اسرائيل تناوش ايران… ماكرون يحاول إنعاش مبادرته

لبنان الكبير / مانشيت

استفاق العالم فجراً على انفجارات في ايران بما بدا أنه رد اسرائيلي على الرد الايراني. وبينما أثار الأمر مخاوف من تصعيد يؤدي إلى حرب واسعة في الشرق الأوسط لحظة بدء الهجوم، انقشعت الصورة وتبين أنه بالكاد يسجل في تاريخ المناوشات، كما الرد الايراني نفسه، وكأن طهران وتل أبيب تقننان في ردهما ضد بعضهما البعض، بينما تستشرسان في ضرب وكلائهما في المنطقة. وقد حصلت تل أبيب على جائزة ترضية عن الضربة التي لا تهز “بدناً” حتى، عبارة عن أسلحة من الادارة الأميركية بقيمة مليار دولار، ويمكنها الاستمرار في عملها على استهداف وجود ايران ووكلائها في سوريا، الساحة المسموح اللعب فيها.

وفيما يبدو أن الخط الأحمر الأوروبي – الأميركي يكبح جماح اسرائيل في الهجوم على رفح، تبقى الساحة اللبنانية مفتوحة للعب بين القرار 1701 و”الهدنة” مع محاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إحياء المبادرة الفرنسية حول التهدئة على الحدود الجنوبية اللبنانية من الرميم، متحدثاً عن تعديلات لم تُعرف ماهيتها، وما إذا كانت تتوافق مع “الخريطة الحدودية – السياسية” للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، الذي نقل عنه سابقاً قوله “أنا ملك لبنان”.

اسرائيل تهاجم أصفهان

انفجارات مدوية سمعت في أصفهان فجراً، بدت وكأنها رد اسرائيلي على الرد الايراني الأسبوع الماضي، وتزامنت مع هجوم على الأراضي السورية، بما يبدو أنه عودة اسرائيلية للعب في الساحة السورية. وعلى الرغم من أن اسرائيل لم تتبنَّ الضربة رسمياً، أبدى مسؤولون فيها الرضا عن نتائجها، إذ أظهرت من جهة أن تل أبيب لم تسكت عن الرد على الهجوم الايراني، السبت الماضي، ومن جهة أخرى وجَّهت ضربة محدودة جداً لا تستدعي رداً إيرانياً، تماماً كما طلبت الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة والعالم.

وأفادت التسريبات الاسرائيلية بأنها قصدت جعل الهجوم على أصفهان “خفيفاً”، فاختارت القصف بصواريخ طويلة المدى أطلقت من طائرات مقاتلة من بعيد، وطائرات مُسيرة متطورة، وألحقت أضراراً خفيفة بقاعدة عسكرية، على بُعد 120 كيلومتراً من منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، ولم تسفر عن إصابات بشرية.

في المقابل، تدل التصريحات الايرانية على أن القيادة هناك تتجه نحو استيعاب الضربة، وأعلن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان أن الطائرات المسيرة التي تقول مصادر إن إسرائيل أطلقتها على مدينة أصفهان لم تسبب خسائر مادية أو بشرية.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عبد اللهيان قوله: “وسائل الاعلام الداعمة للكيان الصهيوني حاولت يائسة تصوير الهزيمة على أنها نصر في حين أن الطائرات الصغيرة التي أُسقطت لم تسبب أي أضرار أو إصابات”.

جائزة أميركية لاسرائيل

من جهة أخرى، أبرز المقربون من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، النبأ الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في واشنطن، ونقلت فيه عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس المصادقة على صفقات أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار، تشمل ذخيرة الدبابات والمركبات العسكرية وقذائف الهاون، بما يبدو أنها هدية أميركية على الرد المحدود التي وجهته تل أبيب الى طهران.

أميركا مرتاحة للضربة

ووصف عدد كبير من الخبراء والمحللين السياسيين الأميركيين الضربة الاسرائيلية “المحدودة” في أصفهان – بالقرب من منشآت نووية وقاعدة جوية ومصنع للطائرات من دون طيار- بأنها تستهدف تجنب دورة تصعيدية تدفع الدول نحو الحرب، وتستجيب أيضاً للمخاوف الأميركية والنصائح بتجنب المواقع النووية الايرانية، وتجنب أي هجمات موسعة خوفاً من أن تستخدم إيران تلك الضربات ذريعة للمضي قدماً في برنامجها النووي.

وأجمع محللون في وسائل إعلام أميركية على أن الرد الاسرائيلي “رمزي”، ويرسل فقط رسالة إلى طهران، ويسمح للنظام الايراني بالترويج أن الهجوم الاسرائيلي لم يتسبب في إحداث أضرار.

والتزمت إدارة الرئيس بايدن الحذر والنهج المتحفظ تجاه الانفجارات في أصفهان، ولم تصدر عن البيت الأبيض مواقف تؤيد أو تدين.

وقال مسؤول أميركي كبير إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة، يوم الخميس، أنها ستنتقم من إيران في الأيام المقبلة، مضيفاً أن البيت الأبيض حذر من أن التصعيد مع إيران لن يخدم المصالح الأميركية أو الاسرائيلية، وحث إسرائيل على توخي الحذر في الرد الانتقامي، وأكد في نهاية الأمر أن القرار هو قرار إسرائيلي منفرد.

ماكرون يعيد احياء المبادرة الفرنسية

وفي حين أن أوروبا وأميركا تكبحان جماح اسرائيل عن الهجوم على رفح، يبدو أن الساحة اللبنانية متاحة للعب، ولكن بين خطوط 1701 و”الهدنة”، وقد أثار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مخاوف من هذا الأمر أمام الرئيس الفرنسي خلال لقائهما في الإليزيه، فيما أعاد الأخير التأكيد على “المبادرة بشأن الحل في الجنوب والتي كانت قدمتها فرنسا في شهر شباط الفائت، مع بعض التعديلات التي تأخد في الاعتبار الواقع الراهن والمستجدات”.

وجدد ماكرون “تأكيد دعم فرنسا الجيش اللبناني في المجالات كافة، والتشديد على الاستقرار في لبنان وضروة إبعاده عن تداعيات الأحداث الجارية في غزة”.

كذلك جدد الجانب الفرنسي تأكيد “أولوية انتخاب رئيس جديد للبلاد والافادة من الدعم الدولي في هذا الاطار لاتمام هذا الاستحقاق والموقف الموّحد للخماسية الدولية”، واعداً بالمساعدة في حل مشكلة النزوح السوري على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ونقلت وسائل الاعلام أن الاجتماع بين ماكرون وقائد الجيش العماد جوزيف عون كان إيجابياً، وقدم فيه عون دراسة متكاملة عن حاجات الجيش ووضعه والتحديات التي يواجهها عسكرياً ومادياً. ودرسها الجانب الفرنسي، وكانت لديه بعض الأسئلة حول مندرجاتها. وتم البحث في كيفية القيام بمساعدة الجيش، وفي الوضع في الجنوب وإمكان تعزيز وجوده وفق خطة معينة وتأمين حاجاته. ومن أجل ذلك تم تشكيل لجنة مشتركة للبحث في هذه الخطة والحاجات وكيفية تمويلها. وقد يحتاج ذلك بالطبع إلى قرار سياسي لبناني ووقف لاطلاق النار في الجنوب.

وقالت مصادر فرنسية لموقع “لبنان الكبير” إن لا جديد في لقاء ماكرون مع رئيس الحكومة، لافتة إلى أن الخلاف الأميركي الفرنسي لا يزال قائماً، والكلمة الفصل في نهاية الأمر ستكون لواشنطن ومبعوثها آموس هوكشتاين، الذي يتسلم الملف اللبناني.

شارك المقال