لودريان يخرج عن “الخماسية”… فرنسا تخسر ساحة جديدة

لبنان الكبير

فرنسا التي تخسر دورها كقوة إقليمية مؤثرة في عدد من الدول النامية، تبحث اليوم عن إعادة إحياء لهذا الدور في لبنان، الذي تراجع بصورة حادة مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005. والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي تشهد بلاده أزمات عدة، ويكافح للبقاء في سدة الحكم، لا يجد أمامه مصالح إقليمية إلا مع إيران المحاصرة غربياً، وتبحث عن منفذ تستطيع التنفس عبره، وقد وجدت ضالتها في ماكرون، الذي ينفذ لها مصالحها حتى من دون أن تطلب، والدليل على ذلك انقلابه على بيان اللقاء الخماسي حول لبنان، وتبني مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعية الى الحوار، التي سقطت بمجرد رفض المعارضة لها، بينما بيان “الخماسي” يطالب باحترام الدستور وآلياته، ولا ينفذ ذلك إلا عبر جلسات نيابية مفتوحة، لا عبر تثبيت أعراف جديدة لا تمت الى الدستور بصلة.

ويبدو أن المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان على تمام المعرفة أنه في زيارة وداعية، لذلك تبنى وجهة نظر الممانعة، كتودد من الاليزيه إلى طهران، في رسالة تفيد بأن فرنسا لا تزال على موقفها ومصالحها معها أهم من لبنان وإرادة شعبه ونصوص دستوره، فهل كان لودريان ليقبل أن يحصل حوار للاتفاق على رئيس في بلده الأم الذي كان له دور رئيس في وضع أسس الديموقراطية عالمياً؟ وهل كان سيقبل أن يتم الدوس على الدستور الفرنسي لرغبة دول خارجية ومصالحها؟ بالطبع لا، فلو قبل هو أو ماكرون بذلك لأسقطهما شعبهما، وحاكمهما بتهمة الخيانة.

وكانت لافتة بمؤشراتها الدعوة التي وجهها السفير السعودي وليد بخاري للقاء مع المبعوث الفرنسي في اليرزة يوم غد الخميس، وتم الاتصال بالنواب السنة لحضور هذا اللقاء لكي يكونوا على بينة واضحة من الموقفين السعودي والفرنسي في الملف الرئاسي. وعلم موقع “لبنان الكبير” أن اللقاء سيكون بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان.

ووزعت السفارة الفرنسية في لبنان بياناً عن زيارة لودريان أشارت فيه الى أنه سيجري محادثات جديدة تندرج في سياق المباحثات التي أجراها خلال مهمتيه السابقتين، و”سيؤكد ضرورة الخروج من الأفق السياسي المسدود حالياً، وسيتطرق مع جميع الجهات الفاعلة، إلى المشاريع ذات الأولوية التي ينبغي لرئيس الجمهورية الجديد أن يعالجها بغية تيسير بلورة حل توافقي في البرلمان وسد الفراغ المؤسسي”.

واستهل لودريان لقاءاته مع المسؤولين من السراي الحكومي، حيث إستقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي جدد موقفه بأن “بداية الحل للأزمة الراهنة في لبنان تقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان واتمام الاصلاحات الاقتصادية، لا سيما المشاريع الموجودة في مجلس النواب، لوضع البلد على سكة التعافي”. فيما أكد الموفد الفرنسي أنه آت الى لبنان لاكمال مهمته، ولن يبدي رأيه قبل استكمال الاتصالات واللقاءات التي سيقوم بها، آملاً في “أن تكون المبادرة التي أعلن عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري بداية مسار الحل”.

وفي عين التينة أفيد بأن لودريان قال لبرّي: “ندعم مبادرتكم الحوارية ونقول الحوار ثم الحوار ثم الحوار”، في حين أكّد بري أن “وجهات النظر متطابقة مع الموفد الرئاسي الفرنسي بأن لا سبيل الا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الإستحقاق الرئاسي. وهذا ما هو متاح حالياً لمن يريد مصلحة لبنان”.

بعدها استكمل لودريان جولته، والتقى قائد الجيش العماد جوزيف عون في اليرزة، ثم توجه إلى بنشعي للقاء رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، قبل أن يزور رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في ميرنا الشالوحي، على أن يستهل لقاءاته اليوم صباحاً مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، وبعدها سيتوجه إلى معراب ليلتقي رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعحع، ثم ينتقل إلى الصيفي للقاء رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل وبعدها يجري لقاءات مع عدد من نواب التغيير والمستقلين.

أمنياً، لم تهدأ نار عين الحلوة على الرغم من كل الوساطات، وعند كل اتفاق لوقف اطلاق النار، يخرق مجدداً. وقد اشتدت بعد ظهر أمس الاشتباكات، مع اطلاق نار كثيف، وطاول الرصاص مبنى الجامعة اللبنانية وإحدى المطابع من دون تسجيل اصابات. وطلبت القوى الأمنية من المواطنين عدم سلوك أوتوستراد صيدا – الجنوب بسبب القذائف والرصاص الطائش جرّاء اشتباكات المخيم، حيث شنت الجماعات المسلحة المنضوية تحت “جند الشام” هجوماً كبيراً على كل المحاور واشتدت وتيرة المعارك. وأفادت المعلومات أن جريحاً لحركة “فتح” توفى ما يرفع عدد قتلى الاشتباكات الى عشرة.

وفي شأن أمني آخر، أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أن “وحدات من الجيش أحبطت، في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي، محاولة تسلل نحو 1250 سورياً عند الحدود اللبنانية – السورية”، ويأتي هذا الاعلان بعد تطيير جلسة مجلس الوزراء المخصصة للنزوح.

اقتصادياً، أقر مجلس الوزراء برئاسة الرئيس ميقاتي، مشروع موازنة 2024. وبعد الجلسة، قال ميقاتي: “إقرار موازنة 2024 إنجاز وبطولة”. أضاف: “إعادة هيكلة المصارف من أهم القوانين المُدرجة في مجلس النواب وحريصون كل الحرص على تخطي هذه المرحلة الصعبة والمطلوب التعاون من الأطراف كافة”. كما رأى أن “لبنان لا يمكن إنقاذه من هذه المرحلة الصعبة إلا بتشابك الأيدي”، داعياً إلى “مواصلة عقد جلسات حكومية، وإقامة ورشة مع المجلس النيابي تخص ملف النزوح لأن هذا الموضوع يخص اللبنانيين جميعاً”.

شارك المقال