“الخماسية” في خطاب بخاري… وأمل سعودي على أدراج بيروت الرومانية

لبنان الكبير
احتفال اليوم الوطني السعودي الـ93 في بيروت

كان أمس “اليوم الوطني” للمملكة العربية السعودية، أرض الحرمين الشريفين، التي حققت “أعظم قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين” بفضل القيادة الرشيدة للملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الشاب الطموح الأمير محمد بن سلمان، فشارك العرب والمسلمون في هذا العيد تحت شعار “نحلم ونحقق” فيما كان الاحتفال به في بيروت منغصاً ومنقوصاً بالشغور الرئاسي، لا بل بالفراغ والعقم السياسي الذي أحرق بلاد الأرز.

وفي تطور لافت على الحدود جنوباً، ألقت القوات الاسرائيلية قنابل دخانية وصوتية على قوة من الجيش اللبناني كانت ترافق جرافة لبنانية تعمل على إزالة ردميات رمتها جرافات العدو في الأراضي المحررة من مزرعة ‫بسطرة، إحدى مزارع شبعا، أثناء عمليات تجريف قامت بها قبل يومين. على الأثر، قامت عناصر دورية الجيش اللبناني في المكان بإطلاق عدة قنابل دخانية باتجاه عناصر دورية العدو، فيما وصلت عناصر من الكتيبة الهندية التابعة لـ”اليونيفيل” للتهدئة.‬

بكل تأكيد، يمكن اعتبار السعودية أعظم قصة في هذا القرن، بعد سلسلة نجاحات متواصلة من المؤسس إلى الأبناء والأحفاد، وما ورشة العمل لبناء دولة المستقبل التي بدأت منذ أن تولى العرش الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده ابنه الأمير محمد، إلا دليلاً على عظمة الدولة التي احتفلت بعيدها ال ٩٣، بحيث تحولت العاصمة الرياض نموذجاً للمدن العصرية من خلال المباني الشاهقة وناطحات السحاب، وانتشار المقاهي ومراكز الترفيه، والطرق الحديثة، وهي نموذج لبقية مدن المملكة.

بشعار “نحلم ونحقق”، وعلى عزف موسيقى الكونسرفتوار الوطني اللبناني في وسط بيروت، احتفلت السفارة السعودية في لبنان بالعيد الوطني السعودي أمام جموع من مختلف الأطياف. وتطرق السفير السعودي وليد بخاري إلى الملف اللبناني، معرباً عن قلق المملكة من الفراغ الرئاسي. وباسم الخماسية الدولية أكد بخاري أن الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني داخلي، والحل عند اللبنانيين، بل ان الحلول المستدامة لكل الأزمات اللبنانية هي بيد اللبنانيين، مشدداً على أن المملكة تريد للبنان أن يستعيد دوره.

ولكن يبدو أن القوى السياسية لا تسمع خطاب الأصدقاء، وتصر على استجلاب التدخلات الخارجية، وقد تحولت الدفة من فرنسا إلى قطر، التي دخلت بصورة جدية على الخط الرئاسي، بعنوان عريض هو اسقاط مرشحي الممانعة والتقاطع، كون أي منهما لا يملك الحظ ليكون سيد القصر، وستعمل على تسويق اسم ثالث بلائحة يتصدرها قائد الجيش جوزيف عون. ويقوم الموفد القطري بجولاته على السياسيين من دون ضجيج إعلامي، وهو ما قد يسهل المهمة بدل البازار الذي رافق الموفد الفرنسي، إلا أن هذا لا يعني أن طريقه سيكون مفروشاً بالورود، بل تعتريه عقبات كثيرة، أولها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وثانيها حليفه “حزب الله” الذي يفاوضه بشأن مرشحه سليمان فرنجية على الرغم من عدم وجود مشكلة لديه مع العماد عون. لكن الخماسي الدولي وإن أطلق يد قطر، فلن يقبل بحوار خارج الأطر الدستورية، بحيث ترفض السعودية رفضاً قاطعاً “دوحة ٢” قد تضرب الطائف.

وبالعودة إلى الاحتفال باليوم الوطني السعودي في لبنان، قال السفير بخاري: “من هنا من عتبات وسط بيروت نستذكر معًا يومنا الوطني المجيد الذي ارتبط بأعظم معاني كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة في كيان ودولة قوية متماسكة على يد الملك المغفور له عبد العزيز آل سعود”.

وأكد أنّ “السعودية حريصة على أمن المنطقة واستقرارها وتحقيق الازدهار في البلاد العربية كافة”.

ولفت إلى “أننا نتقاسم مسؤولية دولية مشتركة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان وحماية سيادته”، مشيراً إلى أنّ “الفراغ الرئاسي يبعث على القلق البالغ ويهدد بالوصول إلى الاصلاحات، ولطالما أكدنا أنّ الحلول المستدامة تأتي فقط من داخل لبنان، وأن الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني، ونحن على ثقة بأن اللبنانيين يمكنهم تحمل المسؤولية”.

وشدد بخاري على أنّ “الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تشدد على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية قادر على تحقيق ما يأمله الشعب اللبناني”، موضحاً “أننا نريد للبنان أن يكون كما كان، وأن يستعيد دوره الفاعل في المنطقة”.

وفي المواقف الدولية أيضاً، صدر موقف أممي بارز عن المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا في مناسبة مرور 75 عاماً على تأسيس بعثات الأمم المتحدة، اذ قالت في حديث لإذاعة “لبنان الحر”: “اننا نبذل جهوداً عبر القنوات الديبلوماسية ونشجع حواراً على الاستراتيجية الدفاعية ومناقشة كل المجموعات التي تحمل السلاح. لا يمكن أن نغير الموقع التاريخي لأي دولة لأن هذه قرون من الإنجاز البشري وميزة اللبنانيين أنهم يحبون بلدهم ويتمسكون به وهو محرك لكل النشاطات، ونلاحظ ذلك مع المغتربين الذين يدعمون لبنان ويحلمون به كنموذج”.

وأكدت أن “الأمم المتحدة تبحث في أي فرصة للمساعدة كي تفهم كيف يمكن أن تخدم لبنان في هذه المرحلة من دون تدخل”، مشيرة الى أن “اللقاء مع النواب مهم لأن دورهم أساسي في انتخاب رئيس”. وقالت: “في المرحلة المقبلة نشجع على أن يتخذ اللبنانيون قراراً لأن ليس هناك أحزاب فقط بل توازنات طائفية معينة، ولكن بعد سنة من الفراغ يستحق لبنان أن ينتخب رئيساً بسرعة لأنه مطلوب منه عمل كثير”.

وبينما يقوم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اليوم بجولة في عكار مصطحباً معه عمه الرئيس السابق ميشال عون في ظاهرة تحررت مؤخراً بسبب التضعضع الذي يضرب التيار في كل المناطق، رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “النضال العسكري إبّان الحرب كان أسهل من النضال السياسي، على الرغم من صعوبتها وسُوئها ومآسيها ولو أنني ضد المرحلة العسكرية إلّا إذا اقتضت الضرورة”.

كلام جعجع جاء خلال الأسئلة التي وجهها اليه المشاركون في المؤتمر الصحافي الذي نظمته الجامعة الشعبية ومنطقة المتن الشمالي، برعايته، في منطقة الربوة.

وأكّد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني أنّ “ثمة قناعة عامّة توصّل إليها الفرقاء كلّهم مفادها أنّ اسم سليمان فرنجية كمرشح لرئاسة الجمهورية لا يمكن الاستمرار في عمليّة مقايضته”، معرباً عن اعتقاده أنّ “الممانعة قد اقتنعت بهذه المقاربة، وتريد مخرجاً لها، ربّما يكون عبر المبادرات الخارجية”.

وأشار في حديث إلى اذاعة “صوت لبنان”، الى أنّ “المرحلة اليوم هي وضع السلّم للنزول عن شجرة فرنجية زائد حوار. وما الدور الموازي بين فرنسا وقطر إلا لإزالة العقبات تجاه هذه النزلة”.

واعتبر “أننا نقترب خطوة تلوَ الأخرى من إعادة مجلس النواب من الذين يخطفونه، توازياً بين المواقف الوطنيّة الداخليّة والمبادرات الخارجيّة”.

في المقابل، قال عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي خريس خلال مشاركته في الذكرى السنوية لشهداء حركة “أمل”: “من يدعي الحرص على الوطن والشعب اللبناني لا يرفض الحوار. فالحوار هو الطريق الأقصر للوصول الى حل وقد آن الأوان لأن نعتمد على أنفسنا، وها هو دولة الرئيس نبيه بري وفي ذكرى تغييب الامام الصدر في 31 اَب قد دعا الى حوار غير مشروط ومن ثم الذهاب الى المجلس النيابي لعقد جلسات بدورات متتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية، فما هو هذا السر في إعلان البعض رفض الحوار؟ هذا السؤال يحتاج الى إجابات واضحة، فالعديد من علامات الاستفهام تدور حوله، وأعتقد أن هذه الفرصة وهذه المبادرة التي أطلقها الرئيس نبيه بري ربما تكون الفرصة الأخيرة فلا تضيعوها حتى لا يضيع الوطن”.

وفي تطورات ملف النزوح، أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أن “دورية من القوات البحرية في الجيش اللبناني تمكنت بمؤازرة الدفاع المدني اللبناني من إنقاذ 27 مهاجراً غير شرعيّ كانوا على متن أحد الزوارق المطاطية أثناء تعرضه للغرق مقابل شاطئ شكا”.

وحذرت في بيان، “من مغبة الهجرة غير الشرعية كونها تعرض حياة المهاجرين للخطر الداهم، بالإضافة إلى الملاحقة القانونية أمام المراجع المختصة”، مؤكدة أن وحداتها العسكرية مستمرة في اتخاذ الاجراءات اللازمة لمكافحتها”.

إلى ذلك، أعلنت المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي ـ شعبة العلاقـات العامّـة أن “في إطار المتابعة التي تقوم بها قوى الأمن الدّاخلي للحدّ من عمليات الهجرة غير الشّرعية عبر البحر، توافرت معطيات لدى شعبة المعلومات حول التّحضير لعملية تهريب أشخاص سوريين الى أوروبا، انطلاقاً من شاطئ العريضة”. وأضافت في بلاغ: “بنتيجة المتابعة الاستعلامية التي قامت بها الشّعبة، تمّ التّأكّد من صحة المعلومات، وتمكّنت قطعاتها المختصّة من تحديد هويّات أفراد شبكة التّهريب، ومن بينهم الشّخص المكلّف بنقل المهاجرين السّوريين الى الشاطئ، وهو المدعو: و. ع. (من مواليد عام ١٩٩٦، لبناني) أعطيت الأوامر لتكثيف عمليات المراقبة بهدف توقيفه وإحباط عملية التّهريب”. كما أشارت إلى أن “بتاريخ 17-9-2023، وبعد رصدٍ ومراقبة دقيقة، تمكّنت إحدى دوريّات الشّعبة من رصد الأخير وهو يقود آليّة بيك أب نوع تويوتا وعلى متنها عدد كبير من الأشخاص السّوريين. تمّت مراقبته إلى أن وصل الى محلّة العبدة، حيث تمّ تنفيذ كمينٍ محكمٍ نتج عنه توقيفه و 42 شخصاً من الجنسيّة السوريّة، من بينهم 6 أطفال”.

شارك المقال