“حماس” تدفع لبنان للحرب… العالم ينشغل بالمضيق الحوثي

لبنان الكبير / مانشيت

وإذ باتت “حرب غزة” روتيناً، بين لا نصر لاسرائيل ولا هزيمة لـ”حماس”، تقدمت جبهات أخرى في الميدان الممتد على خريطة الشرق الأوسط، فانشغل العالم بخطر الحوثيين، الذين تحركهم ايران، على خطوط الملاحة في البحر الأحمر، عبر باب المندب الى قناة السويس، مع كل ما يشكله ذلك من تهديد لإمدادات النفط ولحركة البضائع.

وفي جنوب لبنان، حيث يتحرك “حزب الله” راسماً معادلة حربية مع اسرائيل، ثمارها الديبلوماسية لايران وخسائرها على لبنان، برز أمس تطور خطير تمثل في إعلان “حماس” مسؤوليتها عن اطلاق رشقة صواريخ على “العدو الصهيوني” عبر الحدود اللبنانية، وكأن ذلك رد “محور ايران” على طلب اسرائيل، عبر واشنطن، إبعاد “حزب الله” 6 أميال عن الحدود، وعلى الضغوط لتنفيذ القرار 1701 كاملاً.

وكانت اسرائيل طالبت الادارة الأميركية أمس بابعاد “حزب الله” مسافة 6 أميال عن حدودها الشمالية، وأبدى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تفهم دولته للمخاوف الاسرائيلية، إلا أنه طلب إعطاء فرصة للديبلوماسية ويبدو أن المسؤولين الاسرائيليين تجاوبوا مع مطلبه.

وانشغلت الولايات المتحدة بالتعامل مع الحوثيين، الذين تحركهم ايران أيضاً، وتهديدهم للملاحة في البحر الأحمر ما أجبر شركات شحن عملاقة على تحويل مسارها حول إفريقيا، وأدى إلى ارتفاع الأسعار عالمياً. وأعلنت الولايات المتحدة تشكيل قوة عمل لحماية التجارة في البحر الأحمر من الهجمات التي يشنها الحوثيون، الأمر الذي استدعى تعليقاً من الراعي الأساس للميليشيا اليمنية، ايران، اذ قال مسشار المرشد الايراني علي شمخاني إن “انضمام أي بلد الى الائتلاف الأميركي لمواجهة الحوثييين سيعد مشاركة مباشرة في جرائم الكيان الصهيوني”.

وعلى الجبهة الأساس في غزة، واصل الجيش الاسرائيلي قصفه وعملياته البرية غير آبه بالضغوط الدولية على خلفية المجازر التي يرتكبها بحق الفلسطينيين. ومن المقرر أن يصوّت مجلس الأمن على قرار بشأن وقف الحرب، وهو تصويت يأتي بعد 10 أيام على استخدام أميركا حق النقض “الفيتو”، لمنع تبني المجلس قراراً مشابهاً.

أما لبنان، الذي أصبحت حدوده تحت المجهر الدولي، فقد منحت حكومته في جلستها التي عقدتها أمس في السراي، قائد الجيش جوزيف عون ثقتها بتوقيع 19 وزيراً، فيما لم يطرح بند تعيين رئيس للأركان، كون الأمر متعلقاً بوزير الدفاع موريس سليم المقاطع للجلسات الحكومية. وأطلع الرئيس نجيب ميقاتي الوزراء في بداية الجلسة على مضمون الكتاب الذي أرسله إلى وزير الدفاع، وبعد أن تلا الكتاب، طرح أحد الوزراء أن يحصل اتّصال مباشر بين ميقاتي وسليم. وكان جواب ميقاتي أنّ “رئاسة الحكومة ليست مكسر عصا… وفي اليوم الذي حضر فيه موريس سليم إلى السراي وعلا صراخه، في هذه اللحظة اعتبرت أنه انتهى بالنسبة إليّ، والتعاطي معه سيكون رسميّاً من خلال الكتب”.

ومساء، رد المكتب الاعلامي لوزير الدفاع في بيان اعتبر فيه أن “رئيس الحكومة يقع في التناقضات، بين تكراره عدم حصول تعيينات في ظل غياب رئيس للجمهورية، وبين الطلب من وزير الدفاع اقتراح أسماء للتعيين في وزارته هي من الفئة الأولى”. وذكر بجهوزية الوزير لتقديم تعيينات شاملة شرط وجود توافق حولها، مشدداً على أن الوزير “لن يكون شريكاً في تكريس أي انقسام في البلاد حول مؤسسات وزارة الدفاع الوطني كما حصل – ويا للأسف – قبل أيام”.

وأهاب وزير الدفاع بالمسؤولين على أي مستوى كانوا أن “يقاربوا هذا الملف الوطني بامتياز بعيداً عن الحسابات الشخصية أو المنافع الذاتية وتصفية الحسابات السياسية .”

في الجنوب، أعلنت “كتائب القسام” مسؤوليتها عن إطلاق رشقةٍ صاروخيةٍ مركزة، مكونة من 12 صاروخاً باتجاه ثكنة مطار كريات شمونة شمال فلسطين المحتلة رداً على المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، فيما استمر القصف المتبادل بين “حزب الله” واسرائيل، بل أصبح القصف روتينياً، لدرجة أن أهالي الجنوب أصبحوا يتنبؤون بمكان الغارة أو القصف قبل حصولهما.

ونقل موقع “أكسيوس نيوز” عن مسؤولين اسرائيليين قولهم إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت أبلغا وزير الدفاع الأميركي أن إسرائيل لا تقبل نزوح عشرات الألوف من مواطنيها بسبب الوضع الأمني على الحدود مع لبنان.

وأكد أوستن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تتفهم مخاوف إسرائيل وستضغط من أجل التوصل إلى “حل سلمي”، لكنه طلب من نتنياهو وغالانت منح الديبلوماسية فرصة والامتناع عن اتخاذ أي خطوات تؤدي إلى تفاقم التوتر، على حد قول مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

وأفاد الموقع بأن المسؤولين أبدوا استعداد بلادهم لمنح الديبلوماسية فرصة، لكنهم شددوا على الرغبة في حدوث تقدم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مشيراً الى أن مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين ومسؤولين أميركيين آخرين يعملون على التوصل الى هذا الحل الديبلوماسي لكن لم يتم إحراز تقدم يُذكر.

إلى ذلك، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من دولار لتواصل مكاسبها للجلسة الثانية على التوالي بعد أن أدت هجمات شنتها ميليشيا الحوثي اليمنية على سفن في البحر الأحمر إلى تعطيل التجارة البحرية وأجبرت شركات على تغيير مسار سفنها.

وأعلنت الولايات المتحدة أمس الثلاثاء تشكيل قوة عمل لحماية التجارة في البحر الأحمر من الهجمات التي يشنها الحوثيون والتي عطلت التجارة البحرية وأجبرت شركات على تغيير مسار السفن.

وارتفع سعر النفط الخام الاثنين نحو 2% بعد تعرض سفينة مملوكة للنروج لهجوم وإعلان شركة “بي.بي” تعليق كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر.

وفيما نقلت وسائل الاعلام عن مصادر ديبلوماسية أن الاجتماع الأمني الثلاثي (قطري – أميركي – اسرائيلي) يوم الاثنين لم يحرز تقدماً لجهة التوصل إلى هدنة، واصل الجيش الاسرائيلي قصفه وعملياته البرية في غزة، واستهدف مدينتَي رفح وخان يونس جنوب ووسط غزة. وأعلن الجيش العثور على متفجرات في مركز طبي في الشجاعية، وتدمير أنفاق لـ “حماس” وقتل كوادر في الحركة في عمليات نفّذت مؤخراً.

وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك: “اليوم، يضطر الفلسطينيون للجوء إلى مناطق تزداد صغراً، فيما تقترب العمليات العسكرية شيئاً فشيئاً منهم”، مضيفاً: “إنهم محاصرون في جحيم. لم يعد هناك مكان يذهبون إليه في غزة”.

واعتبر الناطق باسم “اليونيسف” جيمس إلدر أن غزة هي “أخطر مكان في العالم” للأطفال، وذلك بعد عودته من الأراضي الفلسطينية. وقال: “أنا غاضب لرؤية أن عيد الميلاد سيؤدي على الأرجح إلى زيادة الوحشية والهجمات فيما ينشغل العالم بالمحبة”. وأعرب عن أسفه لتحول آلاف الأطفال الذين قتلوا في غزة إلى مجرد “إحصاءات”.

وحضّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون إسرائيل على اتباع “نهج أكثر استهدافاً” في حربها ضد “حماس” والحد من الخسائر في صفوف المدنيين.

شارك المقال