطفافات والبحث عن الجوامع المشتركة في سبيل الخروج من الأزمة وتوظيف كل ما أوتينا جميعاً من خبرة ومخيّلة وإرادة للعودة إلى طريق التقدم”.

وأشار أزعور إلى أن “التحديات الاقتصادية العملاقة التي نواجهها، والاضطرابات الاجتماعية الخطيرة التي نعيشها، ليست مجرد مفاهيم مجردة أو إحصاءات وأرقام، إنها تجارب يومية مُرّة يعيشها اللبنانيون، موحّدين بالتعب والقلق والخوف من المستقبل. إنها قصص الكفاح اليومي من أجل تغطية الحد الأدنى من مقوّمات الكرامة الانسانية”، موضحاً أنه “هنا في مهمة بسيطة وكبيرة في آن واحد، هي الخروج في أسرع ما أمكن من الوضع الشاذ الذي نحن فيه، والتأسيس لمستقبل مزدهر يعود فيه لبنان مصدر إشعاع وريادة بفضل قدرات أبنائه وشبابه العلمية والثقافية”.

وأشار البطريرك الماروني بشارة الراعي في كلمة خلال افتتاح أعمال سينودس الكنيسة المارونية إلى أن “الأوضاع الراهنة عندنا تتخذ وقتها اللازم بسبب الأضرار الجسمية اللاحقة بشعبنا وبلادنا، فيستمع الآباء إلى خلاصة لقاءات السادة المطارنة الموفدين البطريركيّين إلى المرجعيّات المسيحيّة والسنيّة والشيعيّة والدرزيّة. وكانت الغاية التأكيد أنّ البطريركيّة على مسافة متساوية من المرشحين جميعاً، والتشاور مع هذه المرجعيّات بشأن إجراء انتخاب رئيس للجمهوريّة بعد ثمانية أشهر من الفراغ الهدّام للدولة وللشعب، وكان التشديد من الموفدين على إجراء الانتخاب بالروح الديموقراطية التوافقيّة بعيداً عن التشنجات والنزاعات والعداوات والانقسامات. فالترشح والترشيح حقّ ديموقراطيّ دستوريّ، واحترام المرشحين في كراماتهم حقّ أخلاقيّ أساس للعيش معاً بسلام وثقة وتعاون في سبيل وطننا الواحد”.

إلى ذلك، أكد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي في حديث تلفزيوني أن “هدفنا هو قطع الطريق على مرشح حزب الله وانتظام عمل المؤسسات. لذا، عملاً بالواقعية السياسية، تقاطعنا على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بعدما لم ننجح في إيصال مرشحنا النائب ميشال معوض”.

أما رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” فرأى أن “الفريق الآخر يريد أن يصل الى رئاسة الجمهورية هذا الشخص الذي يرونه مناسباً للقيام بهذا الدور. من هو المنافس؟ ينافس أهل المقاومة جماعة من اللبنانيين ممن يرشحون ويدعمون شخصاً لا يريدون أن يصل الى رئاسة الجمهورية وانما يستخدمونه فقط  لمنع أن يصل مرشح المقاومة”.

ولفت النائب محمد سليمان بعد الإجتماع التشاوري لكتلة “الاعتدال الوطني” و”اللقاء الوطني المستقل” إلى أن “كل الخيارات مفتوحة أمامنا وسنكون موجودين في كل الجلسات ولن نعطل النصاب، وسيكون لنا اسم ولسنا مع الانقسام العمودي ونحن مع التوافق الوطني الذي ينتج رئيساً”.

إلى ذلك، استدعت الحملة التي يشنها فريق 8 آذار على ترشيح أزعور، رداً من الرئيس السابق ميشال عون، فغرّد عبر “تويتر” قائلاً” “نظامنا ديموقراطي ودستورنا يكفل حرية الرأي، وعليه، فإن من حق كل فريق سياسي أن يكون لديه مرشح رئاسي من دون أن يستجرّ ذلك خطاب التخوين والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور. إن احترام الآخر وحقوقه هو في أساس الوحدة الوطنية والعيش المشترك، ومن يريد الوطن لا بد وأن يحترم هذه المبادئ”.

وفيما تشير معلومات “لبنان الكبير” الى أن عون استدعى نواب “التيار الوطني الحر” المترددين، وأشاع أنه استطاع لجمهم، واجبارهم على الالتزام بالتصويت لأزعور، لم يتم تأكيد هذا الأمر من النواب أنفسهم.

وفي الشأن الرئاسي أيضاً، استقبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو التي لم تشأ الادلاء بأي تصريح. وفي دردشة مع الصحافيين أعلن بو حبيب أن غريو أبلغته أن زيارة الموفد الفرنسي الوزير جان ايف لودريان في القريب العاجل لكن بعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم غد الأربعاء. وبعد الخارجية حطت غريو في عين التينة والتقت رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرى عرض للأوضاع العامة والاستحقاق الرئاسي وفق إعلام عين التينة.

إلى ذلك، نفت مفوضية الاعلام في الحزب “التقدمي الإشتراكي” ما نقلته إحدى الصحف أمس عن رفض بري تحديد موعد لرئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، لافتة الى أن “العلاقة التاريخية مع بري وثيقة ومستمرة على قاعدة الوضوح والاحترام”.

حكومياً، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال لقائه القائدَ العام للقوات الدولية في الجنوب الجنرال ارولدو لازارو، التزام لبنان بمندرجات القرار الدولي الرقم 1701 والتنسيق بين الجيش وقوات “اليونيفيل” للحفاظ على الاستقرار في الجنوب وعلى طول الحدود اللبنانية.  وطالب الأمم المتحدة بالضغط على اسرائيل لوقف خروقها المتكررة للخط الأزرق وللسيادة اللبنانية، وبوقف الأشغال ضمن الأراضي اللبنانية، لأن هذا الأمر يتسبب بتوترات خطيرة،  مجدداً “تمسك لبنان بحقه في استعادة أراضيه المحتلة وعدم التفريط بها”.

شارك المقال