جريمة باسكال تسترجع لغة الحرب… تأهب للرد الايراني

لبنان الكبير / مانشيت

“تنذكر وما تنعاد”… الجملة التي اعتاد اللبنانيون تردادها في ذكرى الحرب الأهلية التي تصادف اليوم في 13 نيسان، لتكون عبرة لأجيال المستقبل حتى لا تتكرر مآسي الماضي، وهو التاريخ نفسه الذي اختار “لبنان الكبير” أن يكون يوم انطلاقته منذ ٣ سنوات، ليبعث برسالة عنوانها لبنان الدولة والوطن والطائف، ولكن الرسالة وحدها لا تكفي، فها هي القوى السياسية لا تفوّت فرصة لتزيد من تدمير البلد قلباً وقالباً: هذا يشن حرباً من دون استئذان أحد لمصلحة أجندات خارجية، وذاك يريد محاربته فيركب أي موجة مهما كانت بغيضة لحشد الجمهور ضده، عدا عن اللجوء إلى لغة من المفترض أن الزمن مضى عليها.

وقد شكل مقتل باسكال سليمان العنوان الأبرز على الساحة اللبنانية في الأيام الماضية، وفيما قبلت “القوات اللبنانية” بالرواية الرسمية، إلا أنها اعتبرت أن اللوم يقع على “حزب الله” الذي خلق مزرعة الدويلة التي ضربت مفهوم الدولة، بينما صبّ القواتيون جام غضبهم على اللاجئين السوريين في مناطق عدة، في وقت ارتفع فيه منسوب خطاب التقسيم والكراهية من جديد، والحديث عن حرب بين “ثقافة الموت” و”ثقافة الحياة”.

في هذه الأثناء، وفيما تستمر السخونة على الحدود، تتأهب الولايات المتحدة واسرائيل لرد ايران على قصف قنصليتها في دمشق، وسط معلومات استخباراتية عن حصوله خلال الساعات الـ ٤٨ القادمة، وتتوقع غالبية المحللين أن يكون عبر وكلاء ايران في المنطقة، لذلك تشهد الجبهة في الأراضي الشمالية لفلسطين المحتلة تأهباً غير مسبوق.

جعجع

شيّعت “القوات اللبنانية” أمس مسؤولها المغدور باسكال سليمان في مأتم حاشد، ضم فعاليات سياسية وشعبية، وقال رئيسها سمير جعجع بعد الجناز: “من الممكن يا باسكال انك تسأل اليوم، مع العلم انني لا أعتقد ذلك لأنك من عليائك أصبحت ترى وتدرك كل الأمور وتعرف ما الذي سيحصل، ولكن أيضاً من الممكن أن كثراً يسألون: طيب وهلق شو؟ الجواب بسيط وواضح جداً: وقت الخطر قوات”.

وأضاف: “المواجهة مستمرة، وستبقى الى حين الوصول الى شاطئ أمان فعلي، حقيقي، ثابت ونهائي. مواجهتنا ليست للأخذ بالثأر أو رد فعل أو مواجهة طائفية أو مناطقية أو عرقية، بل هي من أجل الانتقال من الواقع المرير، المؤلم، المجرم، الفاشل الذي نعيش فيه منذ سنوات، الى الواقع الجديد المرتجى ككل مجتمعات العالم المتحضّر حيث يعيش الانسان فيه بأمان واستقرار وعزة وحرية وكرامة. واقع جديد يمكنه استيعاب الأجيال الجديدة وأحلامها وتطلّعاتها وآمالها، ويؤمن لها حياة كريمة وفرص نجاح لا تنتهي وآفاقاً مستقبلية لا حدود لها، وذلك في لبنان وليس في أي بلد ثانٍ.”

وأكد جعجع أن “مواجهتنا مستمرة مع جميع اللبنانيين الشرفاء الأحرار حتى الوصول لهون بالتحديد، كي لا نتعرض كل 5 أو 10 سنوات الى حرب جديدة، وكي لا نعود نخجل بجواز سفرنا اللبناني أمام العالم، كي لا نبقى موسومين ببلد الإرهاب والكبتاغون، كي لا تستمر عمليّات الاغتيال والقتل والخطف كما حصل مع باسكال”.

الراعي

أما البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي فقال خلال الجناز: “لبنان الرازح تحت أزماته الإقتصادية والمالية، ونزيف أبنائه بهجرتهم، لا يتحمل إضافة أعباء نصف سكانه، وهذا ما تعجز عنه كبريات الدول. ومن ناحية أخرى يجمع المعلقون على هذا الخطف والاغتيال، في منطقة الشهيد باسكال الآمنة أن السبب الأساسي الذي يستسهل الإجرام المغطى سياسياً من النافذين، والهارب من وجه العدالة أو المتمرد عليها وعلى القضاء، هو عدم انتخاب رئيس للدولة. وبالتالي حالة الفوضى في المؤسسات الدستورية والوزارات والادارات العامة وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين والغرباء العائشين على أرض لبنان، لمصلحة من هذه الفوضى في الحكم والإدارة والقضاء والسلاح وقرار الحرب والسلم من خارج قرار الدولة؟”.

الاستعداد للرد الايراني

في شأن آخر، استهدفت اسرائيل الاعلام مجدداً في جنوب لبنان، حيث وجهت رصاص التمشيط من موقع مسكاف عام الى سيارة فريق “الميادين”، الذي نجا بأعجوبة.

وفيما استمرت السخونة على الجبهة اللبنانية، استنفرت اسرائيل لاستقبال الرد الايراني على ضربة القنصلية في دمشق، والذي توقع مسؤولون أن يكون خلال ٢٤ ساعة. وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة تتوقع هجوماً من إيران على إسرائيل لكنه لن يكون كبيراً بما يكفي لجر واشنطن إلى الحرب.

وأعلن البيت الأبيض في وقت سابق أن واشنطن لا تريد أن تتسع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وأن الولايات المتحدة أبلغت إيران أنها لم تشارك في الضربة الجوية ضد قائدها العسكري في دمشق. وأشار الى أنه حذر إيران من استخدام هذا الهجوم ذريعة لمزيد من التصعيد في المنطقة.

وأكد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت يوم الخميس أن إسرائيل سترد مباشرة على أي هجوم إيراني. ونقل مكتب غالانت عن الوزير قوله لنظيره الأميركي لويد أوستن: “أي هجوم إيراني مباشر سيستلزم رداً إسرائيلياً مناسباً على إيران”.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الوزيرين بحثا دعم واشنطن الثابت لأمن إسرائيل في وجه تهديدات إيران ووكلائها.

ودعت روسيا وألمانيا الخميس دولاً في الشرق الأوسط إلى التحلي بضبط النفس. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حكومته تستعد “للوفاء بجميع المتطلبات الأمنية” لإسرائيل في ظل تصاعد التوتر بالمنطقة جراء توعد إيران بالانتقام من إسرائيل.

واتصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بنظيرها الايراني حسين أمير عبد اللهيان ودعته إلى التحلي “بأقصى درجات ضبط النفس” لتجنب المزيد من التصعيد.

نصائح غربية

إلى ذلك، نصحت وزارة الخارجية الروسية مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى الشرق الأوسط خصوصاً إسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي: “من المهم جداً حالياً أن يتحلى الجميع بضبط النفس حتى لا يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار الوضع بشكل كامل في منطقة لا تنعم بالاستقرار ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث فيها”.

ونصح وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الفرنسيين بضرورة الامتناع عن التوجه إلى إيران وإسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية، على ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية في موقعها الإلكتروني، أن الجيش الاسرائيلي والاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) وافقا على خطط لشن هجوم على إيران في حال تعرض إسرائيل لهجوم من أراضيها، مشيرةً إلى تعزيز مستوى التنسيق بين الجيشين الأميركي والاسرائيلي.

وفي إطار متصل، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مسؤول أميركي قوله، استناداً إلى تقارير استخباراتية أميركية، إن إسرائيل تستعد للتعرض لهجوم مباشر من إيران على أراضيها، في غضون الساعات الـ24 إلى الـ48 المقبلة.

وأوضحت الصحيفة نقلاً عن المسؤول الأميركي، الذي لم تفصح عن هويته، أن إسرائيل تتأهب لهجوم محتمَل على شمال البلاد أو جنوبها. غير أنها نقلت عن مصدر قريب من النظام الايراني، لم تفصح عنه، القول إن طهران لم تتخذ قراراً نهائياً بعد بشن هجوم.

شارك المقال