المسيّرات تدشن فصلاً جديداً في الحروب السورية… والقضاة الى القضاء

لبنان الكبير / مانشيت

سيطرت المسيرات على السماء السورية أمس، وبدا أنها تفتتح فصلاً جديداً في مسلسل الحروب السورية الطويل، وكان الأبرز والأخطر هجوم على حفل تخريج ضباط في الكلية العسكرية للنظام في حمص، القريبة من لبنان شمالاً، ما أوقع أكثر من مئة قتيل والكثير من الجرحى، ووصفته دمشق بـ”هجوم إرهابي” من دون اتهام طرف محدد، فيما ستكون لمعرفة هذا الطرف تداعيات كبرى على خريطة الصراع التي صارت تستقطب قوى اقليمية ودولية عديدة وسط غيات أي مؤشر على قرب حل سياسي للأزمة المفتوحة منذ قرابة 13 عاماً.

وقال مصدر أمني و”المرصد السوري لحقوق الانسان” ان “ما لا يقل عن 100 لقوا حتفهم اليوم (أمس) الخميس في هجوم على كلية حربية في سوريا بطائرات مسيرة مسلحة استهدفت الموقع بعد دقائق من مغادرة وزير الدفاع السوري حفل تخرج مقام هناك”.

ويعد الهجوم من أسوأ الهجمات على منشآت عسكرية سورية وأكثرها إراقة للدماء، واستخدام الطائرات المسيرة المسلحة فيه غير مسبوق في البلد الذي يواجه حرباً أهلية مستمرة.

وذكرت وزارة الدفاع السورية في بيان أن مدنيين وعسكريين لقوا حتفهم جراء الهجوم على الكلية الحربية في محافظة حمص بوسط البلاد، مضيفة أن جماعات “إرهابية” استخدمت الطائرات المسيرة في شن الهجوم. ولم يحدد البيان منظمة بعينها ولم تعلن أي جماعة بعد مسؤوليتها.

وتعهدت وزارتا الدفاع والخارجية السوريتان في بيانين مكتوبين بالرد بكل قوة على الهجوم. وشنت قوات النظام السوري عدة هجمات شهدت قصفاً عنيفاً لمنطقة تسيطر عليها المعارضة في إدلب خلال يوم أمس.

وبدأ الصراع في سوريا باحتجاجات مناهضة لبشار الأسد في 2011، لكنه تحول إلى حرب شاملة خلفت مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين. وأنهك القتال جيش النظام السوري الذي يعتمد إلى حد كبير على الدعم العسكري من روسيا وإيران بالإضافة إلى مقاتلين تدعمهم طهران من لبنان والعراق ودول أخرى. واستعاد نظام الأسد غالبية أنحاء البلاد، لكن رقعة كبيرة في الشمال المتاخم لتركيا لا تزال خاضعة لجماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك المسلحون المتشددون.

محلياً، أحال وزير عدل “ميرنا الشالوحي” نادي القضاة على التفتيش المركزي، على خلفية البيانات التي يصدرها النادي ويبدي فيها رأيه بشأن القرارات التي تخصّ القضاء. ومثل أعضاء النادي وهم ثمانية قضاة أمام التفتيش المركزي أمس في جلسة تحقيق دامت حوالي الساعتين، والسبب هو انتقاداتهم، في محاولة فاضحة لقمع الرأي الآخر، ومن أهم مؤسسة في الدولة، العدالة.

قرار الاحالة شهد موجة استنكار واسعة من قوى مختلفة، وأصدرت مفوضية العدل والتشريع في الحزب “التقدمي الاشتراكي” بياناً قالت فيه: “كأنها لا تكفي حال التردي التي بلغتها العدالة في لبنان، في ظل التصرفات البوليسية التي تطال في ما طالته الجسم القضائي والحقوقي، بدءاً من مصادرة التشكيلات القضائية، الى تشويه قانون استقلالية القضاء وتفريغ مضمونه والتلكؤ في إصداره، حتى بصورته المشوهة، وصولاً إلى صراع الصلاحيات بين المراكز القضائية الأولى، ليأتي فوق كل ذلك وزير العدل ويستكمل القمع بإصدار قرار بإحالة أعضاء الهيئة الإدارية لنادي قضاة لبنان على التفتيش القضائي، على خلفية مواقفهم المنتقدة للواقع القضائي وللمخالفات القانونية والتنظيمية المرتكبة”.

وكتب النائب مارك ضو عبر منصة “إكس”: “قرار وزير العدل هنري خوري إحالة جميع أعضاء نادي القضاة على التفتيش القضائي بسبب نشر النادي بيانات في وسائل الاعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، هو بمثابة قمع جماعي واستكمال لسياسة كمّ الأفواه وقمع الحرّيات التي تهدف الى إسكات القضاة ومنعهم من الاعتراض على التجاوزات الحاصلة داخل الجسم القضائي”.

وعلق النائب عماد الحوت عبر منصة “اكس” بالقول: “إحالة وزير العدل أعضاء نادي القضاة على التفتيش القضائي تؤكد أهمية سعينا كمجموعة نواب الى تعزيز استقلالية القضاء، لنعبر الى دولة القانون بعيداً عن السلطة السياسية. ‏هل حرية تعبير القضاة هي الهدف أم حرية تعبير الشعب بأكمله؟ ‏كل التضامن مع نادي القضاة في معركة الحريات”.

وفي غياب أي تطور على الصعيد الرئاسي، برز أمس تصريح قائد الجيش جوزيف عون، خلال افتتاحه في قاعدة جونيه البحرية مبنى مدرسة القوات البحرية بعد تشييده بتمويل من السلطات الألمانية، وقال: “يواجه الجيش اليوم تحديات كثيرة ومتزايدة على مختلف الصعد، سواء في الداخل أم على طول الحدود. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية وتداعياتها، إلا أن عناصر الجيش يقومون بواجباتهم بكل اندفاع واقتناع، وعلى أكمل وجه، في كل المهمات الموكلة إليهم برّاً وبحراً وجواً”.

وفي رد سلس على منتقديه الذين يتقدمهم “التيار الوطني الحر”، على خلفية حظوظه الرئاسية، بالاضافة إلى الاعلام المقرب من “حزب الله”، أكد عون أن “أزمة النزوح السوري هي أشد التحديات التي تواجه الجيش حاليّاً، سواء التسلل عبر الحدود البرية أو الهجرة غير الشرعية عبر البحر. لقد ازدادت موجات النزوح في الأشهُر الماضية بصورة لافتة، وحذرنا منها مراراً، وطالبنا الجميع بتحمّل مسؤولياتهم، كلٌّ من موقعه”، مشيراً الى أن “الجيش يتصدى وحده حاليّاً لهذا التحدي على الرغم من كل التعقيدات الجغرافية واللوجيستية والعددية، ويتعرّض يوميّاً لحملات مشبوهة ضده”. وحيّا “كلَّ ضباطنا وعناصرنا الذين يبذلون قصارى جهودهم للحد من النزوح وتداعياتِه، وعناصر القوات البحرية على جهودهم في ما خص حماية الحدود البحرية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، أمام كلّ الصعوبات والامكانات المتواضعة”.

وكان الجيش وجه دعوة إلى وسائل الاعلام للمشاركة في جولة ميدانية على الحدود الشمالية، يتخللها عرض إيجاز حول أعمال التسلل غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية من النازحين السوريين، والاجراءات التي تتخذها وحدات الجيش للحد منه، والحاجات الضرورية لتعزيز هذه الاجراءات.

وبدأ جهاز أمن الدّولة في النبطيّة حملةً لنزع خيم اللاجئين السوريّين غير الشرعيّين، والذين يقطنونها من دون ترخيص من البلديّات، وأزال خيمتين تعودان الى (م.ش.) في منطقة عين عرب. وأوضح في بيان، أنّ حملة إزالة الخيم هذه “أتت لمكافحة الفوضى المستشرية بين النازحين، وبسبب الشبهات بانتمائهم إلى منظّمات إرهابيّة، صادرت خلالها أمن الدّولة حتّى اليوم، كمّيّات كبيرة من الأسلحة الحربيّة في خيمٍ تعود إلى النازحين السوريّين، في مختلف المحافظات، وعلى البلديّات أن تتحلّى بأعلى درجات الوعي عند إيوائها لأيّ نازح، ويجب مراقبته والتثبّت من أوراقه القانونيّة والثبوتيّة”.

شارك المقال