بايدن سيرد على مقتل الجنود… الشرق الأوسط “توصيلة” للبيت الأبيض؟

لبنان الكبير / مانشيت

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه قرر شكل الرد على مقتل الجنود الأميركيين الثلاثة في الأردن، محملاً إيران المسؤولية. قبله كان وزير خارجيته أنتوني بليكن، الذي سيزور المنطقة السبت المقبل للمرة السادسة منذ 7 تشرين الأول، يصف الوضع الحالي بالأخطر منذ 1973. كأننا على أعتاب مرحلة في حرب الطوفان أصعب من كل ما شهدناه حتى، فبالاضافة الى المصالح الاستراتيجية لواشنطن عبر حماية اسرائيل، هناك الآن حسابات انتخابية أميركية، خصوصاً مع المنافس الجمهوري الشرس دونالد ترامب وشعاره الانتخابي المستفز “لنجعل أميركا عظيمة من جديد”، ما يفرض على الرئيس الديموقراطي أن يُظهر حزماً وقوة، الأمر الذي ينذر بأن تكون شعوب المنطقة وحدودها “صناديق اقتراع” للوصول الى البيت الأبيض.

وأعلن بايدن، لدى مغادرته البيت الأبيض إلى جولة انتخابية في فلوريدا، أمس، أنه اتخذ قراره بشأن طبيعة الرد على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل جنود أميركيين في الأردن، لكنه لم يتطرق إلى تفاصيل. وقال: “أنا أحمّلهم (إيران) المسؤولية، بمعنى أنّهم يزودون بالأسلحة الأشخاص الذين قاموا به (الهجوم)”.

وكان تأخر الرد الأميركي على الهجوم أثار تساؤلات عما إذا كان السبب يعود إلى “ضعف” إدارة بايدن، بحسب اتهامات الجمهوريين، أو أنه “يتأنى في اختيار الأهداف” حتى لا يؤثر على “الحالة القائمة” في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي لصحافيين في الطائرة الرئاسية الأميركية: “من الممكن جداً أن تشهدوا مقاربة متدرجة في هذه الحال، ليس مجرّد إجراء واحد بل احتمال اتّخاذ إجراءات عدة”.

ويبدأ بلينكن السبت المقبل، زيارة لاسرائيل هي السادسة منذ بدء حرب غزة. وأوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية، أن زيارة كبير الديبلوماسيين الأميركيين تأتي في خضم البحث في صفقة جديدة لإطلاق الرهائن الذين تحتجزهم “حماس”، وبعد اتفاقات جرى التوصل إليها في اجتماع باريس، بحضور مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” وقائد جهاز المخابرات الاسرائيلية “الموساد” ديفيد بارنيع، ورئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، بالاضافة إلى رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.

وقال بلينكن خلال استقباله الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” ينس ستولتنبرغ في واشنطن العاصمة: “كنا واضحين في تحذير أي جانب كان يتطلع إلى استغلال الصراع في الشرق الأوسط ومحاولة توسيعه: لا تفعلوا ذلك”، مضيفاً أن بايدن “كان واضحاً تماماً: سنرد بشكل حازم على أي عدوان”.

وكرر أن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على “وضع نهاية دائمة لدائرة العنف التي شهدناها في المنطقة جيلاً بعد جيل”، معتبراً أن “الفرصة متاحة لتحقيق ذلك بالفعل” لكي تتمتع إسرائيل بعلاقات مع كل جيرانها في إطار “التزامات أمنية وضمانات تحتاج إليها للتأكد من قدرتها على المضي في السلام والأمن”، مقابل “سلطة فلسطينية يجري إصلاحها، وطريق واضحة إلى دولة فلسطينية”.

ورأى أن هذه الرؤية “تعزل عدداً صغيراً من اللاعبين الذين لا يريدون (…) تحقيق ذلك الهدف”، مسمّياً إيران التي ترفض هذه التوجهات.

وتفاعل أمس بقوة موضوع التوصل الى صفقة في إطار “هدنة مقابل الأسرى”. ونقل الاعلام الاسرائيلي عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأكيده أن اسرائيل لن تطلق سراح الآلاف من الفلسطينيين ضمن صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين.

وقال: “أسمع الكثير من البيانات عن صفقات مختلفة… أود أن أوضح أننا لن ننهي الحرب من دون تحقيق كل أهدافنا ومعنى ذلك القضاء على حماس وعودة الرهائن وضمان أن غزة لن تشكل تهديداً على إسرائيل مستقبلاً… لن نخرج الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة ولن نطلق سراح آلاف الارهابيين. لن يحدث ذلك. سوف نحقق نصراً ساحقاً”.

وكان وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير هدد بالانسحاب من الحكومة في حال إبرام أي اتفاق “غير محسوب” مع “حماس” لاستعادة رهائن تحتجزهم في غزة. وكتب بن غفير اليميني المتطرف على منصة “إكس”: “اتفاق غير محسوب = تفكيك الحكومة”.

أما رئيس الوزراء القطري فأعلن في واشنطن عن عرض مقترح على “حماس” لهدنة يتم بموجبها الافراج عن رهائن جدد، مشيرا إلى “تقدم ملحوظ” خلال اجتماع عقد الأحد في باريس بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز وكبار المسؤولين المصريين والاسرائيليين والقطريين.

وبالفعل، أعلنت “حماس” أنها تدرس المقترح. وأوضحت في بيان أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية يؤكد أن “الحركة تسلمت المقترح الذي تم تداوله في الاجتماع وأنها بصدد دراسته وتقديم ردها عليه على قاعدة أن الأولوية هي لوقف العدوان الغاشم على غزة وانسحاب قوات الاحتلال كلياً إلى خارج القطاع”.

وحسب المعلومات المتداولة، فان الصفقة المطروحة لا تنص على وقف حرب، لكنها تؤسس لذلك وتعالج المرحلة الأولى من الصفقة، وتترك المرحلتين المتبقيتين لاجتماعات لاحقة.

ووفقاً للخطوط العريضة، ستشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح ما بين 35 و40 مختطفاً، جميعهم من النساء والأطفال والبالغين الجرحى والمرضى فوق سن 60 عاماً، على أن توقف إسرائيل الهجوم على غزة لمدة 45 يوماً وتطلق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين بمَن فيهم المتهمون بقتل إسرائيليين (بين 100 و250 أسيراً فلسطينياً مقابل كل رهينة).

وقالت “القناة 12” الاسرائيلية إنه بحسب ما تطلب “حماس” يتوقّع إطلاق سراح آلاف الأسرى في النهاية (ما بين 4 و5 آلاف أسير).

وفي المرحلتين الثانية والثالثة، سيتم إطلاق سراح الجنود النظاميين وجنود الوحدات الاحتياطية (رجال ونساء) والرجال الآخرين (تحت سن 60)، مع توقف أطول للحرب، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين وستشمل المرحلة الأخيرة كذلك تسليم جثامين.

وأكد مسؤول إسرائيلي لموقع “واللا” أن “الهدف هو البدء في المرحلة الأولى مع تفاهمات أولية بشأن المرحلتين الثانية والثالثة”.

وفي غزة، قتل عشرات الفلسطينيين في الساعات الـ24 الأخيرة في معارك ضارية بين الجيش الاسرائيلي “وحماس” وفي القصف على القطاع. فيما قتلت وحدة من القوات الاسرائيلية ثلاثة فلسطينيين في جنين وصفهم الجيش بأنهم “إرهابيون”. وبحسب مصادر فلسطينية، قتلوا “بالرصاص” في أحد المستشفيات على يد رجال باللباس المدني بأسلحة مزودة كواتم صوت.

وبحسب وزارة الصحة التابعة لحركة “حماس” قتل 128 شخصاً على الأقل خلال الساعات الـ 24 الماضية في المعارك والقصف الجوي الاسرائيلي في قطاع غزة بينهم “العشرات” في خان يونس حيث الوضع خطير في المستشفيات الكبرى.

وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري: “في الأسابيع الأخيرة تركزت عملياتنا على خان يونس… عاصمة حماس في جنوب غزة”.

كذلك، أعلن الجيش الاسرائيلي أنه يقوم بضخ كميات ضخمة من المياه في أنفاق بغزة بهدف تدمير شبكة الأنفاق المترامية تحت الأرض والتي يستخدمها عناصر “حماس” لشن هجمات على إسرائيل، مشيراً في بيان الى أن “ذلك جزء من مجموعة وسائل ينشرها الجيش الاسرائيلي للقضاء على التهديد الذي تمثله شبكة الأنفاق تحت الأرضية لحماس”.

في الغضون، جددت السعودية التأكيد على أهمية اتخاذ المجتمع الدولي المزيد من التدابير لوقف إطلاق النار في غزة، مشددة على أنها “ستبقى تَنشُد السلام وترعاه مُسًّخِرةً جهودها لكل ما من شأنه إحلال الأمن والسلم في المنطقة”.

وبعد جلسته الأسبوعية برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، دعا مجلس الوزراء السعودي الى “محاسبة قوات الاحتلال الاسرائيلي على انتهاكاتها الممنهجة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني”.

لبنانياً، وفيما كان القصف المتبادل أخف وتيرة أمس على الحدود، اجتمع سفراء الخماسية الدولية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وهو اجتماع مؤجل من الأسبوع الماضي، بسبب ترتيبات السفراء، لا سيما الأميركية، واتسم اللقاء بالايجابية وارتياح بري له، وأهم النقاط التي شدد عليها السفراء كانت: وحدة الموقف، عدم الدخول في الأسماء، فصل ملف الرئاسة عن حرب غزة وتطورات الحدود الجنوبية، دعم “الخماسية” لمشاورات يعقدها بري ثنائية كانت أو ثلاثية أو غيرها، شرط أن لا تكون طاولة حوار، على أن تدعمها “الخماسية”، وتعبير السفراء عن استعدادهم للعب دور الوساطة بين القوى السياسية من أجل انجاحها، والتوصل الى البحث في الخيار الثالث.

شارك المقال