“الفريش” يلطّف الإنهيار… والشلل يقترب من مؤسسات “الخط الأحمر”

لبنان الكبير

على الرغم من دخول “الفريش دولار” في هذه الفترة السياحية بصورة كبيرة ما أدى إلى انخفاض في سعر صرف الدولار، إلا أن هذا لا يعني أن الانهيار توقف، فهو لم يعد مقتصراً على الاقتصاد الذي يلقى جرعة دعم اغترابية هذه الفترة، بل إنه انهيار الدولة ومؤسساتها المستمرة بالانحدار بصورة حادة، ولعل أكثر دليل على ذلك هو حادثة القرنة السوداء، بما تشكل من رمزية لتفلت السلاح وتصدر لمنطق شريعة الغاب على حساب منطق الدولة.

القرنة السوداء ليست وحدها، بل إن الخلافات العقارية والحدودية بين البلدات تطال مناطق كثيرة من لبنان، وتحسباً لكر سبحة الخلافات، أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قراراً قضى بتشكيل لجنة لدرس مسألة النزاعات بين الحدود العقارية والنزاعات على المياه في أكثر من منطقة عقارية، وهو بذلك يحاول وأد نار الفتن قبل أن تندلع، إن كان هناك أي “طابور” يحاول البناء على حادثة القرنة السوداء وإشعالها في مكان آخر. ويبدو أن ميقاتي يحمل عبء الفراغ على كتفيه، فقد علم “لبنان الكبير” أنه يوسع مروحة الاتصالات مع كل القوى السياسية بما فيها قوى المعارضة والمقاطعة، من أجل عقد جلسات للحكومة لتسيير أعمال المواطنين في ظل الفراغ الذي لا يبدو أنه سينتهي قريباً، بل مرشح لأن يتسلل إلى مؤسسات “الخط الأحمر” كما تصفها مرجعيات سياسية، أي حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش، مع تأكيد مختلف القوى السياسية أنها لا تزال على موقفها من الاستحقاق الرئاسي، ويبدو أن المبادرة الفرنسية ستكون دعوة الى الحوار، التي يرفضها عدد كبير من القوى الداخلية، لا سيما من المتقاطعين على جهاد أزعور.

وبالحديث عن المبادرات، يحلو لبعض من يدعون أنهم محللون سياسيون، نقل أخبار عن مبادرات تخيلية من المملكة العربية السعودية، الأمر الذي نفته مصادر مطلعة على الموقف السعودي لموقع “لبنان الكبير”، لافتة الى أن كل ما يتم تداوله من معطيات عن زيارة لشخصية سعودية بارزة ورفيعة المستوى الى لبنان غير صحيحة، مشددة على أن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري يمثل المملكة وعلى تنسيق كامل مع القيادة السعودية والمعنيين بالملف اللبناني.

ووضع ميقاتي النقاط على الحروف في المؤتمر الاقتصادي الاغترابي الثالث، مؤكداً أن “الحكومة تكاد تكون المؤسسة الدستورية شبه الوحيدة التي لا تزال تؤمن الاستمرارية بفعل استمرار التعطيل. إلا أنّ قدرنا أن نصبر على الإفتراءات وبات ضروريّاً وضع النقاط على الحروف منعاً للتمادي في التضليل، والحكومة ليست مسؤولة عن الفراغ الرئاسي وليست من يمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

ولفت رئيس الحكومة إلى أن “ثمة من تستهويه وضعية المعارضة وكأنّ البلد يحتمل رهانات خاطئة أثبتت التجارب عقمها”، وقال: “مخطئ من يعتقد أنّه يمكنه ممارسة الوصاية على عمل الحكومة ونحن في الحكومة نراعي الواقع الموجود في البلد ونتفهّم أنّ الناس ملّت السجالات ولكنّنا لن نقبل بوصاية أو هيمنة علينا”.

أما في ملف القرنة السوداء، فرأى مصدر قضائي رفيع لموقع “لبنان الكبير” أن بيان مجلس القضاء الأعلى أمس لم يكن على مستوى المشكلة، لافتاً الى أن البيان ذكر بأنه قد صدرت عدة قرارات من القضاء لملف النزاع العقاري في القرنة السوداء، ولكنه لم يذكر أنه حسمه، وهذا ما يحتاجه الملف، الحسم، وأن أي تلكؤ في الحسم حتماً سيتسبب بالفتنة.

واستدرك المصدر قائلاً: “المشكلة اليوم ليست في القضاء وحده، على الرغم من أن هناك تباطؤاً في عمله، وتأخراً في العدالة، المشكلة اليوم أن هيبة القضاء قد سقطت، فحتى لو حسم أمره في ملف مثل هذا، ستخرج أصوات السياسة التي تتهمه بالتسييس والانحياز، وهذا ما أورثنا إياه العهد القوي بسبب تدخلاته في القضاء، منذ أن تسلم وزارة العدل، قبل حوالي عقد من الزمن”.

رئاسياً، يبدو أن “القوات اللبنانية” التقطت راداراتها من باريس ما قد يكون ليس في صالحها، واستبقت عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ببيان ينسف ما يبدو أنه مبادرة فرنسية مرتقبة للحوار، فقد اعتبرت كتلة “الجمهورية القوية”، أن “أيّ دعوة إلى الحوار حول الملفّات الأساسيّة واستطراداً أيّ تلبية لهذه الدعوة، هو فعل تنصّل علني من المؤسسات ودورها من جهة، وتحديداً مجلس النواب المنوط به انتخاب الرئيس، كما هو أيضاً تنصل علني من وثيقة الوفاق الوطني من جهة أخرى”. وشددت على أن “مواجهة التعطيل واستنباط الحلول للأزمات، لا يكونان من خلال جلسات غير دستورية تحت مُسمّى الحوار بل في المؤسّسات الدستورية وعبر الآليات القانونية التي تترجم بدورات انتخابية مفتوحة تفضي إلى انتخاب الرئيس العتيد”.

علي صعيد آخر، تفاعل مجدداً أمس ملف التدقيق الجنائي، بعد أن كان على طاولة لجنة الادارة والعدل. واعتبر عدد من النواب الذين شاركوا في الجلسة أن العقد مع الشركة يمنع نشره أو استعماله في ملاحقة الفاسدين، إلا بإذن شركة التدقيق “ألفاريز أند مارسيل”، في حين أكد رئيس اللجنة النائب جورج عدوان، أن قانون الحق للوصول إلى المعلومات ينقض هذا الأمر. وأوضح مصدر قانوني لموقع “لبنان الكبير” أن “الشركة ليس من حقها التقرير ماذا تفعل الدولة اللبنانية بالتقرير، فعملها يقتصر على إنجازه، والدولة تقرر إن كانت تريد نشره أم لا، وقد تكون هناك في العقد بنود تتعلق بعدم نشر أو استعمال التقرير في حال لم تتحقق الشروط الكاملة مع الشركة، مثل دفع أتعابها مثلاً”.

وأشارت أوساط سياسية مطلعة، الى أن “لا معنى لنشر التقرير اليوم في ظل غياب سلطة تنفيذية تستطيع أن تأخذ القرار بشأن محتوياته، وأن وزير المال بغض النظر إن كان يحق له نشره أم لا، لن يحمل كرة النار هذه بيده، ولن يستطيع أحد حملها في السلطة الحالية، وهذا الملف من المنطقي أن يرّحل إلى العهد القادم”.

الى ذلك، يزور شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى البطريرك الماروني بشارة الراعي اليوم في الديمان، وسط تسرب معلومات عن خلاف حول مكان عقد القمة الروحية، فبينما لا يمانع الراعي مكان عقدها، يبدو أن أبي المنى يفضل أن تعقد في مشيخة العقل، بينما ترددت معلومات أن نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب يفضل أن تعقد في دارة المجلس.

شارك المقال