“الطوفان الأقصى”: “الحزب” يفتح ساحة لبنان… نتنياهو يستقوي بحاملة الطائرات الأميركية

لبنان الكبير / مانشيت

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ليس إختياراً، بل لأن هذه المعركة، المفتوحة منذ صباح السبت الماضي، أظهرت بوقائعها الدموية الخطيرة، أنها يمكن أن تتحول في أي لحظة الى حرب شاملة ليس على مستوى إقليمي وحسب، بل ربما دولياً، وهي التي بدأت بـ”طوفان الأقصى” الاسلامي ليواجه بـ”السيوف الحديدية” اليهودية ما ينذر بـ “جرف” تضاريس جغراسياسية، لأن المصاب الاسرائيلي في “اليوم الأسود” هذه المرة مختلف كلياً، أخطر بكثير من “العبور” في حرب أكتوبر 1973، ويشبه مصاب العملاق الأميركي عندما غافلته “القاعدة” عام 2001، بل يوغل محللون في تشبيهه بـ”بيرل هاربر” عام 1941، حين أيقظت غارة يابانية نزقة العملاق نفسه فغطس في الحرب العالمية الثانية وغيّر خرائط وحدوداً ما زالت حية حتى اليوم.

رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قال: “إن الحرب على حماس ستغيّر الشرق الأوسط”. نعم، الحروب الكبيرة تشعل سقوفاً سياسية لتنبثق من رمادها تسويات جديدة. وها هو نتنياهو نفس يوشوش في أذن الرئيس الأميركي جو بايدن بأن لا مفر له من الدخول براً الى قطاع غزة، الأكثر إكتظاظاً في العالم بمساحته البالغة 360 كيلومتراً مربعاً ويقطنها نحو ثلاثة ملايين فلسطيني، ويمكن ببساطة تخيل أي إبادة ستحصل وأي طوفان دماء سيقع!

وأعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت أنه أمر بفرض “حصار كامل” على قطاع غزة. وقال: “لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شيئ مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك”.

ونقلت صحفية “تايمز أوف إسرائيل” عن مصدر إسرائيلي كبير قوله إن الحرب في غزة “ستستمر لأيام أو أسابيع وربما أكثر من ذلك”، مضيفاً: “إن الهجمات على غزة ستنفذ بالقوة القصوى وعلى أوسع نطاق حتى ولو كان ذلك على حساب الإضرار بمواطني إسرائيل الأسرى هناك”.

وتبدو سلسلة الأحداث التالية واضحة، وفقاً لرئيس قسم دراسات الحرب الحضرية في “معهد الحرب الحديثة” جون سبينسر الذي توقّع على منصة “إكس” أن “تشنّ إسرائيل أكبر عملية مشتركة لها (جوّ/برّ/بحر/فضاء) في التاريخ ضدّ غزة”.

كل السيناريوات مخيفة. وعلى وقع هدير حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد”، الأحدث والأقوى في الترسانة الأميركية، وتوقيت وصولها الى البحر المتوسط، يمكن توقع أن تأخذ “السيوف الحديدية” مداها بالبطش، بعدما حصلت إسرائيل على “تعاطف دولي” قلّ نظيره بعد المقتلة التي لحقت بها وأودت بأكثر من ألف شخص وآلاف الجرحى ومئات الأسرى بين مدنيين وعسكريين، لينعدم تماماً أي كلام عن وساطة للتهدئة أو ضبط النفس.

واستقوى نتنياهو بالحاملة الأميركية، قائلاً: “أعداؤنا في المنطقة يدركون أهمية قدوم حاملة طائرات أميركية في الطريق”.

ووسط كلام روسي عن مخاوف من خطر “مرتفع” بانخراط أطراف أخرى في التصعيد، كانت الحدود اللبنانية تسخن بين تسلل من هنا وقصف جوي من هناك، ليثقل الهم اللبناني بالسؤال عما إذا كان “حزب الله” سينخرط في هذه الحرب من “منطق إيراني” قد يرى لزوم خلط “الساحات” ببعضها البعض، ما دامت الأنقاض على أرض عربية والدماء عربية، فيما التسويات والمكاسب الممكنة قد تكون بلغات أخرى.

وبالفعل، بدأ “حزب الله” بزج لبنان في أتون الحرب، بحيث أعلن أنه قصف ثكنتين اسرائيليتين رداً على مقتل ثلاثة من عناصره في قصف اسرائيلي لجنوب لبنان، أعقب محاولة تسلل من لبنان الى اسرائيل تبنتها حركة “الجهاد الاسلامي”.

وأشار “حزب الله” في بيان” الى أن “مجموعات من المقاومة الإسلامية (…) قامت بمهاجمة ثكنة برانيت وهي مركز قيادة فرقة الجليل، وثكنة أفيفيم وهي مركز قيادة كتيبة تابعة للواء الغربي، وذلك بواسطة الصواريخ الموجّهة وقذائف الهاون وأصابتها إصابات مباشرة”.

في اليوم الثالث بعد الطوفان، أتمت إسرائيل تجنيد 300 ألف عنصر من قوات الاحتياط، يشكلون نحو 70 في المائة من جيشها، وقامت بنشرهم حول قطاع غزة، وكذلك في منطقة الشمال على الحدود مع لبنان وفي الجولان.

وقررت الحكومة الاسرائيلية أن تذهب المدارس إلى عطلة مدة أسبوعين، حتى 22 الجاري، وإلغاء الانتخابات البلدية المقررة في 31 من الشهر نفسه، وذلك في إشارة إلى أن الحرب ستستمر أياماً طويلة.

ودعا نتنياهو في مداخلة متلفزة مساء أمس، “قادة المعارضة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في شكل فوري ومن دون شروط مسبقة”.

واستعداداً للآتي، علقت إسرائيل الانتاج مؤقتاً من حقل غاز تمار البحري، وأوضحت أنها ستبحث عن مصادر وقود بديلة لتلبية احتياجاتها.

وأكدت شركة “شيفرون” الأميركية التي تشغل الحقل، أنها تلقت تعليمات من وزارة الطاقة الاسرائيلية بوقف العمليات في تمار، وهو مصدر رئيس للغاز اللازم لتوليد الكهرباء والصناعة في إسرائيل. ويتم كذلك تصدير بعض الغاز منه إلى الأردن ومصر المجاورتين.

ويقع حقل تمار في البحر المتوسط على بعد نحو 25 كيلومتراً قبالة مدينة أسدود على الساحل الجنوبي لإسرائيل على البحر المتوسط. ويمكن رؤية الحقل بالعين المجردة من شمال قطاع غزة إذا كانت الأجواء صافية، ويقع في مرمى الصواريخ من القطاع.

شارك المقال