“حوار الطرشان”… بالإذن من الدستور

لبنان الكبير

لا عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان محددة ولا دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري محددة، ففيما أعلنت قوى عدة تلبيتها الدعوة إلى الحوار وعلى رأسها الحزب “التقدمي الاشتراكي” وتكتل “الاعتدال الوطني”، اللذان يفترض أنهما من جهة المعارضة، تعارض “القوات اللبنانية” و”الكتائب” وحركة “تجدد” بشدة الحوار، حتى لو أن البطريرك الماروني بشارة الراعي أعرب عن قبوله به، وذلك تحت مبدأ أن المعركة اليوم هي بين السيادة والدستور، والممانعة والانقلاب على الدستور.

“حوار الطرشان”، هو المصطلح الوحيد الذي يمكن إطلاقه على دعوة الرئيس بري المخالفة للدستور فعلياً، حتى لو حظيت بتغطية كنسية ومسيحية من “التيار الوطني الحر”، وجرعة جنبلاطية، وقبول بعض السنة، وقوى مستقلة، فالدستور لا يتحدث عن جلسات حوار تسبق أي استحقاق فكيف بانتخاب رأس الدولة؟ وإن تثبيت أعراف غير دستورية كالحوار يعني أن عند كل استحقاق سنحتاج إليه وليس في رئاسة الجمهورية فقط، فلم يكن البلد بحاجة إلى طاولة حوار عند انتخاب رئيس مجلس النواب، ولم تكن هناك حاجة إلى حوار عند تكليف رئيس الحكومة، فكان من الطبيعي أن تشعر القوى التي تعتبر رئاسة الحمهورية موقعها الأول أن تطالب بالحوار في المراكز الباقية في حال ثبت العرف على هذا الأمر.

وبينما الوضع السياسي يشتعل، يبدو أن الاقتصاد ستصيبه لفحة ساخنة وسط رفض تام من “المركزي” لتمويل الحكومة بأي شكل، بالتزامن مع اقتراح موازنة عنوانها فرض الضرائب، حتى على جثامين الموتى، الذين تم اعتبارهم سلعاً مستوردة، كأن المواطن يريد استيرادها من الخارج، لا استرداد جثمان محبيه.

وفيما التقى حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري مساء أمس على هامش زيارته الى المملكة العربية السعودية، مجموعة كبيرة من الجالية اللبنانية في الرياض في قاعة الأرز في السفارة اللبنانية بدعوة من السفير فوزي كبارة، بحضور المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، ليتناقش معها في الوضع المالي والمصرفي في لبنان، غرّد النائب وضاح الصادق عبر حسابه على منصة “اكس” قائلاً: “الحلول التي تحتاج إلى قرار في لبنان كانت موضوع العشاء الذي دعيت اليه في منزل الصديق سفير لبنان في المملكة العربية السعودية الدكتور فوزي كبارة بحضور حاكم مصرف لبنان بالانابة الدكتور وسيم منصوري والمدير العام لوزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر والأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح وأعضاء الاتحاد. الدكتور منصوري أكد على موقفه برفض دفع أي مبلغ للحكومة من أموال المودعين والحفاظ على كل دولار من الاحتياطي مهما بلغت الضغوط”.

وبالعودة إلى المواقف بشأن الحوار، أكد “التيار الوطني الحر” بعد اجتماع مجلسه السياسي، “استعداده الايجابي للمشاركة في أي حوار يتوصل سريعاً الى نتائج عملية تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يحدّد شكل هذا الحوار فلا يكون تقليدياً بل عملياً وفاعلاً ويمكن أن يحمل أشكالاً متنوعة ثنائية أو متعدّدة الأطراف وأن ينحصر جدول أعماله ببرنامج العهد (الأولويات الرئاسية) ومواصفات الرئيس واسمه “.

وربط التيار مشاركته بضمانات أن ينتهي هذا الحوار بجلسات مفتوحة للمجلس النيابي لانتخاب الرئيس لا تتوقّف حتى حصول هذا الانتخاب، مشيراً الى أنه ينتظر من أصحاب الدعوات الى هذا الحوار الأجوبة اللازمة ليتحدّد الموقف النهائي للتيار على أساسها.

اما تكتل “الاعتدال الوطني” فزار عين التينة أمس، وقال باسمه النائب وليد البعريني: “من جهتنا نؤيد الحوار منذ اليوم الأول الذي افتتح فيه الكلام عن الحوار ليس لأن هذا الفريق يؤيد الحوار أو ذاك الفريق يرفضه. نحن لسنا مع اليمين أو الشمال الا في حالة واحدة مع الذي يكون حريصاً على الوطن وعلى أن يكون هناك انتخاب رئيس للجمهورية، فنحن سنقف الى جانبه والاعتراض الذي يحصل تحت منطق سيادي الله يعطيهم العافية مشكورين”.

أضاف: “الحوار سيحصل تحت قبة البرلمان ولن يكون بعيداً ولا في أي مكان آخر، وسيكون بعده مباشرة إفتتاح جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا الموضوع كان الرئيس بري حريصاً جداً عليه بحيث أنه لن يقفل المجلس النيابي حتى يتصاعد الدخان الأبيض. لم يعد لدينا ترف الوقت ولم يعد لدينا مجال للتأخير. انحلال الدولة كل يوم عن يوم يزيد، كل يوم عن يوم هناك تدهور من خلال ما نلاحظه يومياً على الأرض”.

في المقابل، رأى تكتل “الجمهورية القوية” في بيان غداة اجتماعه عبر “زوم” أن “من المعلوم أنّ الحوار في الموضوع الرئاسي يعني الخروج عن نص دستوري والذهاب في اتجاه تكريس عرف جديد خلافاً للدستور، لأن الانتخابات الرئاسية تحصل في البرلمان وفقاً للآليات الانتخابية المعروفة، ومن الواضح أن الممانعة التي انتزعت الثلث المعطِّل في اتفاق الدوحة خلافاً للدستور، تسعى الى تكريس الميثاقية المذهبية بدلاً من الميثاقية الوطنية المسيحية – الاسلامية، وتريد اليوم عن طريق الاصرار على الحوار أن تكرِّسه مدخلاً لكل انتخابات رئاسية بدلاً من البرلمان، ما يعني إبطال دور مجلس النواب وإلغاء العملية الانتخابية”.

واعتبر أن “الاصرار على الحوار هو لتغطية معادلة مرشحي أو الشغور ومحاولة تجميلها، لأن هذه المعادلة في ظل عدم القدرة على ترجمتها وتبريرها تضعه في الموقع الذي يجاهر فيه بفرض رئيس بشروطه وإلا الفراغ، فقرّر استبدالها بالحوار من دون أن يتنازل عن معادلته، ظناً منه أنه بهذه الطريقة يحشر خصومه ويبرر تعطيله”، مؤكداً أن “المطلوب دائماً تطبيق الدستور لا اعتماد مقايضات تؤدي إلى مزيد من نسف هذا الدستور على طريقة أعطوني حواراً وخذوا جلسات مفتوحة، فيما الدستور يقول بجلسة انتخابية واحدة على دورات متتالية حتى يتم انتخاب الرئيس”.

وأعلن عضو كتلة “تجدد” النائب أديب عبد المسيح في تصريح عبر “لبنان الكبير” أنه يحاول التوفيق في وجهات النظر بين المعارضة من جهة، والثنائي الشيعي من جهة أخرى، من خلال مبادرة سيطرحها يوم الجمعة المقبل، تقتصر على أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ويجري الحوار بين الدورات داخل المجلس، ومن الممكن أن تتم هذه الدعوة بوجود المبعوث الفرنسي الخاص جان إيف لودريان كضيف في مجلس النواب، وبإمكانه أن يقدم وساطة معينة بين الجلسات.

وأشار عبد المسيح الى أن هذه الدعوة ناقشها البارحة مع عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني وكان جوابه “مش غلط، وكتير منيحة”، مؤكداً أن “هناك اجتماعاً اليوم (امس) داخل كتلة تجدد لعرض هذا الطرح، ومن ثم ستجري مناقشته مع الكتائب والرئيس بري في الأيام المقبلة”.

وبعد الخلاف حول الحوار بين معراب وبكركي، أجرى رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع اتصالاً هاتفياً بالبطريرك الراعي، وتداولا في آخر مستجدات الوضع العام في لبنان وخصوصاً ملف انتخابات رئاسة الجمهوريّة.

في شأن آخر، أطلق وزير الاشغال العامة والنقل علي حميه امس، من أرض مرفأ بيروت، المزايدة العمومية لبيع مخلفات الانفجار من معادن وخردة (Metal Scrap) في المرفأ، وذلك ضمن خطة إعادة إعماره التي سبق الاعلان عن بدء اجراءاتها التنفيذية ضمن الامكانات المتاحة لادارة المرفأ، في حضور كل من رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب سجيع عطية، رئيس هيئة الشراء العام جان العلية ورئيس مجلس إدارة المرفأ عمر عيتاني وأعضاء المجلس.

شارك المقال