لبنان في مرحلة الخطر… لا تحقيق لأهداف الحرب على غزة

لبنان الكبير / مانشيت

الجميع يحذّر من خطورة المرحلة القريبة على لبنان، وأحدث تجلياتها كان ما نقلته محطة “الجديد” عن مصادر ديبلوماسية غربية تعليقاً على كلام الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي دعا عقب زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، إلى ضرورة العودة إلى اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل وتطبيق القرار 1701 من الجانبين، اذ اعتبرت المصادر أن “توقيت كلام جنبلاط يدل على أن لبنان دخل في مرحلة الخطر”.

والكلام العالي النبرة للبطريرك الماروني بشارة الراعي في وجه “حزب الله” من دون أن يسميّه يزيد من حدة الأزمة الداخلية التي لا يلوح فيها بصيص نور لغاية الآن في الوصول إلى حل لمعضلة الفراغ الرئاسي، ناهيك عن التطورات الجنوبية إثر تعمد إسرائيل خرق “قواعد الاشتباك” المعمول بها منذ العام 2006، فتصول وتجول وتتفنّن في قصف مناطق لم تقصفها من قبل في محاولات واضحة لجر “حزب الله” إلى الحرب الموسعة التي يريدها رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وترفضها واشنطن وطهران.

إلى ذلك، نصف سنة مرّت على حرب غزة ولم يتغير شيء إلا أعداد القتلى والمصابين. لا “حماس” قريبة من فرض تنازل على اسرائيل، ولا الأخيرة استطاعت تحقيق هدفها الأساس بـ “القضاء” على “حماس”، وجل ما حققته هذه الحرب هو وضع المنطقة في حالة حذر دائم من اندلاع حرب واسعة فيها، لا سيما بعد الغارة الاسرائيلية على القنصلية الايرانية في دمشق، وسط تصعيد يشهده الميدان اللبناني، ما يعني أن نتنياهو يلعب “الروليت” الروسية بمصير المنطقة بأكملها.

نحو ٣٣ ألف قتيل و٧٥ ألفف مصاب حصيلة الضحايا الغزاويين حتى الآن، بينهم ٩٥٠٠ امرأة و١٤٥٠٠ طفل، فيما تشرد أكثر من مليون و٧٠٠ ألف شخص. كل هذه الأرقام لم تغيّر سياسة العالم تجاه اسرائيل، حتى “أخطأ” جيشها وقتل ٧ عمال إغاثة من منظمة “وورلد كيتشن” فانفتحت أبواب الجحيم لدرجة أن الولايات المتحدة ربطت دعمها لاسرائيل باجراءات مناسبة على الأرض، وقد بدأت تظهر التحركات الاسرائيلية في قلب غزة حيث سحبت غالبية قواتها من القطاع المحاصر، وأبقت على كتيبة واحدة تشرف على منع النازحين من العودة إلى شمال القطاع.

انسحاب إسرائيلي

وأعلنت هيئة البث الاسرائيلية، أن الجيش أنهى عملياته البرية في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، وسحب “الفرقة 98” من هناك. وقالت: “بقيت الفرقة 162 ولواء ناحال على طريق الممر الانساني الذي يقسم القطاع إلى قسمين، والذي تمنع إسرائيل من خلاله أيضاً عودة سكان غزة من الجنوب إلى الشمال”.

وفي سياق متصل، أشار متحدث عسكري إسرائيلي، الى أن الجيش سحب كل القوات البرية من جنوب قطاع غزة، ما عدا كتيبة واحدة. ولم يقدم الجيش الاسرائيلي تفاصيل أخرى.

الميدان اللبناني

يبدو أن الجيش الاسرائيلي وضع معادلة إسقاط مسيرة يقابله قصف بعلبك، بحيث شن عدة غارات عقب إسقاط “حزب الله” مسيرة من طراز “هيرميز ٩٠٠”، كما في المرة السابقة عندما أسقط “هيرميز ٤٥٠”، واستهدفت الغارات “هنغاراً” فارغاً في بلدة السفري- قضاء بعلبك، ومرتفعات سلسلة جبال لبنان الشرقية في خراج بلدة جنتا بمحلة الشعرة على مقربة من الحدود اللبنانية – السورية.

في هذه الاثناء، استمر الميدان الحدودي على حاله، قصف اسرائيلي طال العمق الجنوبي، حيث استهدف السريرة في قصاء جزين، وكذلك طورا وجناتا. فيما أعلن “حزب الله” استهداف موقعي السماقة والمنارة، وكذلك قصف ثكنة كيلع بعشرات الصواريخ.

ايران تستمر بالتهديد

أعلن كبير المستشارين العسكريين للمرشد الايراني الجنرال رحيم صفوي أن جميع سفارات إسرائيل لم تعد آمنة.

ونقلت وكالة “تسنيم” التابعة للحرس الثوري عن صفوي، قوله إن “الاستراتيجيات الاقليمية ستشهد تغييرات جذرية”، معتبراً أن “جبهة المقاومة ستقرر مصير المنطقة بقيادة إيران”.

وكانت صحیفة “همشهري” التابعة لبلدية طهران نشرت أسماء صور 9 صواريخ إيرانية، قالت إنها “قادرة على ضرب إسرائيل”، ومن بينها صاروخ “خرمشهر 4” البالغ مداه ألفا كيلومتر، وصاروخ “سجيل” الذي يصل مداه إلى 2500 كيلومتر، وصاروخ “قاسم سليماني” البالغ مداه 1400 كلم، وصاروخ “خيرشكن” البالغ مداه 1450 كيلومتراً.

اسرائيل مستعدة

في المقابل، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت، إن الاستعدادات اكتملت للتعامل مع أي سيناريو قد يستجد مع إيران.

وأصدر مكتب غالانت بياناً بعد أن أجرى “تقويماً لموقف العمليات” مع كبار ضباط الجيش، وفقاً لوكالة “رويترز”. وأضاف، في البيان: “إثر اكتمال التقويم، أكد الوزير غالانت أن مؤسسة الدفاع أكملت الاستعدادات للردود، في حالة وقوع أي سيناريو قد يستجد في مواجهة إيران”.

الراعي يهاجم أمراء الحروب

هاجم البطريرك الراعي من وصفهم بـ “أمراء الحروب”، معتبراً أنهم متعطشون للدماء. وسأل “من سلّطكم على الأرواح البشريّة وأنتم تتعدّون على سلطة الخالق، معطي الحياة ومستردّها؟”.

وتابع الراعي: “لا تعتقدوا أنّكم أقوياء بأسلحتكم، بل أنتم أضعف الضعفاء! ما يقوّيكم هو قلبكم إذا كانت فيه محبّة ورحمة! ما يقوّيكم هو عقلكم إذا كان ينوّركم فتفكّرون بمن تقتلون وبأملاك من تدمّرون، وبمنازل من تهدمون! ما يقوّيكم هو إرادتكم إذا أمسكت يدكم عن استعمال كلّ هذه الأسلحة التي تظنّون أنّكم بها أقوياء. لا! بل أنتم أقوياء بإنسانكم المخلوق على صورة الله، على المحبّة والرحمة”.

جنبلاط في عين التينة

إلى ذلك، زار وليد جنبلاط الرئيس بري في عين التينة، وقال بعد اللقاء: “فوق الصعاب، صعوبة المرحلة، وفوق الضجيج، ضجيج الحرب، أتيت لزيارة دولة الرئيس نبيه بري لتقديم واجب العزاء بشهداء حركة امل وشهداء المقاومة والأهالي وشهداء سائر التنظيمات وتضامناً مع أهل الجنوب”.

أضاف جنبلاط: “تحدثنا قليلاً عن الأوضاع الحالية ونأمل دائماً أن نجد أفقاً لإختراق جدار الكراهية والوصول الى التسوية المقبولة لتنفيذ القرار 1701 والعودة الى اتفاق الهدنة عام 1949 الذي اذا ما قرأناه بشكل مفصّل يملي على الفريقين اللبناني والاسرائيلي منطقة معينة من الحدود فيها حد من التسلح، إذا صح التعبير وهذه قد تكون انطلاقة”.

ورداً على سؤال حول إرتباط ملف الرئاسة بحرب غزة والجنوب، أجاب جنبلاط: “هذا الأمر لم أسمعه، والملف الرئاسي ملف لبناني والذين يرفضون الحوار عم يغلطوا مش نحنا”. وأكد أنه لم يبحث الملف الرئاسي.

شارك المقال