نصاب “التمديد” طار… “اليونيفيل” تحذر من التصعيد

لبنان الكبير / مانشيت

كما كان متوقعاً لم يمر التمديد لقائد الجيش جوزيف عون أمس، بل تم تطيير نصاب جلسة مجلس الوزراء، وكانت الحجج حالة وفاة وزحمة السير لبعض الوزراء فيما لم يقدم آخرون أي حجة وهو ما يتناسب مع ما كشفه “لبنان الكبير” أول من أمس عن أن التمديد تأجل الى نهاية الشهر الجاري، ولن يحصل في الجلسة المفترض عقدها، بينما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن التمديد لن يحصل إلا بالتوافق، وقد أوعز الى الأمانة العامة إجراء دراسة قانونية حول الملف.

وبينما تستمر المناوشات العسكرية جنوباً، تتصاعد يوماً وتخفت يوماً آخر، إلا أنها دائمة، وتسمع أصوات القذائف في أنحاء القرى الجنوبية، ولا أحد يعرف اللحظة التي قد تنفلت فيها الأوضاع وتتحول إلى حرب شاملة، وهذا الأمر حذر منه رئيس قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان “اليونيفيل”، الجنرال أرولدو لاثارو، الذي أعرب بعد لقائه رئيسي مجلس النواب والحكومة، عن قلقه العميق إزاء الوضع في الجنوب واحتمال وقوع أعمال عدائية أوسع نطاقاً وأكثر حدّة.

وهناك من خلع رداء الاعراب عن القلق في موقع الأمانة العامة للأمم المتحدة وأصبح فاعلاً باسم الانسانية، بحيث يثير أنطونيو غوتيريش حفيظة اسرائيل، فبعد أن أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن غوتيريش منزعج بشدة بسبب “الخسائر الفادحة في الأرواح” في عدة مستشفيات في قطاع غزة، ويدعو “باسم الانسانية، إلى وقف فوري لاطلاق النار”، فتح وزير الخارجية الاسرائيلي ايلي كوهين النار عليه من مبنى الأمم المتحدة في جنيف، واعتبر في مؤتمر صحافي أن “غوتيريش لا يستحق أن يكون على رأس الأمم المتحدة”، مشيراً إلى أنه لم يفعل ما يكفي لإدانة “حماس”.

إلا أن من الطبيعي أن يزعج غوتيريش الكيان الاسرائيلي، الذي أعلن وزير ماليته بتسلئيل سموتريش، أنه يؤيد دعوة اثنين من أعضاء الكنيست الأسرائيلي كتبا في افتتاحية لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن الدول الغربية يجب أن تقبل عائلات من غزة عبّرت عن رغبتها في الانتقال إلى مكان آخر، وقال في بيان: “أرحب بمبادرة الهجرة الطوعية لعرب غزة إلى دول العالم… هذا هو الحل الانساني الصحيح لسكان غزة والمنطقة بأكملها بعد 75 عاماً من اللاجئين والفقر والخطر”.

وأشار إلى أن منطقة صغيرة مثل قطاع غزة لا تتمتع بموارد طبيعية لا يمكن أن تعيش بمفردها، مضيفاً: “لن تكون دولة إسرائيل قادرة بعد الآن على قبول وجود كيان مستقل في غزة”.

وبينما تحاصر دبابات إسرائيلية مجمع الشفاء الطبي في شمال غزة، يزعم الجيش أن المستشفى يقع فوق أنفاق تضم مقراً لمقاتلي “حماس” الذين يستخدمون المرضى دروعاً بشرية، الأمر الذي تكرر الحركة نفيه. وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أن “32 مريضاً توفوا في الأيام الثلاثة الماضية، من بينهم ثلاثة أطفال حديثي الولادة”، فيما أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية إلى أن حوالي 600 إلى 650 مريضاً، و200 إلى 500 من العاملين، و1500 نازح ما زالوا في المستشفى، لافتاً الى أن “أنباء وردت” يوم الاثنين عن أن كل المستشفيات في شمال غزة باستثناء مستشفى واحد خرجت من الخدمة بسبب نقص الكهرباء والقصف والقتال بالقرب منها. وفي هذه الأثناء، فاحت رائحة الموت في أنحاء غزة، حيث تحولت باحة مستشفى الشفاء إلى مقبرة جماعية دفنت فيها 170 جثة متحللة.

أما النازحون إلى جنوب غزة فوضعهم ليس أفضل، بحيث يعانون من نقص المواد الأساسية، في ظل رفض اسرائيل دخول المساعدات عبر معبر رفح إلا بالتقنين الشديد. وقد تأثر العالم بمشاهد النازحين وهم يحاولون جمع قطرات المياه، لأنهم عطشى بسبب قطعها من اسرائيل عنهم.

وبالعودة إلى لبنان، أثبتت القوى السياسية فشلها في إدارة البلاد مرة جديدة على الرغم من التوترات واحتمالية الحرب، بحيث طار نصاب جلسة مجلس الوزراء أمس بعد تغّيب وزير التربية بسبب حالة وفاة، ووزير العمل لأنه علق في زحمة السير، ووزير الإعلام الذي أبلغ على درج السراي أن الجلسة تأجلت، فيما لم يعط نائب رئيس الحكومة ولا وزير الاقتصاد أي تبرير لغيابهما، فتحولت الجلسة إلى تشاورية. وأفادت معلومات صحافية بأن الرئيس ميقاتي أبلغ الوزراء الحاضرين خلالها أن التمديد لقائد الجيش لن يحصل إلا بالتوافق وهو ليس في وارد الذهاب بالموضوع على قاعدة التحدي. ونقلت مصادر حكومية أن ميقاتي أبلغ الوزراء أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أعدَّت دراسة قانونية ودستورية موسعة بشأن الحلول القانونية التي يمكن اعتمادها لتفادي الشغور المرتقب في القيادة العسكرية، وأن الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية أنجز الدراسة.

أما بشأن الوضع الجنوبي، فقد استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة القائد العام لقوة “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان الجنرال آرولدو لاثارو مع وفد مرافق، وجرى عرض الأوضاع العامة والمستجدات الميدانية في الجنوب. وحذر بري من “تمادي العدو الاسرائيلي في تصعيد عدوانيته مستهدفاً تكراراً المدنيين والاعلاميين والمسعفين، متجاوزاً في إعتداءاته عمق الجنوب اللبناني فضلاً عن تهديداته للعاصمة اللبنانية بيروت، ما يزيد من مخاطر توسع نيران الحرب الاسرائيلية في المنطقة خلافاً للمواقف الدولية والعربية الداعية الى الالتزام بالشرعية الدولية المتمثلة بالقرار الأممي 1701 وقواعد الاشتباك”.

إلى ذلك، أثنى ميقاتي خلال لقائه لاثارو في السراي على “الجهود الشاقة التي تبذلها اليونيفيل في هذه المرحلة الصعبة في سبيل تخفيف التوتر والحؤول قدر المستطاع دون تفاقم الصدام العسكري القائم على طول الخط الأزرق وعبره، والذي هو نتيجة للاستفزازات الاسرائيلية وخرقها لمندرجات القرار 1701”. وجدد تأكيد “تمسك لبنان ببقاء هذه القوات في الجنوب وبعدم المس بالمهام وقواعد العمل التي أنيطت بها والذي تنفذه بالتعاون الوثيق مع الجيش”.

شارك المقال