غزة غير صالحة للعيش… لبنان يستعيد مشاهد الطوابير

لبنان الكبير / مانشيت

غزة غير صالحة للعيش، هذا ما أكده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، مذكراً بأن القطاع كان في حالة يرثى لها قبل اندلاع الحرب، وذلك بسبب الحصار الاسرائيلي له لما يقارب عقدين من الزمن، والأمر ليس بسبب الدمار فحسب بل على خلفية التبعات الاقتصادية له.

أما لبنان فدخل في شهر شباط الذي يشكل ١٤ منه محط اهتمام لدى اللبنانيين من مختلف الأطياف والقوى السياسية، وذلك بسبب الزيارة السنوية للرئيس سعد الحريري لاحياء ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وسط مطالبات دائمة له بالعودة عن تعليق العمل السياسي، لما تشكل الحريرية من أهمية في المعادلة الوطنية، لا سيما في ظل حالة الانقسام التي يعيشها البلد، وغياب المبادرات الداخلية الساعية الى تحقيق خرق في جدار الملف الرئاسي الصلب، وكون الحريري يمتلك علاقات جيدة مع مختلف القوى والأطراف اللبنانية، ويستطيع فتح ثغرة يمكن من خلالها انتاج الحلول.

وفيما خفت وتيرة الاشتباكات على الحدود الجنوبية، تفاعلت أمس تداعيات فرض ضريبة استثنائية على أرباح الشركات المستوردة للموارد النفطية في موازنة العام 2024 عن فترة الدعم للمحروقات 2020-2021، بعد إعلان الشركات المستوردة تنفيذها إضراباً مفتوحاً والتوقف عن استيراد المحروقات وتسليمها، فاستعاد اللبنانيون مشهد الطوابير أمام محطات الوقود والزحمة التي تسببت بها في الطرق، خوفاً من انقطاع المحروقات، في ظل غياب أي ثقة بالمسؤولين في الدولة.

على صعيد الميدان الفلسطيني وبعد تسريبات عن اقتراح للهدنة تدرسه “حماس”، وأحاديث عن عودة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط ضمن جهود التهدئة، لا يزال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يصعّد باتجاه استمرار الحرب. واستبعد خلال لقاء مع عائلات الرهائن الاسرائيليين لدى “حماس”، سحب قواته من قطاع غزة، متعهداً باعادة أولادهم، وجاء في بيان صادر عن مكتبه: “نبذل كل الجهود الممكنة، لكن كلما تمّت هذه الجهود بسريّة أكثر، كانت فرص نجاحها أكبر”.

أضاف: “هناك جهود حقيقية لإعادة الجميع.. ما زال من المبكر تحديد الكيفية التي ستجري بها، لكن هذه الجهود جارية حالياً”.

في الغضون، شنّ الجيش الاسرائيلي ضربات مميتة جديدة على غزة، وخاض معارك عنيفة مع مقاتلي “حماس” والفصائل الفلسطينية، وأعلنت وزارة الصحة التابعة للحركة أمس مقتل 150 شخصاً خلال 24 ساعة جراء العمليات العسكرية الاسرائيلية. واستهدفت نيران المدفعية “مستشفى ناصر” في خان يونس، حيث لجأ آلاف المدنيين، وأفيد عن اندلاع قتال قرب “مستشفى الأمل”. وأعلن الجيش الاسرائيلي قتل “عشرات الارهابيين” في غارة في خان يونس وتدمير “ورشة لتصنيع الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات والمتفجرات”.

وبينما تزداد تحذيرات المنظمات الدولية من تردي أوضاع قطاع غزة، اعتبر مدير عمليات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين أن الحرب التي بدأت قبل نحو أربعة أشهر تركت سكان قطاع غزة “يموتون من الجوع” بسبب القيود المفروضة على إدخال المساعدات الانسانية.

وحذّر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تقرير من أن الحرب جعلت قطاع غزة “غير صالح للعيش”. وقدّر أنه بحلول نهاية تشرين الثاني، دُمّر أو تضرّر 37379 مبنى أي ما يعادل 18% من إجمالي المباني في قطاع غزة، مشيراً الى أن “مستوى الدمار الناجم عن آخر عملية عسكرية إسرائيلية جعل قطاع غزة غير صالح للعيش”.

وذكّر المؤتمر بأن قطاع غزة كان في حالة يرثى لها قبل اندلاع الحرب حيث أدى الحصار المستمر منذ 17 عاماً والعمليات العسكرية المتكررة إلى جعل نحو 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الدولية.

وقدّرت الوكالة الأممية باستخدام صور الأقمار الصناعية والبيانات الرسمية أن اقتصاد غزة انكمش بنسبة 4,5% في الفصول الثلاثة الأولى من العام 2023. وقالت في بيان إن الحرب “أدت إلى تسريع وتيرة التدهور بشكل كبير وعجلت بانكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 24% وانخفاض حصة الفرد في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 26,1% على مدار العام بأكمله”.

وبعدما كانت 45% من القوة العاملة في غزة تعاني من البطالة قبل السابع من تشرين الأول، ارتفعت النسبة في القطاع المحاصر إلى 80% تقريباً بحلول كانون الأول.

وتشير تقديرات الوكالة الأممية إلى أن عملية إعادة الإعمار حتى إذا بدأت على الفور وعادت غزة إلى متوسط معدل النمو الذي شهدته في السنوات الـ15 الماضية وهو 0,4%، فإن الأمر سيستغرق سبعة عقود حتى يعود الجيب الفلسطيني إلى مستوى إجمالي الناتج المحلي الذي سجله في العام 2022.

وكانت مصادر مقربة من “حماس” ومصر وقطر أفادت بأن الحركة الاسلامية تدرس مقترحاً رسمياً للتوصل إلى هدنة تنفذ على ثلاث مراحل مع إسرائيل تنص على وقف الحرب في قطاع غزة لأسابيع.

وقالت “حماس” في وقت سابق إنها تدرس المقترحات التي وضعها الوسطاء في باريس تمهيداً لإعلان هدنة ثانية للحرب المستمرة منذ أربعة أشهر. وبحسب مصدر مقرب من الحركة ومن الوسيطين مصر وقطر فإن المرحلة الأولى من التهدئة ستشمل إطلاق “حماس” سراح ما بين 35-40 رهينة إسرائيلي من النساء والأطفال والرجال المرضى ممن هم فوق 60 عاماً.

مقابل ذلك، تفرج إسرائيل عن ما بين 200-300 أسير فلسطيني من دون أن يشمل هذا الرقم الأسرى من ذوي الأحكام العالية، كما تسمح بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة بواقع 200-300 شاحنة يومياً.

وذكر مصدر “حماس” أن وقف إطلاق النار في حال صمد، فستشهد المرحلة الثانية إفراج الحركة عن جنود الاحتياط مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين يتم التفاوض بشأنهم.

كما تشمل إطلاق سراح جنود وضباط أسرى لدى “حماس” وغيرها من الفصائل مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين يتم التفاوض حولهم في جولة مفاوضات غير مباشرة تجري بعد ما بين 4-6 أسابيع من بدء تطبيق الاتفاق.

أما المرحلة الثالثة من التهدئة فتشمل بحسب المصادر الإفراج عن جثث القتلى الأسرى من الجانبين والاتفاق حول المعابر وإعادة إعمار قطاع غزة.

وأشارت المصادر إلى أن مصر وقطر ستتوليان متابعة تنفيذ الاتفاق بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

وعلى صعيد الاقليم، بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، هاتفياً مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان في الأوضاع الأمنية والانسانية في غزة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن الوزيرين بحثا “التطورات الاقليمية والدولية، وفي مقدمها مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، وتداعياتها الأمنية والانسانية”.

شارك المقال