درس من “الشرعي” بالديمقراطية… نيران رئاسية متبادلة وباللجوء “ما حدا قادر يعمل شي”

لبنان الكبير

انقسم المشهد مع نهاية الأسبوع إلى اثنين، الأول انجاز انتخابات المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى التي جرت في بيروت والمناطق اللبنانية كافة، في جو ديموقراطي نادر في المؤسسات الدينية اللبنانية، والثاني مشهد المواجهات بين الجيش اللبناني ومجموعات من أهالي بلدة اللبوة البقاعية على خلفية مقتل أحد أبنائها على حاجز للجيش لم يمتثل له. مشهدان متناقضان في الحياة اللبنانية، الأول يعني النظام والديموقراطية، والثاني يظهر مفهوم الفوضى وشريعة الغاب، وللبنانيين أن يختاروا أي مشهد يريدون، بعدما باتت الفوضى في لبنان تفرض نفسها على يوميات لا تؤشر الى مستقبل مستقر.

أما في السياسة فالأمور على حالها، الفراغ يقارب إطفاء شمعة سنته الأولى، فيما تنتظر القوى السياسة الضوء الأخضر الخارجي لانجاز استحقاقها مكملة في مسيرة ضرب الدستور وخلق البدع الجديدة. الثنائي الشيعي يلعب: “واحد بيشد وواحد بيرخي”، فبينما يرحب نواب حركة “أمل” ومسؤولوها بالمبادرات، يشن زملاؤهم في “حزب الله” هجوماً على الفريق الآخر، معتبرين أنهم أصبحوا “عبئاً ثقيلاً على البلد”، وهو موقف استعلائي الغائي من الحزب المسيطر على قرار الدولة. ويكمل طريقه بمعادلة “ما لنا هو لنا وما لكم هو لكم ولنا”.

ويبقى الملف القابل للانفجار، هو ملف اللجوء السوري الذي بات يفرض نفسه على الواقع اللبناني، وسط تخوف من دخول طوابير ظلامية للعبث والايقاع بين اللبنانيين والسوريين او دفع الدولة اللبنانية الى خيارات متفجرة من شانها تفجير البلد معها. وبرزت حال الدولة أمس خلال اطلالة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب ووزير المهجرين عصام شرف الدين، وكلامهم المسيء للبنان وحكومته. وبين “وقف حكي” من الخارجية و “لسانك طويل” من المهجرين اتضح حجم السطحية التي يتم التعاطي فيها مع الملف.

ومن المفترض ان يعتز بو حبيب على زيارة دمشق من أجل الملف، تساءلت أوساط مطلعة في حديث لموقع “لبنان الكبير” عن “جدوى الزيارة، طالما أنه لا خطة للدولة اللبنانية للتعامل مع النزوح، وبالتالي الزيارة هي مضيعة للوقت وضحك عالدقون، وستساهم في تعويم النظام السوري، وقد يكون هذا هو الهدف الحقيقي منها”. وقالها ايضا بو حبيب بنفسه: “ما حدا بيقدر يعمل شي والي بحب يطلع عسوريا يتفضل”.

وأشارت الأوساط إلى أن “التنسيق مع نظام الأسد لا جدوى منه، فهو الذي لا يريد عودة النازحين، وأكبر دليل هي المبادرات التي قام بها المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بحيث كان النظام يشطب 90% من أسماء النازحين الراغبين في العودة، ويحاصر الـ 10% الذين يعودون، ويمارس الترهيب بحقهم”، مستغربة كيف أن “هناك من يحمل لواء الخطر من النزوح، بينما يعطل جلسات الحكومة التي تناقشه”. وتابعت:” لماذا يغيب عنا ان النظام هو من يسمح لقوافل السوريين بالتوجه نحو لبنان وتجاوز الحدود السورية؟ “.

الى ذلك، جرت أمس انتخابات المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، التي صادق على نتائجها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي عليه أن يعيّن ثمانية أعضاء خلال فترة 15 يوماً. وفاز في الانتخابات عن محافظة بيروت: محمد مكاوي، وسيم المغربل، زياد الصاحب، عبد الحميد التقي، مازن شربجي، طلال بيضون، عبد الله شاهين وفؤاد زراد. عن محافظة الشمال: فايز مصطفى سيف، بلال بركة، أحمد عبد الأمين، مظهر الحموي، أسامة طراد، منذر حمزة ووائل زمرلي. عن محافظة عكار: كفاح الكسار. عن محافظة جبل لبنان: رئيف عبد الله وحمزة شرف الدين. عن محافظة البقاع: محمد العجمي ويونس عبد الرزاق. عن قضاء صيدا بالتزكية: عبد الحليم الزين، موفق الرواس وفايز بعاصيري. وعن قضاءي حاصبيا ومرجعيون بالتزكية: نزيه حمد.
وهنأت القوى والشخصيات الفائزين، متمنية لهم التوفيق والمثابرة على وحدة الصف السني.

أما سياسياً فقد توزع مسؤولو الثنائي الشيعي بين مرحب بالمبادرات، ومهاجم للمعارضة، وبينما كان عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب هاني قبيسي يؤكد “أننا مع أي مبادرة تأتي بالحل في لبنان فيخرج المواطن من أزمته وتوضع خطة اقتصادية، وينتخب رئيس وتشكل حكومة”، وزميله قاسم هاشم يشير الى أن هناك آخرين غير سليمان فرنجية يحمون ظهر المقاومة، كان عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق يهاجم المعارضة بكلام عالي النبرة، قائلاً: “جماعة التحدي والمواجهة بمشاريعهم الخاسرة والمغامرات غير المحسوبة وبإفشالهم المبادرات والتوافقات، صاروا عبئاً ثقيلاً على البلد، لأنهم هم سبب كل هذه الأزمات، ولا يريدون الحل”.

ورأى قاووق خلال احتفال تأبيني، أن “هناك مسارين أمام اللبنانيين، المسار الأول وهو التوافق والتفاهم لإنقاذ البلد، والمسار الثاني وهو رفض التوافق والتفاهم والحوار وجر البلد إلى المواجهة”، متسائلاً: “هل يكون إنقاذ البلد بالفتنة والتعطيل وبإفشال المبادرات؟”.

كلام قاووق استدعى رداً من رئيس “حركة التغيير” ايلي محفوض الذي قال في بيان: “الشيخ نبيل قاووق يهدد علناً ويعتبر من يخالفه الرأي عبئاً ثقيلاً على البلد، بدورنا نحمّل صاحب هذا التهديد ومن يقف وراءه مسؤولية مباشرة لأي ترهيب أو إعتداء قد يطالنا، فهذه المنظمة المسلحة التي باتت تلعب على المكشوف لم تعد تقيم أي اعتبار لمكونات المجتمع اللبناني”.

أضاف: “يا شيخ قاووق اعلم أن منظمتك المسلحة المعاقبة والمحظورة دولياً بعدما دمرت الجمهورية اللبنانية وأقامت كونتونها الديني الراديكالي لم يعد تنظيمكم هذا مرغوباً به لدى كل الشرائح، ولا تنسى تورطكم باغتيال رئيس حكومة لبنان، لذا اخجلوا وأوقفوا المكابرة علينا لأنكم بالمعاصي ابتليتم فاستتروا”.

وفي السياق نفسه، توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الى “جماعة السياديين” بالقول: “كفانا صراخاً وندباً، والحل بتسوية رئاسية – بعيداً من العصا الأميركية – للشجعان فقط، والمطلوب زعامات حرة لا زعامات مستأجرة، والرهان على الخارج مقامرة وخسارة لمن يقامر، وزمن المطابخ الخارجية انتهى، والخرائط مكشوفة جداً، بما في ذلك عسكرة المشاريع ولعبة الواجهات وكثير من المستور، وما يعتقد البعض أنه طريقة لإغراق لبنان وتفخيخه سيتحول كارثة عليه وعلى مشاريعه، واللعب مع لبنان يختلف عن اللعب مع كل دول الإقليم، ولن نتنازل قيد شعرة بمصالح لبنان السيادية، ولبنان مركز ثقل إقليمي وزمن استضعافه انتهى، وقوة لبنان لا سابق لها، والحل فقط بمطبخ مجلس النواب”.

عودة

وأبدى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أسفه لـ “بعض ما يسمع عن لسان الزعماء والمسؤولين الذين يتهم واحدهم الآخر ويتبادلون اللوم والتعيير والإدانة، مدفوعين بغايات ومصالح لا تفيد البلد ولا تخرجه من الهوة الواقع فيها”، لافتاً الى أن “كل طرف يلقي بتهمة تعطيل انتخاب رئيس على عاتق الآخرين”. وقال: “قد يكون الأمر صحيحاً ولكن من منهم يسهل الأمر، تاركاً مصالحه وشروطه وارتباطاته، داعياً فقط إلى تطبيق الدستور وانتخاب رئيس يكون قائداً وملهماً، صاحب رسالة إصلاحية، لا زعيماً يتبعه الناس ظالماً كان أو مظلوماً؟ الأخلاق، الإنسانية، المحبة، التضحية، العطاء، هذه تنقصنا في هذا البلد لكي نتمكن من النهوض”.

واعتبر أن “الدول المهتمة بلبنان منزعجة من تصرف الأطراف كافة، وتتساءل عن جدوى استمرار اهتمامها بلبنان، فيما يتمادى المسؤولون في عدم تحمل المسؤولية، وفي إطالة عمر الفراغ”، متسائلاً: “عوض الاستفاضة في وضع الخطط والبرامج والأولويات للرئيس العتيد، أليس أجدى للبلد أن ينتخبوا هذا الرئيس ويتركوه يعمل مع حكومته؟.”

باسيل

وخلال جولته البقاعية، أشار رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى “أننا غير مستعدين لأن نكونفي بأي حوار معلّب ومفروض بشروطه يوصلنا الى مسرحيّة ممجوجة، يلّي داعي عليها مش مصدّقها – ونحن دائماً مستعدون لأي حوار منتج وجدّي، وليس شكليا ومضيعة وقت. نحن في التيّار، ضحّينا ودفعنا، جرّبنا وتعلّمنا، ولن نقبل بشيئ لا يليق بتضحياتنا وبمستقبل بلدنا. انظلمنا ولا يوم ظلمنا، ولن نكون جزءاً من ظلم بلدنا”.

شارك المقال