رمضان كريم… وافلسطيناه

لبنان الكبير / مانشيت

حلّ شهر رمضان هذا العام بنكهة مختلفة، فالحرب القائمة في قطاع غزة وعلى الحدود الجنوبية، غيرّت كثيراً من المعادلة القائمة، وفيما تستعد غالبية الدول العربية لاستقبال الشهر الفضيل، يستقبله أهالي القطاع المحاصر بالكثير من الأسى مع فشل المفاوضات الأخيرة في التوصل الى هدنة خلاله.

وربطاً بما يحدث، أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة الى اللبنانيين بمناسبة حلول شهر رمضان أن “تحديات العيش والنظام في لبنان بدأت بحرب غزة لكنها تعاظمت بعشرات القتلى، وبتهجير الناس من الجنوب اللبناني. لقد ظننا أن القرار الدولي رقم 1701 سيحمي لبنان، لكن ذلك لم يكن صحيحاً لأن الكيان الاسرائيلي لا يلتزمه، ويخالف كل القرارات الدولية بعدوانه على لبنان، ويقتل أبناءنا، ويدمر بيوتنا، فالاعتداء على أي منطقة في لبنان، هو اعتداء على كل لبنان، لا نفرق ولا نميز بين منطقة وأخرى، وما يحصل من عدوان على الجنوب، هو برسم صنّاع القرار في المجتمع الدولي”، معتبراً أن “لا حل للقضية الفلسطينية إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الحرة، وعاصمتها القدس الشريف”.

وحذر دريان من أن “لبنان في دائرة الخطر، والسبب الأول هو الشغور الرئاسي، فانتخاب رئيس للجمهورية، هو الخطوة الأولى نحو بناء الدولة، والطريق الصحيح القويم، في تفعيل عمل مؤسسات الدولة المترهلة”، قائلاً: “مهما اختلفت الرؤى السياسية، علينا بالتوافق والتعاون للاستقرار والاستمرار في وطننا، الذي هو بحاجة إلينا جميعاً لحسن إدارة البلد بهمة أبنائه. إن الأولوية المطلقة اليوم، هي إجراء انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يمكن أن نخرج من أزماتنا إلا بإنجاز هذا الاستحقاق”.

وفي السياق نفسه، قال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز: “يؤلمنا أن يحل شهر ‎رمضان هذا العام، في ظل ما يعانيه أشقاؤنا في فلسطين من اعتداءات”. وشدد على “ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته، لإيقاف هذه الجرائم الوحشية، وتوفير الممرات الانسانية والاغاثية الآمنة”.

غزة

وبعد مرور 156 يوماً على حرب متواصلة، ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة نتيجة العمليات العسكرية الاسرائيلية الى 31045، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة.

وأشارت المعطيات الى تسريع الجهود الديبلوماسية في الأيام العشرة المقبلة، بهدف محاولة التوصل إلى اتفاق خلال النصف الأول من رمضان. فيما أعلن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي الأميرال دانيال هاغاري أن إسرائيل تستعد “لجميع السيناريوهات المحتملة خلال شهر رمضان”.

“حزب الله” وإسرائيل

وفي وقت يستمر تبادل القصف على الحدود الجنوبية، أعلن الجيش الاسرائيلي عن اجراء تدريبات عسكرية على تنفيذ عمليات إمداد لقواته البرية خلال عملية اجتياح محتملة تتوغل خلالها في الأراضي اللبنانية، بموازاة مضي “حزب الله” في خطوة تصعيدية أخرى، تمثلت في قصف هدف عسكري إسرائيلي في عرعر الواقعة على مسافة 40 كيلومتراً من الحدود اللبنانية بمسيّرتين انقضاضيتين، للمرة الأولى منذ بدء الحرب.

وفي ظل التلويح الاسرائيلي بتصعيد العمليات العسكرية إلى حرب واسعة النطاق في مواجهة “حزب الله” على الجبهة الشمالية، أكد الجيش الاسرائيلي، في بيان صدر عنه، أنه “جاهز لتنفيذ عمليات إمداد للقوات على الجبهة الشمالية – بكثافة عالية وتحت النيران إذا لزم الأمر”، مشيراً الى أنه “يتمرن على الإمداد المتعدد الأذرع تحت النيران في إطار الاستعداد للمناورة البرية في الجبهة الشمالية”.

كما قال انّه “جرى رصد نحو 35 عملية إطلاق (صواريخ) من لبنان باتجاه الأراضي الاسرائيلية، واعتراض عدد منها”. وفي المقابل، أعلن “حزب الله” في بيان، أن مقاتليه شنوا “هجوماً جوياً بمسيرتين انقضاضيتين على مرابض المدفعية في عرعر، وأصابت أهدافها بدقة”.

بري يترأس أي حوار

أما رئاسياً، فحسم رئيس مجلس النواب نبيه بري السجال الدائر حول مَن يدعو الى الحوار ويتولى إدارته انطلاقاً من المبادرة التي أطلقتها كتلة “الاعتدال الوطني” لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم بانتخاب رئيس للجمهورية، عبر تأكيده لـ”الشرق الأوسط” أن “الأمانة العامة للبرلمان هي مَن توجّه الدعوة الى الكتل النيابية للمشاركة في الحوار الذي سأترأسه شخصياً بلا شروط مسبقة، لعل التلاقي على طاولة مستديرة يؤدي إلى التوافق على اسم مرشح معيَّن من شأنه أن يسهّل انتخابه، لأن الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان تتطلب منا اليوم قبل الغد وضع حد لاستمرار الشغور في رئاسة الجمهورية”.

وعلمت “الشرق الأوسط” من مصادر نيابية أن كتلة “الاعتدال” لم تُفاجأ بإصرار الرئيس بري على إدارة الحوار على خلفية أنه هو من يضع آلية لاطلاقه، وأن لا رئيس غير رئيس المجلس، وهذا ما أكده لدى اجتماعه بها في إطار تسويقها لمبادرتها.

الراعي

وفي السياق نفسه، أكد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد “أننا ننظر بكثير من الإيجابيّة إلى مبادرة تكتّل الإعتدال الوطني، وإلى مساعي لجنة السفراء الخماسيّة راجين للإثنين النجاح، وشاكرين لهم على الجهود والتضحيات”، معتبراً “أننا بحاجة إلى إيمان أولئك الرجال الأربعة الذين اعتبروا أنّ المخلّع أهمّ من سقف البيت، وأنّ يسوع قادر على أن يشفيه من شلله، وبعدئذٍ هم أنفسهم يصلحون السقف ويعيدوه إلى حالته الأولى! هؤلاء الرجال علّمونا أنّ كلّ شيء في الدنيا هو للإنسان، لا الانسان لها، وعلّمونا كيف نضحّي بالمصالح الشخصيّة في سبيل الخير العام”.

عودة

ورأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أن “قول كلمة الحق أو القيام بعمل يرضي الضمير هي أعمال ضرورية في حياة الوطن. الشهادة للحق، احترام عمل المؤسسات الدستورية وإبعادها عن التجاذبات السياسية، تحاشي النقاشات العقيمة، المراقبة والمحاسبة، إدانة المحسوبية والزبائنية والاستزلام والمحاصصة والتعطيل والتسلط والتطرف هي أمور بديهية عند من أراد بناء دولة، لكن يبدو أن لا إرادة إصلاح حقيقية في لبنان ولا أحد يريد بناء الدولة”.

أضاف عودة: “نحن بحاجة إلى رجال دولة لا إلى مصطادي سلطة يستغلونها لقهر الناس وإتمام مصالحهم. نحن بحاجة إلى رجال دولة يحكمون لبنان بحكمة وتجرد، يحافظون عليه سيداً حراً مستقلاً ولا يسمحون بأي تدخل أو وصاية أو استتباع. كل يوم يمر يزيد حجم الأزمة والوقت لا يستعاد. الوقت يمر ويمضي وهجرة الأدمغة تزيد وغير اللبنانيين يتكاثرون وقد لا يبقى لبناني ليطبقوا سياساتهم الفاشلة عليه”.

شارك المقال