الوزير يحاول كسر “السنّة” في الأمن الداخلي

لبنان الكبير

لم يتبقَ للبنان مؤسسات تمنع البلد من الانزلاق إلى الدمار الشامل غير المؤسستين العسكرية والأمنية، بعد أن انهارت باقي المؤسسات الواحدة تلو الأخرى من الدستورية إلى المالية والاقتصادية. وفي وقت يخيّم هاجس الفراغ على الجيش في كانون الثاني المقبل، تعرضت المؤسسة الأمنية للقنص من بيت أبيها، وزارة الداخلية، بمعلومات تم توزيعها على وسائل الاعلام من غرف الداخلية بأن الوزير بسام مولوي أعطى قراراً فيه الإذن بملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وذلك في جميع القضايا المرفوعة ضدّه في القضاء العسكريّ والقضاء العدليّ، وهو قرار صدر بعد استبعاد اللواء عثمان عن اجتماع الحكومة بما يخص ملف النزوح السوري. في خطوة كان ينتظرها عونيو قاضية العهد والواقفين عند باب استهداف المؤسسة ك”حزب الله”، وكانت تغريدة وئام وهاب الممانع الداعمة لخيار مولوي “ضمنيا”، اكبر دليل على الجهة المستفيدة من هكذا قرار.

تصرف صادم ومفاجئ يشكل سابقة، ليس لها مثيل منذ عقود، فلطالما حمى وزير الداخلية المدير العام لقوى الأمن، حتى في الحكومات غير الحريرية، إلا أنها المرة الأولى التي يكون فيها الوزير طامحاً الى رئاسة الحكومة، ولذلك ينفذ رغبات قوى الأمر الواقع، أي “حزب الله” وحليفه البرتقالي، حتى من دون أن يطلبا منه ذلك، خصوصا أن معاليه كان حصل على موافقة البلاط العونية “وباس تيريز” بعشاء مع باسيل قبل توليه الوزارة. والقرار الهجين يأتي في سياق إرادة الحزبين، ولعل أبرز معالم مشكلتهما مع عثمان هي إطلاق يد قاضية عهد جهنم غادة عون لتلاحقه بدعاوى قضائية.

هي محاولة فاضحة للاستفراد بالمواقع السنية في ظل تعليق تيار “المستقبل” عمله السياسي، باستغلال نقطة ضعف وزير يطمع برئاسة، ولكن محاولته لن تمر بسهولة، فإن ملاحقة عثمان تحتاج الى إذن من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الذي لن يقبل بهذا الاستهداف لمن كان يحارب باللحم الحي من أجل أن تصمد مؤسسة هزها فشل وفساد السياسة التي تسببت بالأزمة المالية والاقتصادية.

قرار مولوي لم يمر من دون استنكار وتنديد، فقد كرت سبحة المواقف المنددة به، وكتب النائب إيهاب مطر عبر منصة “أكس”: “حاولت التواصل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي لاستيضاح ما تم نشره عن إذن لملاحقة اللواء عماد عثمان وعن تغييبه عن اجتماع معني باللاجئين، ولأعبّر عن رفضي المطلق للتعاطي بخفّة مع مؤسسة عسكرية كقوى الامن الداخلي. نتمنى من الوزير مولوي توضيح ما يتم تناقله عنه”.

وتساءل النائب وليد البعريني: “هل هكذا يُكافأ اللواء عماد عثمان، ابن مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بعد المسيرة الطويلة والمشرّفة في مؤسّسة الأمن الداخليّ، والعطاءات التي لا تُحصى، والتضحية التي قدّمها لأجل لبنان؟”

وسأل البعريني وزير الداخلية عبر منصّة “إكس”: “هل اتّصل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل اتّخاذه القرار وتشاور معه، أو إنّه اكتفى بالتواصل مع النائب جبران باسيل وسارع إلى تنفيذ تعليماته؟”، معرباً عن أسفه لأنّ “بعض أبناء الطائفة السنيّة يستسهل طعن أبناء هذه الطائفة لاعتبارات خاصّة. وكأنّ هذه الطائفة ينقصها المآسي والغدر والطعنات!”.

وكتب النائب السابق محمد الحجار، على منصة “اكس”: “ما المصلحة في تغييب مؤسسة قوى الأمن الداخلي عن الاجتماع الذي عُقد في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، لبحث ملف النزوح السوري؟ وما الحكمة في هذا الذي يحصل مع اللواء عماد عثمان الذي يُدير وبكفاءة عالية واحدة من أهم الأجهزة الأمنية في البلد؟ خافوا وإتقوا الله فينا وبهالبلد”.

كما شهدت منصات مواقع التواصل حملة داعمة لعثمان من نواب حاليين وسابقين ومشايخ، فيما حاولت الغرفة التي اغرقت مولوي بأحلام الرئاسة الدفاع عنه.

أمنياً، ساد الهدوء التام محاور القتال داخل مخيم عين الحلوة بعد اتفاق وقف اطلاق النار الذي لا تزال مفاعيله سارية وصامدة في وجه التحديات الأمنية والسياسية. ودخل الاتفاق الذي رعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري حيز التنفيذ عند السادسة من مساء أول من أمس.

سياسياً، اختتم المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان جولته بزيارة عين التينة حيث التقى الرئيس بري وغادر من دون الادلاء بتصريح. الا أن المعلومات أشارت الى أن الموفد الفرنسي في صدد العودة خلال أيام الى لبنان لعقد اجتماع في قصر الصنوبر مخصص لبحث الأجوبة التي تلقاها من الأطراف السياسية، قد يكون بديلاً من الحوار الذي كان يريد الفرنسيون وبري أيضاً عقده. إلا أن أجواء عين التينة أكدت أن مبادرة الرئيس بري قائمة وكذلك الدعوة الى الحوار.

ورأى عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حمادة أن “حصيلة جولة لودريان، لم تحرز تقدّماً يؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولكننا لم نعد إلى نقطة الصفر”. واعتبر في حديث اذاعي أنّ “ما جرى هو شبه اتفاق يقوم على التخلّي عن المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور والبدء بالبحث عن مرشّح ثالث”.

شارك المقال