اليوم السادس للطوفان: بحث عن ممر آمن قبل الإبادة… وأميركا تراقب الحزب

لبنان الكبير / مانشيت

تميز اليوم السادس بعد الطوفان، الى جانب ارتفاع عداد الموت لدى الجانبين وتواصل الغارات الجوية الاسرائيلية المدمرة وصليات الصواريخ الفلسطينية، بحركة ديبلوماسية ومواقف أميركية وأوروبية صارخة بالدعم المفتوح لاسرائيل، عسكرياً ولوجيستياً وبالتأكيد سياسياً، وبصوت هادئ للمطالبة بتمرير ما يمكن أن يفتح ممراً آمناً للمدنيين في قطاع غزة، باعتبار أن الجميع مدرك أن اسرائيل لا يسعها لتخفيف “العار” الذي لحق بها على يد “حماس” سوى إعلان النية لاستئصال هذه الحركة، وهذا لا يتم الا بتدمير القطاع وجعله ركاماً ليسهل الهجوم البري لاحقاً وقريباً. والخوف الغربي منبعه أن الخلاص من “قطاع حماس” لا يتم الا بإبادة حقيقية قل نظيرها في التاريخ ما سيحتم توسع الصراع وإجبار كثيرين على الانخراط فيه، خصوصاً “حزب الله” الذي يناوش اسرائيل منذ أيام، وكان تحت “مراقبة عن كثب” من الولايات المتحدة، على حد قول البيت الأبيض، فيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤكد أن الأولوية لتجنب تمدد الصراع وخصوصاً إلى لبنان.

ولا تزال الأشباح تتسبب بإطلاق صفارات الانذار في المستعمرات الاسرائيلية الحدودية شمال فلسطين المحتلة، ثم لا يلبث الجيش الاسرائيلي أن ينفي وقوع أي حادث، ويعزو الأمر إلى خطأ بشري أو تقني.

إلا أن هذا لا ينفي أن يكون هناك من “يحركش بوكر الدبابير” حيث شهد أمس انفجار 3 صواريخ باتريوت، وفق معلومات عن خرق طائرة مسيرة للأراضي المحتلة أطلقت من جنوب لبنان، فيما لم يتبن “حزب الله” أو أي من الفصائل هذا الأمر رسمياً، وردت المدفعية الاسرائيلية على الخرق بقصف خراج بلدة الخيام.

وشكك مصدر عسكري في أن يكون التخبط الاسرائيلي لهذه الدرجة، معتبراً في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “ما يحصل على الحدود قد يكون أمراً من اثنين، إطلاق صفارات الإنذار عمداً لرفع تحضيرات الجيش المولج بحماية الجهة الشمالية، أو أن حزب الله يجري اختبارات على المنظومة الدفاعية الاسرائيلية تحضيراً لشن هجوم في حال اتخاذ القرار بذلك”.

وفيما أعلن البيت الأبيض أن أميركا تراقب “حزب الله” عن كثب ولا تريد اتساع رقعة الصراع، رأى محللون أن الحزب سيدخل المعركة، في حال شنت إسرائيل هجوماً برياً على غزة، كون هزيمة “حماس” في أي حرب مقبلة تعني هزيمة مبكرة للحزب والمحور الذي ينضوي فيه.

وبينما اعتبر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أمام الكنيست أن “هذه حرب على البيت ويجب أن تنتهي بأمر واحد هو الانتصار وتصفية حماس”، قال متحدث عسكري إسرائيلي: “إن الجيش يستعد لهجوم بري على غزة، لكنه ينتظر ما ستقرره قيادتنا السياسية”.

“إسرائيل لن تكون وحدها”، هذا ما أكده وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي زار اسرائيل أمس، موضحاً أنه ليس موجوداً بصفته الديبلوماسية فقط بل كيهودي أيضاً. وتوجه إلى نتنياهو بالقول: “قد تكون لديك القوة الكافية بمفردك للدفاع عن نفسك. لكن ما دامت أميركا موجودة، فلن تضطر إلى ذلك مطلقاً. سنكون دائماً بجانبك”. وكانت حاملة الطائرات الأميركية “جيرالد فورد” وصلت منذ يومين إلى شواطئ البحر المتوسط دعماً لاسرائيل.

إلى ذلك، حذّر الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني أليكس يونغر في حديث لاذاعة “بي بي سي” من أن إسرائيل اذا أرسلت قوات برية إلى غزة، فإنها تخاطر بالوقوع في “فخ” حماس.

ومن ناحية الممرات الانسانية، أكدت إسرائيل أنه لن يكون هناك أي تخفيف لأسباب إنسانية لحصار تفرضه على قطاع غزة قبل الافراج عن جميع الرهائن، فيما أعلن وزير الطاقة الاسرائيلي اسرائيل كاتس أن بلاده “لن تقدّم أي مساعدات إنسانية أو موارد إلى قطاع غزة، ولن يتم تشغيل مفتاح كهربائي ولن يفتح صنبور مياه ولن تدخل شاحنة وقود حتى يعود المخطوفون الإسرائيليون إلى ديارهم”.

الا أن مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية الأميركية تحدث للصحافيين شريطة عدم الكشف عن هويته، لفت الى أن واشنطن تعمل على دفع المحادثات لتوفير ممر آمن للمدنيين ومن بينهم ما يتراوح بين 500 و600 أميركي من أصل فلسطيني يقيمون في غزة.

ورأى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط فابريزيو كاربوني أن “البؤس الانساني الناجم عن هذا التصعيد بغيض”، مشددا على أن المستشفيات في غزة من دون كهرباء “تواجه خطر التحول إلى مشارح”.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلقه بشأن “دوامة العنف والرعب المتصاعدة”. وحث على إطلاق سراح جميع الرهائن ورفع الحصار، مشدداً على وجوب “حماية المدنيين في جميع الأوقات”.

وكانت هناك دعوات الى إنشاء ممر إنساني للسماح للفلسطينيين بالهروب قبل غزو بري إسرائيلي محتمل من شأنه أن يؤدي إلى قتال في الشوارع.

محلياً، استطاع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقد جلسة حكومية بعد تأمين النصاب لها، حضرها قائد الجيش العماد جوزيف عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري.

وأشار ميقاتي إلى أن الاجتماع أكد أن اللوم يقع على إسرائيل وتجاوزاتها، وقال: “إن لبنان في عين العاصفة، فما يجري على حدودنا الجنوبية يثير لدينا القلق العميق والاستنكار، لأن مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الأزرق، هي نتيجة للاستفزازات الاسرائيلية ولخرق العدو الاسرائيلي الدائم القرار 1701”.

ولفت إلى أن “مجلس الوزراء، إزاء ما تشهده غزة من إبادة منظمة تطال الأطفال والمدنيين وما تتعرض له الأحياء السكنية من تدمير وحشي ممنهج، يدين بشدة هذه الأفعال الجرمية التي يقترفها العدو الاسرائيلي، ويسكت عنها المجتمع الدولي. كما يؤكد المجلس انتصاره للمظلوم، وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في نضاله، وحقه في الحياة وأرضه وكرامته الإنسانية”.

وقال ميقاتي: “إنني على تواصل، ليس فقط مع المسؤولين الدوليين، الذين بادروا الى الاتصال لوضعنا في صورة الطلب الينا السعي الى تهدئة الأوضاع، بل أيضاً مع كل القوى السياسية الفاعلة في لبنان، للطلب اليها ضبط النفس وعدم الانجرار الى المخططات الاسرائيلية”.

كلام ميقاتي اعتبر “هباء منثوراً”، فالقرار ليس بيده وفق ما تؤكد مصادر سياسية معارضة، بل القرار في الحرب بيد “حزب الله” وحده، ولعل لهذا السبب ناقشت الحكومة خطة طوارئ متوقعة أن يقدم الحزب على مغامرة غير محسوبة، تذكر البلد بـ “لو كنت أعلم”.

شارك المقال