بلينكن يدبر “اليوم الثاني”… ايران تفلت الحوثي في البحر الأحمر

لبنان الكبير / مانشيت

بعد نحو 100 يوم على اندلاع الحرب في غزة، تكثفت الحركة الديبلوماسية لاحتواء تداعياتها، من زيارات المسؤوليين الغربيين إلى قمم الزعماء العرب، في ظل حماوة متصاعدة في الجبهة اللبنانية والبحر الأحمر، وسط اتهام أميركي مباشر لايران بدعم الهجمات “الحوثية”.

وفي لبنان نشر “حزب الله” رسالة من “مجاهديه” إلى أمينه العام حسن نصر الله، تكاد تكون مطابقة للرسالة التي نشرت في حرب تموز 2006، وجدد فيها العناصر ثقتهم بقائدهم، معلنين أنهم رهن اشارته. وتأتي هذه الرسالة بعد استهداف نوعي للحزب في العمق الاسرائيلي لقاعدتين عسكريتين، رداً على الاغتيالات الاسرائيلية لقيادات في المحور الايراني بينهم مسؤول كبير في الحزب، فيما يتدافع الديبلوماسيون إلى بيروت في مساعٍ لخفض التصعيد، وسط إعلان لبنان الرسمي استعداده للتفاوض.

وفي الشأن السياسي الداخلي، يبدو أن الملف الرئاسي مؤجل إلى حين انتهاء الحرب، وتداعياته تعصف بالأمور الحياتية والمشاريع والقوانين، بحيث علم “لبنان الكبير” أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبعد الضجة المثارة حول القانون الذي أقر في الجلسة التشريعية الأخيرة والمتعلق بتحرير عقود الايجارات القديمة للوحدات غير السكنية، أي الايجار القديم للمؤسسات والمحال، قرر أن يبحث في إمكان رده إلى مجلس النواب، مستنداً إلى مبدأ إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء في حالة الشغور الرئاسي وفق المادة 62 من الدستور، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بجدل كبير حول دستورية هذه الخطوة في الأوساط السياسية.

اقليمياً، انعقدت قمة ثلاثية جمعت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس في العقبة، بالتزامن مع زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى البحرين، وكان التقى الرئيس الفلسطيني في رام الله في الضفة الغربية المحتلة، قبل توجهه إلى العقبة. وحذر عباس من “خطورة الاجراءات الاسرائيلية لتهجير أبناء شعبنا في قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس”، مجدداً التأكيد أن “قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية”.

وتمحورت جولة بلينكن حول تفادي اتساع الحرب الى جبهات أخرى، والبحث في “اليوم التالي” لما بعد انتهائها، والدعوة الى حماية المدنيين وزيادة المساعدات للقطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة. ودعا إسرائيل الى محاولة تجنب سقوط هذا العدد الكبير من المدنيين خلال عملياتها العسكرية في غزة. وأكّد في رام الله تأييد واشنطن “تدابير ملموسة” لإقامة دولة فلسطينية.

وفي الميدان، أعلن الجيش الاسرائيلي مواصلة عملياته في مخيم المغازي في وسط قطاع غزة ومدينة خان يونس في جنوبه، مؤكداً ضرب “أكثر من 150 هدفاً”. كما أعلن عن كشف 15 فتحة نفق في مخيم المغازي، إضافة الى قاذفات صواريخ ومسيّرات وعبوات ناسفة.

في هذه الأثناء وسط مخاوف من اتساع الصراع في المنطقة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” أنّ القوات الأميركية والبريطانية أسقطت 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخين مجنّحين وصاروخاً باليستياً أطلقها الحوثيون مساء الثلاثاء باتّجاه مسارات شحن دولية في جنوب البحر الأحمر.

وأكد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس أنه كان “أكبر هجوم حتى الآن من الحوثيين المدعومين من إيران”. وتبنى الحوثيون الهجوم قائلين إنه كان يستهدف “سفينة أميركية كانت تقدّم الدعم” لاسرائيل، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وكانت بريطانيا أعلنت أن الهجوم استهدف المدمرة البريطانية “إتش إم إس دايموند” و”سفناً تجارية”. ورأى وزير الدفاع أن “ما من شك” في تورّط طهران في هذه الهجمات وفي توفير الأسلحة والمعلومات الاستخبارية للحوثيين. وقال: “طفح الكيل… يجب أن نكون واضحين مع الحوثيين بأن هذا يجب أن يتوقف”.

وفي السياق، اتّهم وزير الخارجية الأميركي إيران بـ”مساعدة وتحريض” المتمردين اليمنيين على استهداف سفن في البحر الأحمر يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إليها، دعماً لقطاع غزة.

وقال بلينكن قبيل مغادرته العاصمة البحرينية المنامة: “لقد ساعدت إيران وحرضت على هذه الهجمات بتوفير التكنولوجيا والمعدات والاستخبارات والمعلومات، وبات لذلك تأثير حقيقي”.

وعشية وصول المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت في الساعات المقبلة، ومن المتوقع أن يحمل في جعبته عرضاً ما بشأن الحدود اللبنانية الجنوبية، أشار نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب، في تصريح من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى أنّ “الحرب لن تعيد المستوطنين الاسرائيليين إلى مستوطناتهم، بل تبعدهم أكثر وتجعل الأمر يمتد إلى عام”، موضحاً أنّ “الحل ليس بالحرب بل بالجهد الديبلوماسي”. ولفت إلى أنّ اللقاء مع الرئيس بري كان لوضعه في أجواء اللقاء الذي حصل مع المبعوث هوكشتاين في روما، قائلاً: “في النهاية هناك حلول في الحروب، وبرّي كانت له دائماً طروح لإبعاد شبح الحرب ونأمل أن تساهم الزيارة غداً (اليوم) بخطوة لتحقيق الاستقرار”.

إلى ذلك، يواصل المسؤولون الغربيون تشديدهم على خفض التصعيد، وأكدت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، خلال لقائها الرئيس ميقاتي، أهمية تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، فيما شدد ميقاتي على أن لبنان يحترم القرارات الدولية كافة بدءاً باتفاق الهدنة، بهدف تحقيق الاستقرار الدائم جنوب لبنان. وقال: “حان الوقت لايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وبالتالي البدء بوقف اطلاق النار واطلاق مسار دولي لحل نهائي وشامل على قاعدة الدولتين”.

في الغضون، أوعز وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، بناء لتوجيهات الرئيس ميقاتي، الى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة هادي هاشم بتقديم شكوى بتاريخ 9 كانون الثاني 2024 أمام مجلس الأمن الدولي رداً على الشكوى الاسرائيلية الأخيرة حول عدم التزام لبنان بقرار مجلس الأمن 1701.

شارك المقال