“وضوح وصراحة” بين السعودية وايران… مزايدات مسيحية على الجلسة التشريعية

لبنان الكبير

اتجهت أنظار اللبنانيين أول من أمس إلى باريس حيث انعقدت قمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحاولوا أن يرصدوا حتى لغة جسد الرجلين حتى يعرفوا مصير استحقاقاتهم الداخلية، فلم يجدوا غير دعوة الى سد الفراغ في الرئاسة وكل المؤسسات، لينتقلوا أمس إلى طهران، التي زارها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وأجرى محادثات مع نظيره الايراني حسين أمير عبد اللهيان “اتسمت بالصراحة والوضوح”، بأمل أن يكون لبنان حاضراً ضمن “الوضوح” بين الطرفين اللذين يمسكان تقريباً بالقرار الاقليمي للحل والربط لأزمات هذا البلد الغارق في حفرة رئاسية موحلة بتضارب المصالح.

والأمل أن يحمل الموفد الفرنسي الخاص جان إيف لودريان، الآتي الينا منتصف الأسبوع المقبل، الترجمة العملية لما جرى في باريس وطهران، وربما بكلمة السر التي ستفكك الانغلاق المحلي. لكن قبل وصوله تعد القوى السياسية لمعركة بعنوان الجلسة التشريعية يوم الاثنين، بحيث بدأ بعض القوى، وعلى رأسها “القوات اللبنانية” بالتصويب على الجلسة، معتبرة أنها غير شرعية كون المجلس النيابي هيئة ناخبة فقط ولا يمكنه التشريع، بينما “التيار الوطني الحر” لم يصدر إشارات سلبية حتى اللحظة، بل يبدو أنه مرن في هذا الملف، إلا أن المزايدة المسيحية الدائمة قد تدفعه إلى رفض الجلسة أيضاً.

وسط هذه الأجواء اختتم أمس سينودس الكنيسة المارونية، وأكد الأساقفة الموارنة في البيان الختامي ضرورة قيام الحوار من أجل “قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة”.

بالعودة إلى طهران، فقد أكد وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مع نظيره الايراني “أهمية التعاون الأمني بين البلدين لضمان خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل”، موضحاً أن “المحادثات اتسمت بالصراحة والوضوح، وأن إيران قدمت تسهيلات لعودة البعثات الديبلوماسية الى العمل”.

من جانبه، قال عبد اللهيان: “إن المحادثات مع وزير الخارجية السعودي تناولت التعاون في مجالات عدة، وخصوصاً العلاقات الاقتصادية”. وأوضح أنه بحث مع وزير الخارجية السعودي “في قضايا إقليمية ودولية”.

محلياً، ترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي قداس ختام سينودس الكنيسة المارونية، لمناسبة مرور 15 سنة على انطلاق ألأعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار، وعلق على جلسة الأربعاء بالقول: “فيما شعبنا يعيش مأساته الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأربعاء الماضي بكيفية إيقافها عن مجراها الدستوري والديموقراطي، لتزيده وتزيدنا ألماً معنوياً، وتجرحنا في كرامتنا الوطنية، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالمي، لا سيما والجميع يتطلعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكن من الخروج من أزماته”. وشد على “أننا من جهتنا لا نفضل أحداً على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأولها بناء الوحدة الداخلية، وإحياء المؤسسات الدستورية، والمباشرة بالاصلاحات المطلوبة والملحة”.

إلى ذلك، من المتوقع أن يدعو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى جلسة للحكومة في الأيام المقبلة، وقد حلّ ضيفاً على عين التينة أمس والتقى الرئيس بري، وغادر من دون الادلاء بتصريح. ولكن الجلسة الحكومية المتوقعة والجلسة التشريعية غداً تشكلان نقطة خلاف مع الثنائي الماروني، بحيث تتولى “القوات” الهجوم على المجلس النيابي، فيما “التيار الوطني الحر” يهاجم الحكومة، والسبب عند الحزبين نفسه، الفراغ الرئاسي. بينما لم يعرف موقف التيار بعد من الجلسة الحكومية المتوقعة، كونها ستتطرق إلى ملف الترقيات العسكرية ما يفتح الباب أمام ملف التعيينات الأمنية، وهذا ما يعتبره التيار خطاً أحمر في ظل الشغور الرئاسي.

وأبدى عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سليم عون مرونة باتجاه الجلسة التشريعية، وأعلن في حديث صحافي أن “التيار الوطني الحر لم يحسم قراره بعد من المشاركة في الجلسة التشريعية الاثنين المقبل، ولكن ثمة أموراً طارئة وإذا كان الحل متعذراً لرواتب القطاع العام فان الحضور ضروري، ولكن بجدول أعمال محصور ببندين وليس فضفاضاً”.

وتطرق عون إلى الملف الرئاسي، فعلّق على كلام زميله نائب رئيس المجلس الياس بو صعب عن انتخابات نيابية مبكرة، معتبراً أن “شيئاً لن يتغير من خلال هذه الخطوة”. وكشف أن “نائباً واحداً من تكتل لبنان القوي لم يلتزم بخيار (جهاد) أزعور في الجلسة الثانية عشرة، وهو نفسه من سيعلن ذلك لاحقاً”.

وفي السياق نفسه، رد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن على رفض الدعوة الى الحوار بحجة وجود مرشح لدى “حزب الله”، قائلاً: “يقولون أنتم لديكم مرشحكم، كيف تدعون الى الحوار؟ طبيعي نحن لدينا مرشحنا ومن حقنا أن نقنعكم به، وأن نشرح لكم مواصفاته وبرنامجه وعلى ماذا تفاهمنا وإياه، على عكسكم أنتم تقاطعتم على المرشح، ولكنكم غير متفاهمين على البرنامج، أنتم تقولون ذلك”. وجدد الدعوة إلى “تفاهم وطني، يتم على أساسه إنتاج توافق لانتخاب رئيس الجمهورية بتوافق وتفاهم وطني واسع وعريض”.

أما عضو كتلة “الكتائب” النائب سليم الصايغ فسأل: “لمَ الحوار؟ فريق الممانعة يدعونا الى الحوار للتسويق لفرنجية فقط، وما لم يعطوه للبطريرك بحركة موفديه هل يعطونه لحزب؟”.

ونفى الصايغ صحة أن ايران لا تتدخل في انتخابات الرئاسة في لبنان، وقال: “نطالب مع البطريرك الراعي بتدويل القضية اللبنانية ومطلوب أن تكون ايران موجودة في هذا الحل ليتحمل الجميع مسؤولياتهم، فهناك سلاح غير شرعي يتحكم بالبلاد”. وأكد أنه يُنتظر من بري “أن يدعو الى جلسة ويعمل واجباته لنستطيع تطبيق الدستور”.

ورأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم أن “رئيس المجلس نبيه بري ينتظر تبلور الحراك الخارجي وهناك اتصالات اقليمية وموعد أي جلسة مقبلة هو من يحدده”.

ولا يزال الموقف الدولي من ملف النزوح السوري يتفاعل، بحيث اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار أن “استخدام المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي لورقة النازحين السوريين في الدول المضيفة كورقة سياسية للضغط، بعيدة كل البعد عن الوضع الانساني الصعب للاجئين السوريين في لبنان”.

وفي هذا الملف، غرّد النائب جورج عدوان قائلاً: “موقف جوزيب بوريل من السوريين الموجودين في لبنان مرفوض ويمس بمبدأ سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها. على الحكومة الشروع فوراً بتطبيق هذا المبدأ، فلبنان ليس بلد نزوح كما نصت مذكرة التفاهم الموقعة مع منسقية الأمم المتحدة عام ٢٠٠٣. أما من اتخذ هذا الموقف فليستقبلهم ويعمل بمقولته”.

شارك المقال