خيبة “رباعية” لواشنطن… والحظ يضحك للصين؟!

حسناء بو حرفوش

بغض النظر عن الآمال التي تعلقها الولايات المتحدة والهند على ما يسمى بـ “Middle East Quad” أو “رباعية” الشرق الأوسط والتي تضم بالإضافة إليهما، الإمارات العربية المتحدة و(إسرائيل)، لا يبدو أن المجموعة الجديدة تعمل في مواجهة الصين، حسب تحليل في موقع (the diplomat) الإلكتروني الأميركي. ووفقا للمحلل غاي بورتون ومؤلف كتابي “صراعات الصين والشرق الأوسط” و”القوى الصاعدة والصراع العربي الإسرائيلي منذ العام 1947″، “شهد الأسبوع الماضي موجة من الاهتمام الإعلامي بهذه “الرباعية”، في ظل اعتقاد بعض العناصر الأكثر حماسة بشكل خاص في الهند وواشنطن، أن المجموعة ستوفر بفعالية ثقلا موازنا ضد النفوذ الصيني في المنطقة”.

قلق أميركي وهندي

ويرى بورتون في هذه الطموحات “مبالغة لما يشبه المنتدى الاقتصادي أكثر من الشراكة السياسية والعسكرية الجديدة. وعلى الرغم من أن “الرباعية” تدّعي أنها لا تستهدف الصين، من الواضح أن الولايات المتحدة والهند تحاولان الاستفادة من مثل هذا الترتيب (…) وبالنسبة لهما، ستكمل مجموعة الشرق الأوسط الناشئة المجموعات في منطقة المحيطين الهندي والهادي، والتي تجمعهما إلى جنب مع اليابان وأستراليا. وقد اكتسبت الشراكة بين الأطراف الأربعة وزنا أكبر بالتزامن مع سعي الرئيس الأميركي جو بايدن لتحقيق طموحات أسلافه من خلال “تحويل” الأصول الأميركية من مسرح الشرق الأوسط إلى شرق آسيا. أضف إلى ذلك أن العلاقات الرباعية بين الهند والمحيط الهادي ساهمت في تدهور العلاقات بين الصين وجيرانها في المنطقة.

بالنسبة للهند، اشتمل ذلك على مواجهات حدودية مستمرة، قد تبلغ أحيانا حد العنف، فضلا عن التحديات التي تفرضها مبادرة الحزام والطريق الصينية. وقد فُسّرت جهود البعض الهائلة في بناء البنية التحتية والتواصل عبر اليابسة الأوروبية الآسيوية كمشروع جيوسياسي سيزيد من نفوذ الصين في منطقة وسط وجنوب آسيا في الهند (…) وهذا ما يبرر مخاوف الهند الإقليمية في المقام الأول، بينما بالنسبة لواشنطن، فتمتد مخاوفها عبر العالم. فقد ترأست النظام الدولي الحالي لعقود من الزمن، وأقامت علاقات وحلفاء وثيقين كما أصبحت مساهما رئيسيا في النظام الإقليمي وفي الاستقرار في شرق آسيا والشرق الأوسط. وتواجه الجهود الاميركية بالنسبة للصقور في واشنطن، تهديدا تمثله القوة الاقتصادية الصاعدة الحالية للصين، والتي بالامكان أن تتطور لاحقا إلى نفوذ سياسي وقدرة عسكرية أكبر.

مواقف متناقضة داخل “الرباعية”

لكن على النقيض من الموقفين الأميركي والهندي، لا تمتلك الإمارات العربية المتحدة ولا (إسرائيل) مصلحة مماثلة في احتواء الصين، وقد أعربتا على العكس من ذلك عن اهتمامهما بالمشاركة في مبادرة الحزام والطريق. وبعكس الولايات المتحدة والهند، لم يتعرض أي من الطرفين لتهديد مباشر من صعود الصين. وسعيا بدلا من ذلك، للاستفادة من الفرص التي توفرها الصين في المنطقة فازدهرت التجارة والاستثمار والشراكات بين (إسرائيل) والإمارات والصين، على الرغم من تحفظ المتشددين في واشنطن. وفي السنوات الأخيرة، تعرضت (إسرائيل) لضغوط للتراجع عن علاقاتها مع الشركات الصينية، ولا سيما في المجالات التي تعتبر حساسة، كإدارة الموانئ (تحديدا في حيفا) والاتصالات السلكية واللاسلكية. كما أبدت الولايات المتحدة تحفظات على الترتيبات الأمنية للإمارات مع الصين.

وإذا اضطرت (إسرائيل) لاتخاذ إجراءات معينة تحت الضغط الأميركي على مضض، لم يكن للإكراه الأميركي تأثيرا واضحا في حالة الإمارات (…) ويمكن القول إن بعض المتشددين في واشنطن أساءوا تقدير تأثير ما يسمى بـ”اتفاقات أبراهام”، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العام الماضي، والتي أملوا من خلالها توفير تماسك أكبر لإدارة الأمن الإقليمي تحت رعاية الولايات المتحدة، ولا سيما ضد إيران، بالإضافة إلى تقليص المساحة المتاحة للصين في الشرق الأوسط. ومع ذلك، بدت هذه الطموحات مبالغة، مثل الكثير من الطموحات الحالية في الشرق الأوسط. وعوضا عن اعتبار “اتفاقيات أبراهام” مقيدة، رحبت بكين بها ووجدت في التطبيع مكملا لعلاقاتها مع الجانبين، ونظرا للاستقرار المحلي النسبي، ظهرت احتمالات تعاون اقتصادي واستثمارات أكبر، ولا سيما في القطاعات المشتركة.

وفي ضوء المشهد الحالي، قد لا تصبح مجموعة الشرق الأوسط الجديدة أداة احتواء كما يأمل بعض صانعي السياسة في الولايات المتحدة والهند. وبدلا من ذلك، يبدو أن المجموعة الرباعية الجديدة مصممة بشكل أساسي على تشجيع التعاون التجاري أكثر بكثير مما تعمل على تغيير الجغرافيا السياسية. وهذا قد يعني أن نجاحها من هذا المنطلق يضعها تحت سيطرة المصالح التجارية الخاصة بدلا من الحكومات. وبالنتيجة، قد يطالب قادة الأعمال القيادات الدولية ببيئات أكثر استقرارا من أجل تقليل المخاطر وجني المزيد من الأرباح. أما في الشرق الأوسط، قد تعمل معادلة كهذه ضد الأهداف الأميركية والهندية، مما يدفع واشنطن ونيودلهي للاستمرار بالضغط لضمان تشدد أكبر تجاه بكين”.

شارك المقال