من عين التينة… الى قصر الصنوبر… الى نيويورك ومحاولة قطرية

لبنان الكبير

يتغير الحال ويتبدل في لبنان كل لحظة، فعند أول لقاء للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في عين التينة أيد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية، مشيراً الى أهمية الحوار ثم الحوار، وهذا ما جعل فريق الممانعة يعوّل على زيارة لودريان الثالثة، الى حين إستشعاره عن بعد تراجع روحية تأييد لودريان للحوار بحيث إستبدل هذه الكلمة قبل مغادرته بمصطلحات عدّة منها نقاش أو تشاور ليبقى الحال نفسه، فلا رئيس ولا بصيص أمل يُخرج الشعب اللبناني من محنته العالقة الصعبة.

وبعدما غادر لودريان واعداً بزيارة رابعة الى لبنان، فضل الداخل الاستمرار في اعتماده على القوى الخارجية، فانتقلت الأنظار الى نيويورك حيث يُفترض أن تحضر الأزمة الرئاسية في كواليس الاجتماع الذي يعقده ممثلو الخماسي الدولي، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، علّه يخرق السوداوية المهيمنة على الواقع الرئاسي اللبناني. وفي الجانب الآخر بدأ الحديث عن دخول قطري على خط الرئاسة، وفي هذا السياق، أكدت أوساط من المعارضة عبر “لبنان الكبير” أن “هناك تواصلاً قطريا بدأ في الأيام الماضية مع رئيس أحد أكبر الكتل المسيحية، لكن هذه الاتصالات تحدث وسط تكتم كبير”. ليبقى المؤكد أن حوار بري برسم الخارج مع العلم أن البيان الخماسي السابق لم يتطرق الى أي كلمة “حوار”.

وتأكيداً على تمسك الثنائي الشيعي بمساعي بري الأخيرة، أكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم أنّ “هناك حاجة الى النقاش أو الحوار للخروج من المأزق وعندما دعا الرئيس بري الى الحوار لم تكن هناك أي شروط”.

وفيما البلد عالق في مهزلة التجاوزات الدستورية الحاصلة، جدد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الثقة بنفسه، وانتخب نفسه رئيساً للتيار بالتزكية للمرة الثالثة، معتبراً أن لا أحد كان مستعداً لخوض معركة انتخابية محسومة شعبياً، وحاضرة بالعفة والديموقراطية التي يشتهر بها. وذكر أعضاء التكتل بأن “الاعتراض لا يحدث في الصالونات ولا في الاعلام، وعندما يصدر القرار على الكل الالتزام به والذي لا يلتزم يضع نفسه تحت المساءلة وصولاً الى خروجه من التيار”، وهذا ما حدث مع عدد كبير من كوادر التيار القدامى وآخرها مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب. كما تحدث باسيل عن العيش المشترك، متوهماً أن الشعب لا يدرك من هو باسيل الطائفي وصاحب النظريات التقسيمية والصناديق الائتمانية.

وأكد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي خلال كلمة في عشاء رعية السيدة في ملبورن، أن “المشكلة الأساسية هي إنعدام الثقة بالمسؤولين”، معتبراً أن “جوهر مشكلتنا في لبنان هو انعدام ثقة المسؤولين ببعضهم البعض بكل أسف، والشعب لم يعد يثق بلبنان، لقد فقدوا الثقة لأنهم غير مخلصين لبعضهم البعض فلكل مصلحته المؤمنة وهم لا يريدون البحث حول الطاولة عن ايجاد حل لمشكلة لبنان وما من أحد بينهم يريد الخسارة”.

أضاف الراعي: “عند فقدان الثقة يكون الخطر كبيراً جداً فهي عنصر أساس في الحياة الا أنه مفقود في لبنان وهذا أمر مؤسف جداً، ويبقى الأمر الأساسي المذكور في مقدمة الدستور والذي ينص على أن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه ولكن للأسف أبناؤه ليسوا جميعاً للبنان وهذا أمر مخزٍ… وبالنسبة الينا ككنيسة ثقتنا كبيرة بلبنان وبجميع اللبنانيين ونعمل بشكل دؤوب للحفاظ على هذه الجوهرة في الشرق ولا يمكننا على الرغم من كل الصعوبات أن نرمي سلاح الايمان ونعمل ليلاً نهاراً للحفاظ على وطننا الذي جعله الله مميزاً في محيطه”.

وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظة الأحد: “نحن شعب اعتاد حمل صليب عظيم في بلد اختصاص مسؤوليه هو إثقال كاهل الشعب بدلاً من تأمين الحياة الكريمة والآمنة له. ومنذ عقود يحمل شعبنا الصليب تلو الآخر، ولم يشهد قيامة بعد، الحروب والاغتيالات والتفجيرات، وآخرها تفجير قلب بيروت، نهب الأموال وتدمير الاقتصاد والتربية والقطاع الاستشفائي وسائر القطاعات الحيوية، كلها يتحملها الشعب وما من خطة إنقاذ تنهض ببلد منكوب وشعب أرهق تحت ثقل خطايا مسؤوليه وزعمائه”.

وتساءل عودة: “هل من بلد في العالم يرتضي مثل هذا الوضع؟ هل يستحق اللبناني كل هذا؟”، معتبراً أن “شعبنا ربما أخطأ، كالعادة، في اختيار من يمثله، كما يخطئ في عدم رفع الصوت مطالباً بمحاسبة عادلة وشفافة يصل من خلالها إلى قيامة وطن يستحقه أبناؤه، وقد يكون خطأه الأكبر أنه تبع بشراً غير أهل للثقة عوض اتباع المسيح”.

أما أمنياً، فانتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه مواطن مسلح في مدينة جونيه أقدم على إطلاق النار في الهواء لتسارع مخابرات الجيش وتلقي القبض عليه. ولاحقاً، أصدرت قيادة الجيش – مديرية التوجيه بياناً جاء فيه: “بتاريخ 17/ 9/ 2023، أوقفت وحدة من الجيش تؤازرها دورية من مديرية المخابرات في مدينة جونيه المواطن (ج.ح.) لإقدامه على إطلاق النار في الهواء وترويع المواطنين، وضبطت في حوزته سلاحاً حربياً نوع كلاشنكوف و16 رمانة يدوية وكمية كبيرة من الذخائر الحربية والأعتدة العسكرية، وأعلاماً حزبية. كما سُلمت المضبوطات وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص”.

شارك المقال