“حدود” الرئاسة تتحرك… بروفة جديدة لمصالحة الجبل

لبنان الكبير

تحركت حدود الرئاسة بوضوح أمس. الشغور الممتد منذ أحد عشر شهراً، كان حاضراً بقوة في خلفية مشهد البروفة الجديدة لمصالحة الجبل، ولـ”حرب الردة” الجديدة في عين الحلوة، فيما قنص “حركي” على ميرنا الشالوحي من عين التينة… بين كل هذه التفاصيل، كان قائد الجيش العماد جوزيف عون يحتفل بإعلان حدود لبنان الشرقية في جرود عرسال ورأس بعلبك خالية من مخلفات الحروب، مؤكداً استمرار المؤسسة العسكرية في تنظيف بقية الأراضي اللبنانية، وبذل كل جهودها لمنع التهريب والنزوح غير الشرعي لكن الوضع على الحدود “ينذر بالأسوأ قريباً”.

بين كلام عن ارتفاع حظوظ “العماد” رئاسياً وكثرة التصويب على “ثغور” النزوح السوري، يبدو أن الأمن راهناً ووشيكاً سيكون ورقة في اليانصيب الرئاسي الموصول بأكثر من منصة خارجية.

وفي الجبل حيث حيّا رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط تأييد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لدعوة الحوار، صوّب على من يتحدثون عما يسمّى “مواصفات الرئيس”، فيما بدت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار كما لو أنها تتعرض مجدداً لرفض مسيحي. فبعد أن كان “التيار الوطني الحر” في وارد قبول الدعوة، صوّب رئيسه جبران باسيل في عشاء هيئة التيار في البترون، على رئيس المجلس، رافعاً ورقة الميثاقية مجدداً، الأمر الذي اعتبرته عين التينة تراجعاً عن تلبية دعوة الحوار.

وفي المختارة حيث كان الاستقبال الكبير الذي وضع خططه جنبلاط للبطريرك الراعي، استهل جنبلاط الكلام بتوجيه التحية الى الراعي لتأييده الدعوة إلى الحوار، غير أنه لم يوفر في انتقاده القوى السياسية المعارضة للحوار، وتحديداً القوى المسيحية، قائلاً: “وكأن المطلوب أن يتعلم المجلس النيابي دروساً في النحت أو الخياطة. يأتينا وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان بالتزامن مع زيارة رجل الترسيم آموس هوكشتاين، وكلاهما صرحا بتأييدهما لانجاز الانتخابات الرئاسية، ممتاز، كيف؟ فهل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيد هوكشتاين؟ وهل يمكن تسهيل الانتخابات يا سيد عبد اللهيان؟”.

أما في الاحتفال الذي أقيم برعاية قائد الجيش وحضور سفراء الولايات المتحدة الأميركية واليابان وهولندا وكوريا الجنوبية، ومحافظ البقاع بشير خضر، ومدير برامج المجموعة الاستشارية للألغام MAG ومدير المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام العميد الركن جهاد البشعلاني، إضافة إلى ممثلين عن الدول المانحة والمنظمات الدولية والوطنية العاملة في مجال نزع الألغام، فقال العماد عون: “إن وقوف الدول الصديقة إلى جانبنا، وكذلك المنظّمات غير الحكومية بمختلف إمكاناتها، ساعدنا بصورة ملحوظة في إنجاز المهمّة. بفضل هذا الدعم، بدأ الجيش عملية تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من الأجسام المتفجرّة فور استعادتها من يد الارهاب، ما سهَّلَ استحداث مراكز عسكرية على طول الحدود، وربط هذه المراكز بشبكة طرقات واسعة تمّ وضعها بتصرّف أبناء المنطقة للوصول الى أراضيهم بسهولة وأمان”.

أضاف: “انتشارنا هنا على طول الحدود تتخلله صعوبات كثيرة سواء طبيعة المنطقة الجغرافية أو نقص العديد، لكنّ عسكريينا يبذلون قصارى جهودهم لحمايتها ومنع عمليات التهريب والنزوح غير الشرعي. يتعرّضون لشتّى أنواع الشائعات والاتهامات بالتقصير فيما الحقيقة تثبتها الوقائع اليومية بالجهود الجبّارة التي تقوم بها الوحدات المنتشرة على الأرض”.

ودعا “كلّ مشكّك الى زيارة الحدود والاطّلاع ميدانياً على الوضع الذي ينذر بالأسوأ قريباً، وكفى تنظيراً واتّهامات باطلة وليقفوا خلف الجيش، لأنه كان صمّام الأمان للبنان وسيبقى كذلك، ولن يحيد عن قسمه وواجباته”.

وبعد أن كان “التيار الوطني الحر” في وارد قبول دعوة بري إلى الحوار، تحدث رئيسه في عشاء هيئة التيار في البترون، مصوباً على رئيس المجلس، ورافعاً ورقة الميثاقية مجدداً، في خطوة واضحة للتراجع عن القبول بالحوار، فتولى معاون رئيس المجلس النائب علي حسن خليل قصف ميرنا الشالوحي، بعيارات من نوع زجل العم والصهر، وقدائف البطولات الوهمية، ما يعتبر مؤشراً على فشل مبادرة الحوار، وهنا يكون السؤال هل يدعو بري إلى جلسات مفتوحة حتى من دون الحوار المسبق؟

ولكن غاب عن عين التينة حاملة لواء الطائف التعليق على الكلام الذي يضرب الاتفاق، بحيث طالب باسيل بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، في صمت مريب لبري هذه الفترة عن كل ما يمس بالطائف نتيجة حوار “حزب الله” والتيار.

من النار السياسية إلى زخات الرصاص والقذائف التي طالت صيدا والجوار بعد تجدد المعارك في عين الحلوة، وسقوط كل اتفاقات وقف إطلاق النار. وفيما اعتبر مصدر واسع الإطلاع في حديث مع “لبنان الكبير” أن “المشكلة لن تحل حتى لو حصلت مصالحات واتفاقات، ويمكن أن تعود الاشتباكات في أي لحظة فالعقدة في المخيم هي بالأمن الذاتي وتفلت السلاح فيه، وعدم بسط سلطة الدولة عبر قواها الأمنية، وقبل نزع سلاح المخيمات وتسلم الدولة اللبنانية الأمن فيها، ستبقى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت”.

في المواقف، أكد عضو تكتّل “الجمهورية القوية” النائب جورج عدوان، خلال جولة الراعي في الجبل أن، البطريرك “لم يربط الحوار بالبرلمان ولا بالجلسات المتتالية”، مشيراً إلى”استمرار التنسيق مع غبطته”. أضاف: “فلتتم غداً صباحاً الدعوة الى جلسات انتخاب متتالية وسنحضر أكيد”. ولفت إلى أن “الكلام عن العرقلة بعيد عنا كل البُعد”، سائلاً: “هل من الممكن أن يكون من يحضر جميع الجلسات ويبقى فيها هو المعرقل؟”.

في المقابل، اعتبر رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك أن “الشراكة بذاتها تقتضي الحوار والإنفتاح والتفاهم وقبول الآخر، من منطلق الحفاظ على الشراكة والمصلحة الوطنية، بعيداً من إملاءات الخارج وتدخلاته، التي لا تتحقق معها المصلحة الوطنية والسيادة والاستقلال”.

وسأل “ما الذي يمنع الاستجابة لدعوة الحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي، ويدلي كل فريق معني بدلوه؟ اتقوا الله أيها المسؤولون بحفظ الوطن وسيادته”.

وكان باسيل اعتبر دعوة بري تقليدية وصيغتها ملتبسة وأن فيها نية لتطيير المبادرة الفرنسية، ورد عليه النائب علي حسن خليل في بيان قائلاً: “بين زجل العم والصهر… وجولات الأُنْس، تتبدل المواقف بين عشاء واَخر. ليس غريباً على من يتقن فن تعطيل مصالح البلاد والعباد أن يبدل ترحيبه بمبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية وينتقل الى نغمة الشروط والأولويات، وإثقال المهمة بنقاش عبثي ليس الا لتطيير الحوار وحرفه عن وجهته. وبعد أن شعر بحجم التجاوب الكبير مع المبادرة والتي خلقت دينامية مؤيدة للنهج الحواري ولدور الرئيس بري فيه، انتقل بالأمس الى تحليل خلط فيه عن سابق تهور الأمور ببعضها، وافترض التضارب بين الدور الفرنسي والمبادرة، لينتقم من الايجابيات التي تولدت في البلد . وكاد يقول كما المريب خذوني لتعطيل الحوار … وليغطي انقلابه على ما كان يفترض أنها قناعاته الوطنية والسياسية وتحالفاته، الى تقاطع المصالح الضيقة التي أخّرت وعقّدت ولا تزال الوصول الى انتخاب الرئيس العتيد. وعلى مقلب نشيد البطولات الوهمية الذي يكرره بوقاحة في التدقيق الجنائي وهو الذي فضح أولاً ممارساته ومسؤوليته، وأدانه ببحر من مليارات الفساد والادارة السيئة له ولمستشاريه من الوزراء التابعين، والعقود المشبوهة من البواخر الى الفيول وصولاً الى الهندسات التي تبناها زلينسكي العم واقتراحه و الصهر معه خلافاً لكل الادعاءات التجديد بدلاً من التمديد لحاكم البنك المركزي والمحاضر تشهد…

وللحديث تتمة”.

شارك المقال