اسرائيل تضرب بكل الاتجاهات… وموظفو لبنان يبحثون عن معاش

لبنان الكبير / مانشيت

أسقط “حزب الله” مسيرة متطورة من طراز “هيرميز 450” فردت اسرائيل بغارات على محيط بعلبك ليرد الحزب باشعال الجولان. دوامة من الرد والرد المضاد في ظل ضيق الوقت لإنجاز اتفاق هدنة قبل شهر رمضان، بينما يتعرض رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو للضغط اليميني المتطرف لإكمال الحرب، بل لتوسيعها حتى تشمل كل التهديدات ضد الدولة العبرية من ضمنها لبنان، الأمر الذي يشعل المنطقة بأكملها، وما تشهده جبهات “وحدة الساحات” هو الحد الأدنى من إمكانات “محور الممانعة” وفق ما أعلن نائب الأمين العام لـ “حزب الله” نعيم قاسم.

وفيما التفاوض بالنار يشعل أجواء لبنان، حكومته تغرق في الاستحقاقات، من الرسالة السورية إلى الورقة الفرنسية وحتى إضراب القطاع العام، وفيما يجري التداول في الرد على الاستحقاقين الأول والثاني، تتعثر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المحدودة الصلاحيات في الثالث، بحيث أصبح الموظف ضد الموظف والمتقاعد، لا سيما موظفو وزارة المال، الذين أوقف العمل بالحوافز التي أقرت سابقاً لهم بسبب ضغط بقية الادارة العامة، وإلى أن تحل الحكومة المشكلة، يبدو أن الشهر المقبل سيكون بلا رواتب.

اسقاط مسيرة

بدأت العمليات العسكرية في الجنوب باكراً أمس، حين أعلن “حزب الله” أنه استهدف قوة اسرائيلية في موقع البغدادي، فيما أعلنت وحدة الدفاع الجوّي في الحزب أنها أسقطت طائرة مسيّرة كانت تحلق فوق اقليم التفاح، وقد شوهد حطام الـ “هيرميز 450” يتساقط في الأجواء الجنوبية، ليشن الطيران الحربي غارات عنيفة في المنطقة الواقعة بين الجرمق والجبل الرفيع قال الاعلام الاسرائيلي ان الهدف منها كان تدمير ما تبقى من المسيرة التي أسقطت.

ولاحقاً، شن سلاح الجو الاسرائيلي غارات طالت أطراف بعلبك البعيدة نحو 100 كيلومتر عن الحدود، وهي منطقة تستهدف لأول مرة من حرب تموز 2006 في تطور وصف بالخطير، فما كان من “حزب الله” إلا أن أطلق صليات صواريخ باتجاه القواعد الاسرائيلية في الجولان السوري المحتل، لتعود اسرائيل وتستهدف سيارة في منطقة المجادل الجنوبية، وينعى “حزب الله” بعدها اثنين من عناصره.

وعما إذا كان استهداف بعلبك تصعيداً يؤدي إلى حرب، اعتبرت مصادر قريبة من “حزب الله” في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الضربة هي ضمن الحرب المفتوحة غير الشاملة على لبنان، على الأقل حتى اللحظة، والمقاومة لا ترد بانفعال بل على قاعدة الرد في المكان والزمان المناسبين، تقصف اسرائيل بعلبك، المقاومة ترد في الجولان، تستهدف اسرائيل في الجنوب ترد المقاومة في الشمال الفلسطيني المحتل، وكل ردود المقاومة محسوبة بالسنتيمتر، وهي لا تسعى الى اشعال حرب، بل الى خلق توازن الرعب وردع العدو عن استباحة الأراضي اللبنانية”.

وأشار نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال تأبيني إلى أن “الاسرائيلي لو تمادى سنرد أكثر، وكل ما استخدمناه حتى الآن في القتال هو الحد الأدنى مما نملك من إمكانات”.

أضاف: “أي توسع سيكون مقابله توسع، ليس هناك ما يوقفنا إلَّا قرارنا وتقديرنا بأنَّ المصلحة ما نقوم به، لكن عندما يتوسع الاعتداء فالمصلحة أنَّ نوسِّع لنمنع هذا الاعتداء من أن يتمادى ومن أن يحقق أهدافه. نحن نراقب كل شيء وندرس الساحة تماماً، ولدينا فهم لما لدى العدو ولكل أداءٍ رد”.

الهدنة والخلافات الاسرائيلية

يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يعمل على إقراره قبل شهر رمضان، يواجه العرقلة بسبب الخلافات الاسرائيلية الداخلية، بحيث نقل الاعلام الاسرائيلي أن نتنياهو وبخ الوفد المفاوض الذي كان قد توجه إلى العاصمة القطرية الدوحة بقيادة رئيس الموساد ديفيد برنياع للتفاوض على الهدنة، وانتقد طريقة عمل الوفد خلال اجتماع هاتفي، قائلاً: “هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن تتفاوضوا بها، عليكم أن تكون صارمين”.

على أن التوجه في اسرائيل هو إلى تغيير الوفد في المرحلة المقبلة، وقررت ارسال وفد وُصف بالفني للاتفاق على التفاصيل المتعلقة بالصفقة المحتملة.

ورأت وسائل الاعلام أن ما يزيد الأمور تعقيداً بشأن الصفقة المرتقبة هو المطلب الجديد الذي طرحه نتنياهو، والمتمثّل في إبعاد المعتقلين الفلسطينيين من ذوي الأحكام المرتفعة الذين سيُطلق سراحهم إلى قطر، وألّا يُفرج عنهم ليعودوا إلى الضفة الغربية.

بالاضافة إلى ذلك، يواجه نتنياهو معارضة مع عدد من وزرائه للصفقة، وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، اللذان يرفضان عقد صفقة تكون نتيجتها وقف الحرب.

وهدد سموتريتش بالتصويت ضد أي صفقة مرتقبة مع حركة “حماس” لإطلاق سراح المختطفين الاسرائيليين وتؤدي إلى وقف الحرب على قطاع غزة؛ وقال في مؤتمر في القدس الأحد: “سأصوّت ضد أي اتفاق ينص على عودة جميع المختطفين مقابل إنهاء الحرب”. واعتبر أن “هناك ترتيباً للأولويات، وأوّلها الانتصار على حماس؛ والهدف الثاني هو عودة المختطفين”.

الورقة الفرنسية

في سياق التهدئة، يدرس لبنان الرسمي الورقة الفرنسية والطريقة المناسبة للرد. وقال مصدر ديبلوماسي لموقع “لبنان الكبير”: “على عكس ما يتم تداوله في بعض وسائل الاعلام فإن الورقة الفرنسية حول التهدئة على الحدود التي تم تسليمها إلى لبنان الرسمي تتضمن تهديداً، والواقع هو أن فرنسا تحذر لبنان مما قد تقدم عليه اسرائيل ولا تهدده، والاقتراحات الفرنسية هي برأي الاليزيه أفضل الممكن نسبة الى وضع لبنان الحالي”.

ولكن الورقة الفرنسية هي “لزوم ما لا يلزم” وفق ما رأى مصدر قريب من مرجعية سياسية في حديث لموقع “لبنان الكبير” كون المعني بموضوع الحدود اللبنانية – الاسرائيلية هو الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. ولفت المصدر إلى أن “الأميركيين تهكموا على الورقة الفرنسية، فيما لبنان الذي يسعى الى الحفاظ على أفضل العلاقات، أخذها على محمل الجد، وسيكون الرد عليها بأن اسرائيل هي التي تخرق الـ 1701، وهي التي لا تزال تحتل أراضي لبنانية، فيما لبنان يلتزم الشرعية الدولية وقراراتها”.

الرسالة السورية

بعد الورقة الفرنسية تدرس الحكومة الرسالة السورية المتعلقة بالأبراج العسكرية للجيش اللبناني، وتحاول إيجاد الرد المناسب عليها، إلا أن مصادر مطلعة على الموقف السوري، أشارت لـ “لبنان الكبير” إلى أن “دمشق ترى في الأمر تهديداً حقيقياً لأمنها القومي، فيما لبنان لم يقدم على أي خطوة تبدد هواجسها، لا من جهة التنسيق العسكري والأمني، ولا السياسي، وكانت سوريا تغض النظر سابقاً بسبب العلاقة الوثيقة التي تربطها مع أطراف لبنانية، إلا أن الوقت حان لتحافظ على أمنها وسيادتها”.

إضراب القطاع العام

محلياً، يشكل موضوع إضراب القطاع العام هاجساً لأركان البلد، فبعد إيقاف العمل بالحوافز المخصصة لموظفي وزارة المال، انضم هؤلاء إلى الاضراب. وأكدت مصادر الوزارة لموقع “لبنان الكبير” أن المعاشات والرواتب للمدنيين والعسكر “واقفة”، وأيضاً جميع الأنظمة و”السيستمات”، وأن البيان الذي صدر كان واضحاً “إذا ما بترجع بتمشي الحوافز ما بيمشوا الرواتب”.

وأوضحت المصادر أن هذه الحوافز عبارة عن سلفة، وتم تعديل سلفة خزينة قديمة، وأعطيت من خلالها هذه الحوافز وهذا التعديل حصل في مجلس الوزراء بالاجماع.

وعن سبب هذه الحوافز، قالت: “تم إعطاؤهم اياها انطلاقاً من مبدأ أن الوزارة ولا مرة وقفت شغل على الرغم من الأزمة الاقتصادية وكورونا والاضرابات، وأن “كثيراً من الأسلاك حصلت على حوافز كهذه خلال الفترات الماضية أمثال القضاة وأوجيرو والأساتذة والعسكر تحت مسمى بدل محروقات، وكانت السلفة حينها بحدود 80.000 مليار ليرة لبنانية، في المقابل فإن سلفتهم لا تتعدى الـ 100 مليار ليرة”.

شارك المقال