السياسة معيّدة… و”التدقيق الجنائي” يخرق الجمود

لبنان الكبير

عيد مبارك. بينما يحتفل اللبنانيون بعيد الأضحى، ستأخذ السياسة واستحقاقاتها إجازة حتى الاثنين المقبل على الأقل، وعندها ستبدأ بإعادة درس لما سبق ولما هو مقبل، وقبل الاستحقاق الرئاسي ستنكب على استحقاق مصرف لبنان الذي يستحق آخر تموز، بحيث سيكون لديها أقل من شهر حتى تقر الخطوة المناسبة، إن كان بتغيير رياض سلامة وتعيين حاكم جديد، أو التمديد، أو تعيين حارس قضائي، وستحاول السلطة أن تخرج بالحل الأقل ضرراً، ويرجح أن يكون هناك تمديد، أو أن سلامة باقٍ بصورة أو بأخرى. أما في الاستحقاق الرئاسي فيبدو أن الطبخة لم تنضج بعد، بحيث أن كل فريق يغني على ليلاه، هذا يطلب الحوار، وذاك يطلب اللعبة الديموقراطية، وآخر ينتظر الاشارات الخارجية التي ربما لن تأتي أبداً.

في هذه الأثناء، أثير أمس ملف التدقيق الجنائي مجدداً بعد تقرير إعلامي يقول إن شركة “ألفاريس أند مارشال” سلمت التقرير الى وزارة المال منذ أسبوعين، لترد الوزارة بأن ما تسلمته هو مسودة، وليس من صلاحيتها نشر التقرير بل هذا الأمر يعود الى مجلس الوزارء، وقد توالت المواقف من الكتل السياسية بعد أن كان الملف منسياً لأشهر.

وأصدر المكتب الاعلامي في الوزارة بياناً جاء فيه: “أمام الأخبار المغلوطة، نوضح أولاً: ان ما تسلمته وزارة المالية من شركة الفاريز اند مارشال، ما هو إلا مسودة عن التقرير الأولي للتدقيق الجنائي وما زال بصيغة غير نهائية، وقيد جمع إيضاحات حول بعض الاستفسارات. ثانياً: إن العقد مع شركة الفاريز اند مارشال تم توقيعه مع الحكومة اللبنانية ممثلة بوزير المالية، وإن دور وزارة المالية فيه يقتصر بحسب أحكام العقد، على التنسيق بين مصرف لبنان وشركة التدقيق وليس أكثر. وعليه يكون التقرير ملكاً للحكومة اللبنانية وليس لوزارة المالية، ما يستدعى معه أن تسلّم النسخة النهائية عنه عند جهوزها، إلى مجلس الوزراء، وبالتالي فإن التصرف بمضمونه يبقى من صلاحيات هذا المجلس. ثالثاً: إن ما يتم تداوله من أن مسودة التقرير الذي أرسل إلى وزارة المالية أتت على ذكر شخصيات اقتصادية ومالية وسياسية، لا سيما رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، وشخصيات لبنانية وغير لبنانية هي أخبارٌ غير صحيحة على الاطلاق ولا تمت إلى الحقيقة بصلة”.

وأشارت أوساط وزارة المالية لموقع “لبنان الكبير” الى أن “أي تقرير تدقيق محاسبي ترسل مسودة منه أولاً، وتكون لدى المرسل إليه مهلة أسبوعين لوضع الملاحظات عليها، وفعلاً هذا ما حصل فقد أرسلت الوزارة ملاحظاتها على المسودة ببريد الكتروني للشركة، وهي بانتظار ردها على الملاحظات، قبل السير بالخطوة التالية”.

ولفتت الأوساط الى أن “الوزارة فضّلت عدم إثارة الموضوع إعلامياً، حتى ينتهي التقرير كلياً، لأن الأمر سيتم تحويره واستغلاله من هواة الشعبوية وتسجيل النقاط، كأن الوزارة تقوم بعمل مريب، وللأسف هذا ما حصل، وقد أظهروا الأمر كأن هناك مؤامرة بسبب عدم الاعلان عن تسلم المسودة، علماً أن المعنيين بمعرفة وصول المسودة أعلموا بذلك، وقد وثقوا بأن يقوم الوزير بالاجراءات المناسبة والاعلان عن التقرير في الوقت الصحيح والمناسب، كي لا يتم تضييع حقائقه بالنقاط الشعبوية”، مشددة على أن “الوزير لا يحق له نشر مضمون التقرير، وهذا الأمر منوط بمجلس الوزارء، وليس به”.

وكان رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان وجّه كتاباً الى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل يطلب فيه الحصول على نسخة من تقرير تدقيق شركة “الفاريز اند مارشال” في حسابات مصرف لبنان.

وغرّد نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان عبر “تويتر” قائلاً: “هل تسلم وزير المال تقرير التدقيق الجنائي في مصرف لبنان؟ وبأي تاريخ في حال استلامه؟ ولماذا لم يتم إرساله الى الحكومة والى المجلس النيابي ليبنى على الشيء مقتضاه؟ نتائج هذا التقرير تؤثر مباشرة على الشعب ومصلحة الدولة اللبنانية، والتأخير إذا حصل يرتب مسؤولية جسيمة: ننتظر الجواب”.

وكتب رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل عبر حسابه على “تويتر”: “طالبنا وزير المالية بتزويدنا نسخة من تقرير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، لنتمكن من القيام بعملنا التشريعي والرقابي وللمحاسبة على السياسات المالية والنقدية، بناءً على أرقام ومعطيات دقيقة ومحدّدة”.

كما طالب عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيمون أبي رميا بجلسة استثنائية لمجلس النواب للاطّلاع رسمياً على التقرير من أجل معرفة كل الحقيقة، معتبراً في بيان أن “التكتم الحاصل يؤكّد الشكوك المشروعة عن محاولات اخفاء الحقائق. لن نستكين فهذه معركتنا، معركة الأوادم من أجل استرداد حقوق المودعين والمواطنين”. وذكر بأنه “توجه في ٧ شباط، بسؤال الى الرئيس نجيب ميقاتي لمعرفة أين أصبح التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان من شركة Alvarez&Marsal الذي كان مقرراً نشره في أيلول ٢٠٢٢ وحتى هذه اللحظة لا جواب، إلى أن عرفنا من وسائل الاعلام أن التقرير أصبح عند وزارة المالية منذ ١٥ يوماً”.

على الخط الرئاسي، رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “آذان اللبنانيين قد صُمَّتْ في الآونة الأخيرة من دعوات البعض إلى الحوار ثمّ الحوار ثمّ الحوار في الوقت الذي يعي الجميع أنّ أصحاب هذه الدعوات المتكررة لم يكونوا يوماً أهل حوار، والدليل الأكبر على ذلك، تمسّكهم بوضعيّتهم غير الشرعية وغير القانونيّة على الرغم من المطالبة الحثيثة لأكثرية اللبنانيين بوجوب إيجاد حلّ لهذه الوضعيّة، ولكن من دون جدوى”. وذكّر بعدم إغفال ما آلت إليه عشرات طاولات الحوار التي انعقدت في الأعوام الـ15 الأخيرة والتي أسفرت كلّها عن “اللاشيء”.

أما النائب سامي الجميل فكشف أنه أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان أن “الكتائب لن تقدم اسم أي مرشح جديد لرئاسة الجمهورية، وعلى حزب الله سحب مرشحه والتوقف عن منطق الفرض الذي يتبعه”، رافضاً الغوص في عملية اختيار أسماء جديدة وطرحها فيما الفريق الآخر متمسك بخياره. وقال: “هذا يكفي لقد قمنا بخطوة وعليه أن يقوم بأخرى”.

شارك المقال