بيان لمجلس الأمن حيال لبنان… وسط خلافات أميركية ـــ فرنسية

المحرر السياسي

لبنان كان محظوظاً وخرج من عنق الزجاجة بتشكيل الحكومة والتجديد لقوات اليونيفيل قبل الخلاف الأميركي – الفرنسي على خلفية صفقة الغواصات، هكذا وصفت مصادر ديبلوماسية غربية في الأمم المتحدة الوضع اللبناني لموقع “لبنان الكبير”، إذ إن تأثيرات هذا الصراع بين الجانبين لا بد من أن يكون له انعكاساته على جملة قضايا في المنطقة، مع الإصرار الأميركي على لعب دور فاعل في منطقة الشرق الأوسط والتأكيد أن الولايات المتحدة الأميركية تملك النفوذ الأقوى وهي من يحدد الأدوار والتحالفات على الصعيد الاستراتيجي. كل ذلك سيؤثر في تعاون أميركا وفرنسا في المسألة اللبنانية، وعلى الرغم من الاتصال الذي جرى بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لترطيب الأجواء إلا أن فرنسا، وبحسب المصدر، حليف في الناتو وهي قوة دولية فاعلة وما حصل ستكون له تداعياته على جملة ملفات حساسة في المنطقة لجهة رسم خريطة جديدة من شأنها إظهار مدى سطوة الولايات المتحدة وتحالفاتها.

ووسط كل ما تقدم، كان لافتاً البيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن والذي جاء ليضفي نوعاً من التطمين ويعطي جرعة تجديد للدعم القوي لاستقرار لبنان وأمنه وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي، ولم يواجه أي فيتو روسي أو صيني مما يؤكد أن المجتمع الدولي يجمع على أن تكون الساحة اللبنانية تنعم بالهدوء، مع التأكيد على أن يتفق مع قرارات مجلس الأمن 1701 و1680 و1559 و2591، وكذلك قرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة وبيانات رئيس مجلس الأمن بشأن الوضع في لبنان. وشدد البيان على جملة عناوين أبرزها تشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، ومنح الحكومة الثقة في 20 أيلول 2021 من مجلس النواب اللبناني، باعتبارهما خطوتين ضروريتين نحو حل الأزمة اللبنانية. إضافة الى حضّ الحكومة على تنفيذ الإصلاحات المعروفة والضرورية والملموسة بسرعة وشفافية.

وفي قراءة لهذا البيان، أكدت مصادر ديبلوماسية لموقع “لبنان الكبير” أن دعوة أعضاء مجلس الأمن كلّ الأطراف اللبنانيين إلى تطبيق سياسة النأي بالنفس، بشكل ملموس بعيداً من أي صراعات خارجية، باعتبارها أولوية مهمة، على النحو المنصوص عليه في الإعلانات السابقة، والتشديد على إعلان بعبدا 2012، تأكيد على أن المنطقة ذاهبة باتجاه تسويات ومفاوضات وتشاور وفيه، بحسب المصادر، دعوة للبنانيين بضرورة تحييد أنفسهم ولو موقتاً عن أي صراعات في حال أرادوا تحسين اقتصادهم أو استخراج النفط والغاز عبر استكمال مفاوضات ترسيم الحدود.

أما بالنسبة للدعم الدولي فسيبقى مشروطاً بتنفيذ الإصلاحات التي رأى فيها أعضاء مجلس الأمن أنها يجب أن تتم بشكل فعال لأنها أساسية للاستجابة للاحتياجات الملحة والتطلعات المشروعة للشعب اللبناني، في ما يتعلق بالتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الملحة التي تواجه البلاد.

ولم يغفل أعضاء مجلس الأمن عن موضوع الانتخابات النيابية عام 2022 وهي الشغل الشاغل لكافة القوى السياسية في لبنان اليوم إذ اعتبروها اساسية من أجل تحقيق الديموقراطية مشدداً على أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة بشفافية ووفق الجدول الزمني المخطط لها، بما يضمن المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة كمرشحة وناخبة في الانتخابات. وحثوا الحكومة اللبنانية على البدء في التحضير من دون تأخير للعمل الأساسي اللازم قبل هذه الخطوة الحاسمة.

وبحسب المصادر نفسها، فإن أعضاء مجلس الأمن يعتبرون أن لبنان ليس بلد انقلابات عسكرية أو ثورات يمكنها أن تسيطر على الحكم لذا فإن التغيير الوحيد الذي سيؤدي الى تجديد الشرعية الدستورية والديموقراطية هي الإنتخابات النيابية، لأن المجتمع الدولي متخوف من حصول الفراغ في المؤسسات الدستورية نظراً للسوابق التي مر بها لبنان من قبل.

وفيما أكدت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” أن موعد الانتخابات سيتم تقديمه الى شهر آذار المقبل لتزامن موعدها مع شهر رمضان، اعتبر النائب محمد رعد أن هناك شبه إجماع بين الكتل النيابية على موعد الانتخابات في 27 آذار المقبل، بسبب تزامن نيسان مع شهر رمضان المبارك، وهذا الأمر قد يصعب المهمة على القوى والأحزاب السياسية التي ستخوض الانتخابات.

وهو ما أعلنه أيضاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا سيما أن كلام النائب رعد يشير في خلفياته الى إمكان تطيير الانتخابات عبر سؤاله: “ماذا يريدون من هذه الانتخابات؟ يريدون الحصول على الأكثرية النيابية، وكيف يحصلون على الاكثرية النيابية؟ يحضرون كل العتاد والعدة وسنشهد ضغوطاً كبيرة على المرشحين من الذين يؤيدون نهج المقاومة، وسيمنعون اذا استطاعوا أن تكون هناك تحالفات وسيضغطون لسحب عدد من المرشحين الذين يمكن أن ينجحوا ويكونوا في صف المقاومة. سيضغطون عليهم إما بالتهديد بمصالحهم خارج البلاد أو بتهديدهم بعقوبات ستفرض عليهم، وبخاصة إذا كانوا يعملون ولهم مصالح خارج البلاد، وسيحاولون شراء الذمم ودفع أموال باهظة من أجل ان يعدلوا موازين القوى ويسيطروا على الاكثرية المقبلة في مجلس النواب”.

هذا الكلام يؤكد في طياته أنه في حال رأى “حزب الله” أن الإنتخابات لا سيما في الخارج لا تناسبه فقد يعمد الى تطيير هذا الإستحقاق على الرغم من تأكيده أن التحضيرات باتت جاهزة.

وفي ظل ما يحصل على صعيد التحقيقات القضائية المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت، كان لافتاً في البيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن ذكر انفجارين هزا بيروت في 4 آب عام 2020 مشددين على ضرورة إجراء تحقيق سريع ومستقل ونزيه وشامل وشفاف بشأنهما. ورأت المصادر الديبلوماسية أن الإشارة الى انفجارين للتأكيد أن انفجار المرفأ لم يحصل عبر إطلاق صاروخ من الجو لتحييد فرضية القصف الإسرائيلي بل إن الانفجار ناجم عن الحريق الذي حصل بدايةً.

شارك المقال