اسرائيل تقصف ايران وتقتل قائد المحور

لبنان الكبير / مانشيت

في هذا اليوم انتهكت اسرائيل كل الخطوط الحمر لمحور الممانعة وضربت ايران على أرضها متجاوزة بذلك كل قواعد اللعب الجديدة، ومعيدة الصراع الى ركيزته الأولى: إسرائيل – إيران، ما يضع طهران أمام استحقاق الرد المباشر على هذا الاعتداء السافر على هيبتها وسيادتها وحضورها في المنطقة، وينذر بأن يكون 7/10/2023 يوماً عادياً مقارنة بـ 1/4/2024، أمام الأخطار المحتملة في حال تدحرج الوضع الى مواجهه شاملة كبرى.

وسط قلق وتحذير أميركيين من توسع الحرب تجاه لبنان، وفيما صادق رئيس أركانها على خطط المراحل اللاحقة من القتال في الجبهة الشمالية، قررت اسرائيل أن توسع بيكار الحرب أبعد من بيروت ليصيب الأراضي الايرانية في سوريا، فشنت غارة على القنصلية الايرانية في دمشق، ودمرت مبناها بالكامل، ليتبين أن المستهدف هو قائد “فيلق القدس” في لبنان وسوريا محمد رضا زاهدي، في تصعيد يعتبر الأخطر منذ “الطوفان” في 7 تشرين الأول، والذي حذرت روسيا من أنه قد يأخذ المنطقة إلى حرب مفتوحة. ويترقب العالم رد طهران، الذي أكد سفيرها في دمشق أنه آت، متخوفاً من أن يشعل المنطقة بأكملها، اذ ان الاستهدافات الاسرائيلية السابقة للقيادات الايرانية حصلت في الأراضي السورية، وردت عليها طهران بضرب جماعات في باكستان أو في محافظة أربيل في العراق قالت انها تابعة للموساد الاسرائيلي، أما القنصلية فتعتبر أرضاً ايرانية، الأمر الذي يسبب إحراجاً لطهران، والرد بالمثل يكون بضرب أراضٍ اسرائيلية، فهل ترد إيران مباشرة أو عبر وكلائها؟ ويسود القلق بين اللبنانيين من أن يكون الرد عبر “حزب الله” كونه أقوى الأذرع الايرانية في المنطقة.

قبل الضربة كان الهدوء النسبي يخيّم على الساحات، روتين على الحدود، رافقته خطب لنواب “حزب الله” ومسؤوليه لزوم شد العصب من أجل حرب “الاسناد”، ولا كلام في السياسة باستثناء “تلطيشات” من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي خلال القداس السنوي التقليدي عن نية فرنسا في اثنين الفصح، وكلام “الجماعة الاسلامية” عن الدفاع “الاستباقي” عن لبنان والذي أصبح لا يفرق عن خطاب “حزب الله”.

القنصلية الايرانية في دمشق

إذاً، قصف اسرائيلي استهدف مبنى القنصلية في منطقة المزة في دمشق دمره بالكامل، وتبين أن المستهدف هو قائد “فيلق القدس” في لبنان وسوريا محمد رضا زاهدي، في تصعيد هو الأخطر منذ بدء الحرب في ٧ تشرين الأول، وأفاد “المرصد السوري لحقوق الانسان” عن مقتل 6 أشخاص في الهجوم، الا أن الحرس الثوري أعلن لاحقاً عن مقتل 7 مستشارين.

وفي قراءة للاستهداف الاسرائيلي، أشار الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري “إنيغما” رياض قهوجي في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “أرض السفارة تعتبر أرضاً سيادية وبالتالي هذا يساوي استهداف الأراضي الايرانية بصورة مباشرة ناهيك عن قتل أرفع قائد عسكري لايران في بلاد الشام”.

وقال قهوجي: “هذا أقصى درجات الاستفزاز لإيران التي تجد نفسها في الزاوية، هل سترد بصورة مباشرة أم تحتفظ بحق الرد وكأن شيئاً لم يكن مفسحة المجال لاسرائيل لتتمادى أكثر في حجم استهدافاتها لايران وحلفائها؟”. واعتبر أن “طهران على مفترق طرق”.

وحاولت اسرائيل وضع الغارة في إطار قواعد الاشتباك، فقالت هيئة البث الاسرائيلية إن الجيش انتظر مغادرة القنصل الايراني واستهدف زاهدي.

الا أن السفير إلايراني في دمشق حسين أكبري رأى في تصريح أن الاعتداء يعكس “حقيقة الكيان الصهيوني الذي لا يعترف بأي قوانين دولية ويقوم بكل شيء منافٍ للإنسانية، ولا يحترم أي أعراف دولية “، مؤكداً “أننا إلى جانب الشعب المقاوم ولا نخشى إجرام هذا الكيان ورد إيران سيكون قاسياً بعد استهداف إسرائيل قنصليتنا”.

وأضاف في تصريح آخر: “سنرد على الهجوم على القنصلية الايرانية بالمثل في الزمان والمكان المناسبين”.

وعلق وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان على الغارة الاسرائيلية على القنصلية الايرانية بالقول: “نتنياهو فقد اتزانه العقلي تماماً بسبب الاخفاقات المتتالية في غزة وفشله في تحقيق الأهداف الصهيونية. ونعتبر أن هذا العدوان تجاوز لجميع الأعراف الديبلوماسية والمعاهدات الدولية، ونحّمل الكيان مسؤولية عواقب هذه الخطوة وعلى المجتمع الدولي القيام بإجراءات حاسمة تجاه الجرائم”.

أما وزارة الدفاع الروسية فوصفت الهجوم بأنه “تصعيد خطير جداً قد يأخذ المنطقة إلى حرب مفتوحة، وهو هجوم على الأراضي الايرانية إذ تعتبر السفارة أرضاً إيرانية”.

اسرائيل تستعد للبنان

وفيما يشهد الميدان اللبناني تصعيداً يوماً وروتيناً يوماً آخر، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على منصة “إكس”: “ان رئيس الأركان هيرتسي هاليفي صادق على خطط المراحل اللاحقة من القتال في مناطق القيادة الشمالية”. ولم يذكر أية تفاصيل أخرى.

الراعي: مأساة لبنان التدخلات الخارجية

الى ذلك، ترأس البطريرك الراعي القداس السنوي التقليدي على نية فرنسا في يوم اثنين الفصح في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي. وتطرق إلى أوضاع العالم، ولفت الى “مآسي الحروب بين أوكرانيا وروسيا، وبين إسرائيل وفلسطين، والدول تدعم من هنا وهناك، من دون أيّ رؤية سلام، فيما الضحايا البشريّة تتكاثر، والدمار يتّسع والخسائر لا تُحصى. ولا ننسى مأساة لبنان الآتية من تدخّلات خارجيّة متفاعلة مع داخليّة أفقدته حياده الإيجابيّ الناشط. والجنوب اللبنانيّ ضحيّة بريئة في كلّ هذا”.

“الجماعة” تنطق بلسان “الحزب”

في شأن آخر، يبدو أن “الجماعة الاسلامية” تحولت إلى مكتب تعبئة لدى “حزب الله” بحيث تتماهى معه في الخطاب لدرجة لا تفرق بين الاثنين، اذ رأى رئيس المكتب السياسي لـ “الجماعة” علي أبو ياسين، في بيان أن “فعل المقاومة في غزة هو جزء من الانتصار، لكنّ كل الانتصار هو صمود الناس وثباتهم”، معتبراً أن “نصف عام من الصمود في ظل أكثر الحروب همجية سيغيّر وجه المنطقة”.

وعن انخراط “الجماعة” في مواجهة العدو الاسرائيلي، أكّد أبو ياسين أنّ “مشروع الجماعة إصلاح الدولة وتنميتها وبناؤها وقت الاستقرار، والدفاع عنها وقت الحرب ريثما تقر استراتيجية دفاعية تحمي لبنان”، مشدداً على “عدم الانجرار الى سجالات مع المعترضين، لأن الأولوية هي معركة حماية لبنان”. وقال: “دخلنا المعركة جنوباً دفاعاً عن لبنان وإسناداً لأهل غزة والإسناد يصبّ في إطار الدفاع عن لبنان أيضاً”.

شارك المقال