العلولا “بالمرتبة الممتازة” ولودريان يعود الى الصفر… تيمور رئيساً بكاميرا “البيك”

لبنان الكبير

يقترب الفراغ الرئاسي من شهره التاسع وحتى اليوم لا مؤشرات ولادة طبيعية لرئيس حكم وحامٍ للدستور وموحد للبنانيين، بانتظار محاولات التوافق على ولادة قيصرية على يد “حوار” يطبخه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان. لا رئيس في قصر بعبدا، لكن في “الاشتراكي” رئيس ثالث انتخبه الحزب وفاز رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط بالمنصب بالتزكية، ما يعني أن القاعدة الحزبية مقتنعة به رئيساً. وهذا ما يحتاجه موقع الرئاسة الأولى الذي يعاني من رفض التوافق بين القوى السياسية، وعلّ الحالة الاشتراكية تعطي رسالة ايجابية لبقية الفرقاء، وتتجه ليس بالضرورة الى تزكية رئيس، بل على الأقل التوافق على آلية حقيقية لانتخابه من دون تعطيل النصاب والعرقلة.

وفي وقت كانت فيه القوى السياسية تقرأ مفاعيل زيارة لودريان الذي جاء بعد فشل مستشاري الاليزيه السابقين في ادارة الملف، كانت المملكة العربية السعودية تكرّم المستشار نزار العلولا بتعيينه في الأمانة العامة لمجلس الوزراء “بالمرتبة الممتازة” على ادارته ملف لبنان انسجاماً مع رؤية ٢٠٣٠ واستراتيجية المملكة وسياستها الخارجية، مبقية ملف لبنان ضمن مهام العلولا.

وأكدت مصادر سعودية لموقع “لبنان الكبير” أن “القرار عبارة عن ترقية للعلولا نظراً الى جهوده وكفاءته في ترجمة الموقف السعودي في ادارته ملف لبنان”، مشددة على أن “العلولا في موقعه الجديد سيكون أكثر قوة لناحية ادارة الملف فضلاً عن توكيله بالمزيد من المهام وامكان تعيينه في مناصب أكبر في الدولة”.

الى ذلك، عاد ملف رئاسة الجمهورية الى المطبخ الفرنسي، ليبدأ لودريان باطلاع قيادته على مقادير طبخة “الحوار”، فوفق أوساط سياسية “ان الادارة الفرنسية عادت الى المربع الأول في تعاطيها مع الملف اللبناني لسوء الادارة التي حصلت مع المستشارين السابقين، ولديها ثقة بلودريان لكفاءته في حسن تواصله مع الدول الصديقة للبنان وخصوصاً السعودية، ومن المفترض أن يطلع الدول على جديد جولته ومباحثاته”. ووفق المعلومات فان “لقاء لودريان بسفراء الدول في قصر الصنوبر كان واضحاً أنه لم يدخل في لعبة الأسماء، وأنه نقل الى السفراء مضمون جولته الاستطلاعية والمرتكزة على الحوار”.

وبحسب قراءات المراقبين، فان لودريان أضاف صفة أساسية على مرشح رئاسة الجمهورية وهي ألا يتسبب بانقسام عمودي بين الفرقاء، ما يعني سقوط مرشحي الجلسة الأخيرة.

وبدأت دعوة لودريان الى الحوار تترجم لبنانياً بدعوة من “حزب الله” على لسان النائب محمد رعد الى التوافق والجلوس للتحاور و”صحتين للي بيوصل”.

دولياً، طغت التطورات الروسية على المشهد العالمي، بحيث فجأة وبسحر الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو نُزع فتيل الحرب الأهلية عن موسكو خلال ٢٤ ساعة، بعد وساطة قضت بتوجه قائد مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين الى مينسك كلاجئ سياسي، وتراجع قواته، وسط تساؤلات عما اذا كان ما حصل هو حقيقة أو ملعوب مدبر من القيصر الروسي فلاديمير بوتين لأهداف غير معلومة بعد.

انتخاب تيمور رئيساً

وكان يوم أمس شهد المؤتمر العام الـ ٤٩ للحزب “الاشتراكي”، الذي انتخب فيه تيمور وليد جنبلاط رئيساً للحزب بالتزكية بعد تولي والده المنصب لفترة ٤٦ عاماً. وفضلاً عن تيمور، فاز بالتزكية كل من ظافر ناصر بموقع أمين السر العام وحبوبة عون وزاهر رعد بموقعي نائبي رئيس الحزب. أما أعضاء مجلس القيادة فانتخب كل من: نشأت الحسنية، محمد بصبوص، ريما صليبا، مروى أبو فراج، لما حريز، رينا الحسنية، كامل الغصيني وحسين ادريس.

وبعد اعلان النتيجة، ألقى وليد جنبلاط كلمة تحدث فيها عن المراحل السابقة، وعدد أهدافاً أساسية للمراحل المقبلة أولها الغاء الطائفية السياسية ورفض التقسيم والفدرلة، والمحافظة على التحالف مع القوى التي أسقطت اتفاق 17 أيار، في إشارة ودية مباشرة إلى الرئيس نبيه بري وحركة “أمل”، اما بقية النقاط فتمحورت حول: المحافظة على القطاع العام والجامعة اللبنانية، الاصلاح الشامل بعيداً عن الهيئات الدولية، والتشديد على الحوار باعتباره الحل الوحيد، وكذلك تطرق الى تقوية الجيش وتحرير مزارع شبعا، ولم ينس في كلامه التضامن مع الشعبين السوري والفلسطيني في وجه الطغاة.

وتوجَه الى نجله قائلاً: “إلى الحبيب تيمور، إن الحياةَ إنتصارٌ للأقوياء في نفوسِهم لا للضعفاء، هكذا أوصانا المعلم كمال جنبلاط. سر ولا تخف، والله معك، مهما كانت تقلباتُ الزمن، وتغيّر الأحوال، ومفاجآت الأقدار، كانت المختارة وستبقى، وكان الحزبُ الاشتراكي وسيبقى”.

اما تيمور فألقى كلمة جدد فيها العهد “لفكرة كمال جنبلاط الانسانية الحرة الجامعة والمتنوّعة ولحزبه ولكل شهدائه ومناضليه”. وعن الاستحقاقات الداهمة على البلد، قال: “لهذا اللبنان، سنمضي في دروب العمل لأجل إتمام استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية بعيداً عن جبهات الرّفض من هنا وهناك، ومن أجل إصلاح اقتصادي مالي اجتماعي اداري، ومن أجل معيشة المواطن وحقوقه وكرامته”.

الراعي: لبنان يتفكك

وفيما توالت التهاني لتيمور وأبرزها كان الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل به، استمرت المواقف المعنية بالشأن الرئاسي بعد اختتام زيارة الموفد الفرنسي الذي من المقرر أن يعود بعد شهر، فقد رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أن “لبنان كدولة يتفكك بسبب عناد بعض السياسيين ومصالحهم الشخصية والفئوية، فصلين من أجل انتخاب رئيس للجمهورية بعد حوالي ثمانية أشهر من الفراغ. وعملية الانتخاب سهلة للغاية، إذا سلك المجلس النيابي الطريق المؤدي إليه، فهو سهل ومستقيم أعني بتطبيق الدستور الذي ينص على أن لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية”، طالبا الصلاة “من أجل شعب لبنان الذي يفتقر يوماً بعد يوم بسبب السياسيين الذين يهملون كل قدرات البلاد وإمكاناتها؛ وهم أنفسهم مسؤولون وحدهم عن إفقار شعب لبنان وإذلاله وتهجيره من وطنه وتجويعه”.

تصعيد ودعوة للحوار

على صعيد الثنائي الشيعي، هاجم عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم “نهج المكابرة والتعنت”، معتبراً أنه “أوصلنا الى الأشهر الثمانية من الشغور مع كل التداعيات السلبية وأزمات متنوعة في كل نواحي الحياة”. ولفت إلى أنه “كان من الممكن تفادي هذا التعطيل لو استجاب هؤلاء لدعوة الرئيس بري للحوار، والذي كان سيأخذنا الى التوافق على حلول لأزمة الاستحقاق الرئاسي بعيداً عن التكهنات والرهانات الخاطئة، لكنا وفرنا علينا تضييع الوقت وهدر الامكانات”.

أما رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد فقال: “لا نحن نستطيع أن نأتي بمرشح من دون تعاونهم ولا هم يستطيعون أن يأتوا بمرشحهم من دون تعاوننا، فما الحل؟ الحل هو أن نأتي ونجلس ونتفاهم ونقنع بعضنا بعضاً وصحتين على قلب لبيطلع بالتوافق والتفاهم، فلو أن فريقاً يمتلك الأكثرية الواضحة والوازنة لكنا ربما تعاملنا مع هذه الحقيقة بواقعية، لكن طالما أنه يستحيل أن يمتلك فريق الأكثرية المرجحة للمجيء برئيس للجمهورية، فالحل واحد هو أن نتفاهم”.

“الاعتدال”: سننتخب

واعتبر عضو تكتل “الاعتدال الوطني” النائب محمد سليمان، أن “مختلف الكتل النيابية مقصرة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي وتضييع الفرص وخصوصاً أن هناك اهتماماً دولياً واقليمياً ولديهم الرغبة في مساعدتنا ولكن للأسف نحن لا نساعد أنفسنا”. واذ أشار إلى أن “الكتلة في الجلسات المقبلة ستنتخب من يقارب تطلعاتها وهواجسها السنية”، شدد على أن “هواجس مؤتمر الطائف اساسية بالنسبة الينا وموضوع الثلث المعطل الذي أتعبنا كثيراً في الماضي، لذا يجب أن تكون كل الأمور واضحة لدينا”.

دولياً، لا يزال العالم يعيش غرائب المشهد الروسي، وانقسمت الآراء حول ما حصل، كيف بدأ بسرعة وانتهى بسرعة، وفيما رأى البعض أن ما حصل هو مسرحية مدبرة بين الرئيس بوتين وطباخه، بعد أن استشعر القيصر نقمة بعض القوى الروسية عليه، فطبخ طبخة بحص ليوحد الروس بكل أطيافهم خلفه، اعتبر البعض الآخر أن هناك صراع نفوذ في روسيا وأن الأمور انتهت بتسوية هذه المرة قد نشهد بنودها لاحقاً، الا أنها ستكون ناراً تحت رماد الثورة على نظام بوتين.

شارك المقال