“الحزب” – إسرائيل: تفاوض بالنار لـ “ما بعد بعد الهدنة”؟

لبنان الكبير / مانشيت

اشتدي حرباً تنفرجي سلماً؟ لا تتسم التسويات بهدوء وودّ. لا بد من مفاوضات بالنار، بالصواريخ أو المسيرات أو الطائرات. هل نحن في هذه اللحظة؟ أطل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مقابلة تلفزيونية ليعلن أن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين نقل عرضاً سلمه الى الرئيس نبيه بري ليدرسه، الثنائي الشيعي المقرر في الأمور اللبنانية الكبرى، وهو يتجاوز الهدنة الظرفية، المرتبطة بغزة، الى استقرار طويل المدى أو دائم، بمعنى تسوية متكاملة بين “حزب الله”، نيابة عن لبنان، وبين اسرائيل. والمفارقة أن هوكشتاين في مسعاه الحالي خالف عادته إذ كان يزور “العدو” أولاً ثم يحل علينا ناقلاً ما سمع، في حين أنه انتقل من عندنا الى عندهم لينقل ما سمع على الأرجح.

الأمور متداخلة بصورة ملفتة. فأن يجتمع هوكشتاين مع المعارضة اللبنانية ليسمع منها، أو في الحقيقة ليطلعها على إتجاه البوصلة، مع استفهامات “عفوية” عن الرئاسة… كلها أمور تدفع الى الظن بأن الطبخة الأميركية قد تكون شاملة، أمناً وسياسة ودعماً.

وعلى وقع استقبال هوكشتاين في تل أبيب اختار “حزب الله” المكان والزمان المناسبين للرد على استهداف اسرائيل للمدنيين في جنوب لبنان وآخرها كان في بنت جبيل وحولا، فأشعل سماء كريات شمونة والشمال الفلسطيني المحتل، نهاراً وليلاً، بصليات صاروخية كثيفة، غير آبه بتهديد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بأن ما وصفها بـ”اعتداءات حزب الله” تقرّب اسرائيل من الحرب، “ليرعد” رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في وجه غالانت وضيفه هوكشتاين قائلاً: “أسلحة الحرب المفتوحة لم تفتح مخازنها بعد”. ويبقى على الميدان انتظار ما نقل هوكشتاين معه لاسرائيل، وإذا كان رئيس الوزراء المأزوم بنيامين نتنياهو، مستعداً للمضي في اتفاق مع لبنان قبل تبلور المشهد الفلسطيني.

ويبدو أن الميدان مرتبط بالاستحقاق الرئاسي وإن بصورة غير مباشرة، فانتخاب رئيس يهيئ الأجواء للاتفاق الذي يعمل عليه هوكشتاين. والاتفاقات الدولية تكون ممهورة بامضاء رئيس الحمهورية وفق الدستور اللبناني، وقد توافق هوكشتاين مع الرئيس بري على فصل الملف عن الحرب، من جهة عدم استثمار الحرب ونتائجها في الاستحقاق الدستوري، فيما نصح نواب المعارضة بالتحاور مع بري كونه يبدي مرونة وانفتاحاً. وعلى الرغم من تطمينات هوكشتاين، علم “لبنان الكبير” أن المعارضة متوجسة من صفقة يعقدها “حزب الله” مع الأميركيين على حسابهم، وحساب لبنان.

وتقول مصادر في المعارضة لـ “لبنان الكبير”: “من هنا لا يمكن تجاوز المعارضة التي تضفي على زيارة هوكشتاين بعضاً من التوازن وخصوصاً أن حلحلة الملف الرئاسي لا يمكن أن تكون عبر الاستماع إلى فريق الممانعة والمسؤولين الرسميين الذي يمثّلون هذا الفريق في الدولة فقط، وكان هوكشتاين مقتنعاً بأن هذه المعارضة تمثّل أكثرية من اللبنانيين وبالتالي من الضروري الاستماع إلى صوتها ورأيها، علماً أنها تتمتع بشعبية كونها منتخبة. وفي الوقت الذي يفرض الحزب إرادته من خارج الدولة، تعمل المعارضة من داخل الدولة”.

الجنوب يشتعل

جنوباً، بدأت المناوشات في ساعات الفجر الأولى أمس، فأطلق الجيش الاسرائيلي رشقات نارية من الأسلحة الثقيلة باتجاه بلدة اللبونة، وتعرضت أطراف الوزاني للقصف، كما استهدف مدينة بنت جبيل بغارات عنيفة، ليعود ويرتكب مجزرة في بلدة حولا أدت الى مقتل 3 مدنيين من عائلة واحدة.

في المقابل، أعلن “حزب الله” عن سلسلة عمليات استهدفت موقع بركة ريشا ومستعمرة نطوعا، ورد على استهداف المدنيين بقصف كريات شمونة ليعلن مساء عن قصف مستعمرة كفربلوم بعشرات صواريخ الكاتيوشا رداً على استهداف المدنيين في حولا. وشوهدت صواريخ الحزب فوق المستعمرات الشمالية تتصدى لها منظومة الدفاع الجوي الاسرائيلية، واستمر القصف المتبادل ليلاً على وقع اسقاط الطيران الحربي بالونات حرارية في مناطق مختلفة من البلاد وصولاً إلى بيروت.

غالانت ورعد

وسط هذه الاجواء كان وزير الدفاع الاسرائيلي يستقبل هوكشتاين في تل أبيب، وقال أمام ضيفه: “عدوان حزب الله يقرّبنا من نقطة الحسم بشأن عملنا العسكري”. كما أكد غالانت لهوكشتاين “التزام تل أبيب بالجهود السياسية للتوصل إلى اتفاق لتجنب التصعيد على الحدود مع لبنان”.

أما النائب محمد رعد فأكد أنّ المقاومة مصمّمة على مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية وستمنع العدو من أن يُنفّذ مشروعه العدوانيّ، مشدداً على أنّ المقاومة ما زالت تلتزم بالدقة في معادلات الردع، التي فرضتها على العدوّ الاسرائيليّ ويحاول أن يتفلّت منها لكن ليس بمقدوره أن يُلغيها. وقال: “العدوّ يتسلّل من بين النقاط ليبرّر لنفسه أنّه مُنضبط بقواعد الرّدع لكن حصل تفلّت هنا وهناك وحتى الآن ينضبط قهراً وهو يعرف أنه إذا أراد التفلّت من قواعد الردع فسيقع في مصيبةٍ كبرى. ونحن نأمل أن يُخطئ الاسرائيليّ ويتورط في إرتكابها”. وأشار الى العمل وفق حساباتٍ دقيقة، “لأنّ المصلحة الكبرى هي التي نَنشُدها من خلال أدائنا ونهجنا في المقاومة حتى الآن”، لافتاً إلى أنّهم لم يستعملوا أسلحتهم كلها وأسلحة الحرب المفتوحة لم يفتحوا مخازنها بعد.

ميقاتي

على وقع كل ذلك، أطل الرئيس ميقاتي في مقابلة متلفزة أمس تحدث فيها عن تفاصيل زيارة هوكشتاين، وكشف أن الديبلوماسي الأميركي قدم طروحاً للرئيس بري، وسيحصل تواصل خلال 48 ساعة، ليحصل على رد لهذه الطروح. وشدد ميقاتي على أن “الكل يعمل لتهدئة جبهة الجنوب وأن يكون هناك استقرار طويل المدى أو دائم وهذه المهمة لهوكشتاين. والطروح طرحت، وحتى تنضج ندخل في مرحلة استقرار وعنوانها الآلية لتطبيق القرار 1701 كاملاً”.

وقال ميقاتي: “نحن نريد استقراراً دائماً في الجنوب وأنا والرئيس بري نعمل للوصول الى هذا الهدف، وأعتقد أن الرئيس بري يتشاور مع حزب الله”.

شارك المقال