العدالة مهددة… العين على منصوري… عاصفة على بري

لبنان الكبير

أصبح التعطيل سمة من سمات البلد، ليصيب مجدداً الجسم القضائي. فبعد أن أعلن ١١١ قاضياً نيتهم الاعتكاف بسبب ظروف عمل غير لائقة عدا عن ظروفهم المعيشية، تتداول معلومات أن النيابات العامة ستلحق بمركب الاعتكاف، في ظل همسات عن التحضير لجمعية عمومية يشارك فيها رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبوع المقبل، ويعلن من منبرها الدعوة إلى اعتكاف قضائي طويل، يتسبب بتأجيل آلاف القضايا الأمر الذي ينعكس على زحمة السجون وارتفاع معدلات الجريمة، ما يعني أن العدالة بحد ذاتها مهددة بالفراغ في لبنان. ويطالب القضاة بمطالب بقية الشعب منذ بدء الانهيار، من طبابة وتعليم، وأقله تأمين الكهرباء لقصور العدل التي أصبحت تحكم بقضايا الناس في جنح الظلام.

وفي ظل الانسداد السياسي والهاجس من تعطيل العدالة، تتجه الأنظار إلى الشأن المالي والاقتصادي مع زيارة حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري إلى السعودية اليوم الأحد، ويبقى لعدة أيام، وقد أعد له السفير السعودي وليد بخاري برنامج لقاءات واسع مع عدد من كبار المسؤولين السعوديين خصوصاً في القطاع المالي. وتنظر الأوساط الاقتصادية بعين الأهمية الى هذه الزيارة وما قد يترتب عنها في ظل توقيت اقتصادي حساس على لبنان.

واستطاع رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يخطف المشهد السياسي اللبناني في اليومين الأخيرين، ضارباً عدة عصافير بمبادرة واحدة، فهو وجه رسالة إلى الادارة الفرنسية بعد أن لمحت الى دور تعطيلي إيراني من جهة قناة الثنائي الشيعي، عبر استباقه عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بحوار الـ 7 أيام، الذي يبدو من سابع المستحيلات بعد رفض المعارضة له، ما يرفع تهمة التعطيل عن بري، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في دوائر القرار الخارجية عند الخماسي الدولي وتحديداً عند الأميركيين الذين يحاول أحد اللوبيات لديهم فرض عقوبات على بري، وبهذا يكون رئيس المجلس المحنك قد رمى الكرة من ملعبه إلى ملاعب الآخرين ودفعهم إلى لعب “التيكي تاكا” بعد أن خرق صفوف المعارضة بمتقبلين لمبادرته.

وفيما نظرت قوى ٨ آذار بعين الايجابية إلى مبادرة بري، ومعها كتل وسطية كـ “الاعتدال الوطني”، وكذلك بعض نواب التغيير، الذين انقسموا بين متلقف للمبادرة ومعارض لها، علم أن المعارضة وفي شقها المسيحي تحديداً ستعلن رفضها لها بصورة قاطعة، وسيتم إعلان ذلك بشكل واضح في مؤتمر لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اليوم، وتناقلت معلومات أن الرد على بري سيكون بطلب فتح الجلسات لانتخاب رئيس وطرح الحوار ما بينها.

ورأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” جورج عقيص أن “الرئيس بري حاول بالأمس أن يرد على (ايمانويل) ماكرون الذي انتقد ايران لأول مرة واستبق زيارة لودريان. نحن لم نملك أي حرج للقول للودريان اننا لن نذهب الى الحوار بل الى تطبيق الدستور ولا نريد تكريس أعراف، فهل ما قلناه للودريان لن نقوله للرئيس بري؟ نعتبر أن العملية الديموقراطية قد سقطت نتيجة مرور عام كامل وهم يعطلون النصاب أو لا يدعون الى جلسات ويعمدون الى تطيير النصاب ومصرون على مرشح واحد دون غيره”، متسائلاً: “عن أي حوار نتحدث؟ ماذا يقول النص الدستوري؟ هل يبيعنا بري جلسات متتالية؟ فالدستور نفسه ينص على الجلسات المتتالية”. وأشار الى أن “التنسيق عال جداً ومتواصل بصورة شبه يومية ونريد أن يكون موقفنا موحداً وأظن أننا نمتلك رد الفعل الأولي نفسه”. وجزم بـ “أننا لا نريد حواراً لأن لا جدوى منه بل هو تعطيل وامعان في خرق الدستور ليجلب حزب الله رئيساً لا طعم له وكل التجارب السابقة كانت مؤلمة”.

اما النائب ياسين ياسين فاعتبر أن “الحوار الذي يسبق إنتخاب رئيس للجمهورية مخالف للدستور”، مؤكداً “نحن ضد إنتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية لأنه من صلب المنظومة التي أوصلت البلد إلى الإنهيار”.

وقال النائب وضاح الصادق عبر حسابه على منصة “أكس”: “أسمع عن ‫الحوار منذ أشهر من الاعلام، لا نعرف شيئاً عن تفاصيله، ويقال انّنا نعطّله، من دون أن نتلقّى دعوة رسمية واحدة. من سيدير الحوار؟ من سيدعى إليه بوجود أكثر من ١٥ كتلة وأكثر من ٢٠ نائباً مستقلاً؟ كيف ستتم دعوتهم؟ ما هو جدول أعماله؟ هل هو حوار على إسم الرئيس أم مهماته أم على الرئيس ورئيس الحكومة والحكومة؟ عشرات الأسئلة من دون جواب. الدعوة إلى حوار جدي تحتاج الى أن تكون واضحة، جدّية، مفصّلة ورسمية، لا مجرد كلام إعلامي من دون أي تفصيل. في النهاية أنا كنائب لم أتلق دعوة حتّى أردّ، سمعت بها في الاعلام، عندما أتلقّى دعوة مع آليّات واضحة، لكلّ حادث حديث”.

في المقابل، رأى النائب الياس جرادة أن دعوة الرئيس بري الى الحوار “إيجابية يبنى عليها لخلق مناخ غير متشنج بين الفرقاء”، داعياً الى “تلقف هذه المبادرة بجدية بعيداً من المماحكات”. وشدد في حديث اذاعي على أن “لا بديل عن الحوار لإنجاز الاستحقاق الرئاسي”، رافضاً “مبدأ إلغاء الفريق الآخر لأننا بذلك نبني حروباً لا بلاداً”.

وأشارت النائب بولا يعقوبيان إلى أن الرئيس بري “إذا كان يناور، واجبنا أن نلحقه على باب الدار، الجلسات المتتالية مطلبنا منذ اليوم الأوّل للاعتصام داخل المجلس، وعند معرفة تفاصيل الحوار سنحدّد موقفنا منه سلباً أو إيجاباً”.

أمنياً، أفيد أن الجيش اللبناني اشتبك أول من أمس مع مهرّبين على الحدود الشمالية وأصيب شخصان من التابعية السورية ممن كانوا يدخلون بطريقة غير شرعية إلى لبنان ونقلا إلى المستشفى الحكومي في حلبا، ووصفت حالتهما بالمستقرة. كذلك أبحر أمس مركب هجرة غير شرعي من شواطئ العريضة العكارية وجهته السواحل الأوروبية.

شارك المقال