وزير الزراعة لـ”لبنان الكبير”: ملتزمون بالإجراءات العربية والأوروبية

نور فياض
نور فياض

كل شيء كان على ما يرام في ما يختص بتصدير الإنتاج الزراعي، إذ كانت العلاقات قوية مع دول الخليج العربي كلها، وبخاصة السعودية، التي كانت بصدد تأليف لجنة تقنية تناقش الملفات الزراعية مع لبنان، إلى أن نُشر مقطع لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي متهجماً على المملكة، ممّا تسبّب بأزمة سياسية قد تؤدي الى المقاطعة الكاملة التي ستفاقم الانهيار الإقتصادي، فالسعودية وبحسب تصريح سابق لوزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن “هي واجهة الخليج”.

وأشار الحاج حسن لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “العلاقات مع بعض الدول العربية جيدة مثل الأردن وقطر على الرغم من قرار الاخيرة وقف استيرادها لبعض المنتوجات من لبنان بداية هذا الشهر بسبب شحنة بعض الحشائش مثل البقدونس والفجل والتي أثبتت الاختبارات لديها أنّها تحوي على ترسّبات”.

أضاف: “تعهدت لوزير الزراعة القطري لدى لقائي به في تركيا اتخاذ إجراءات صارمة بحق المصدّر المخالف للشروط، بالإضافة الى التشدد في مراقبة الفحوص المتعلقة بمحتويات الشاحنة وكان هذا طلبه أيضاً. لذلك أرسلت كتاباً الى سفيرة لبنان في قطر عبر وزارة الخارجية لاتخاذ الإجراءات اللازمة وطلبت فيه ان تعيد السلطات القطرية النظر بهذا القرار”. وتابع أنّ “اللقاء كان بنّاء والمناقشات كانت هادفة وأخوية آملاً الوصول الى حل لهذه المعضلة قبل السابع من تشرين الثاني”.

وانتهز الوزير الفرصة عبر “لبنان الكبير” ليؤكّد “التزام لبنان الإجراءات التي تطلبها الدول العربية الشقيقة وحتى الأوروبية، معتبراً أنّ اي شحنة إلى هذه الدول ضمن المواصفات هي غنى للبنان وأي شحنة خارج المواصفات هي انتكاسة للبنان عموماً، وللتصدير خصوصاً، موضحاً أنّ المرحلة المقبلة هي بناء ثقة وتعزيزها وفتح أسواق جديدة امام المنتجات اللبنانية”.

يذكر أنّ الأردن استورد منذ 15 تشرين الأول كميات كبيرة من التفاح اللبناني ضمن الروزنامة الزراعية التي تربطنا به، وسينتقل الحاج حسن الى الاردن الاسبوع المقبل لتعزيز الاتفاقية بين البلدين.

في السياق عينه، رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي أوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “كل أصناف المنتوجات الزراعية اللبنانية لا تحتوي جميعها على ترسبات، لذلك على الدولة ووزارة الصحة والجهات المعنية تكثيف الرقابة وفرض الفحوص اللازمة للشاحنة المصدّرة قبل انطلاقها لترضى وتقبل الدولة المستقبلة لها لكي لا نتعرض لهذه المعضلة فشحنة واحدة محمّلة بالترسبات كفيلة بمنع وقف استيراد دولة باكملها”.

من ناحية الإرشاد الزراعي، قال عراجي: “بعض المزارعين يحرثون الارض ويملكون الخبرة بكيفية رشّ المبيدات وطريقة الري الصحيحة. والبعض الآخر للأسف غير مؤهّل إضافة إلى مشاكل أخرى يعاني منها هذا القطاع وهي تلوّث المياه الذي يؤثّر سلباً في صحة المنتج، ومن المياه الملوّثة هو نهر الليطاني الذي يروي مناطق زراعية شاسعة لكن الدولة منعت استعماله”.

وختم عراجي: “ليست جميع منتوجاتنا مضرة او تحمل ترسبات ورصاصاً وليس كل ما يصدّر الى الخارج هو الأفضل، بمعنى آخر من الممكن أن تكون منتوجاتنا غير محمّلة بالترسبات مقارنة بالشاحنة الموقوفة في قطر، وللتأكد من جودة المنتج المصدّر يجب إجراء تحليل لبعض المواد التي تحدد ذلك”.

بعد قرار وزارة الصحة القطرية المفاجئ، تمنى رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع طوني طعمة أنّ لا يكون “قرار وزارة الصحّة القطريّة منعاً لاستيراد المنتجات المذكورة، إنّما إجراء احترازي تضع قطر من خلاله شروطاً تقضي بإجراء فحوص مخبرية لهذه المنتجات قبل التصدير”.

ويتابع طعمة: “من حقّ قطر أن تحافظ على صحّة شعبها، وهذا دافع ليحافظ المزارع على زراعته ويدرك كيفية ريّها ورشّها بالطرق المناسبة، كي لا يخسر باب التصدير؛ وحتى على مستوى السوق المحليّة، فهذه الترسّبات الكيميائيّة (مثل الإيكولاي والرصاص) في النبتة إذا تخطّت معدّلها الطبيعي، قد تضرّ بالصحّة. لذلك من المفترض أن تُرشّ النباتات بأصناف معيّنة من المبيدات لكي تقبلها الدول التي تفرض معايير معيّنة في استيرادها”.

وعن سبب هذه الإجراءات الآن، يفيد طعمة بأنّ “شهادة الفحص المخبري الخاصّة بهذه المزروعات لا تُطلب عادةً على الحشائش، لكونها نباتات رقيقة جداً، ولا تتحمّل الترسّبات كباقي المزروعات مثل البطاطا التي لديها شهادة فحص مخبريّ بخاصّة الترسّبات الكيميائية، فضلاً عن أنّ الترسّبات في الحشائش عادةً لا تكون مرتفعة؛ لذلك الأمر مستغرب”.

لكن بحسب طعمة “على ما يبدو أنّ هذه الفحوص تنسحب الآن على الحشائش، معبّراً عن تفهّمه لهذه الإجراءت، فالمزارعون اللبنانيّون قادرون على معالجة الموضوع بسهولة على الحشائش (المنتجات المذكورة في البيان القطريّ) كما سنطبّقها على المزروعات الأخرى”. وبرأيه، عندما يصدر القرار النهائي، “علينا متابعته مع المعنيّين في قطر للسماح بقبول شهادة الفحص المخبري اللبناني المرفقة بالبضاعة اللبنانية المصدَّرة”.

ويأمل طعمة أخيراً ألّا تمنع قطر تصدير المنتجات اللبنانية هذه إليها بموجب فحوص مخبريّة معترَف بها، ونحن مستعدون لمعالجة المزروعات لتفادي تضمّنها هذه الترسّبات بعد الفحص المخبريّ.

من جهته، أكد رئيس تجمّع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي لـ”لبنان الكبير” أنّ “وزارة الزراعة اللبنانية باشرت اتصالاتها بالجانب القطري والمعالجة انطلقت وستُشكّل لجنة لمتابعة هذا الموضوع التقني للتأكّد من سلامة السلع الزراعية المصدّرة وإجراء كل الفحوص المخبرية المطلوبة قبل شحنها الى قطر او الى اي بلد آخر، علماً أن كل الإنتاج الزراعي يخضع قبل التصدير الى هذه الفحوص وهنا نطالب بتفعيل الرقابة والتشدد فيها”. وأردف: “نعتمد على السوق القطرية بشكل كبير والجانب اللبناني سيعمد الى تكثيف وتفعيل الفحوص المخبرية للتأكد من الانتاج الزراعي وخلوه من اي ترسبات كيميائية ونحن حريصون على انتاج زراعي سليم وخالٍ من اي ضرر كما أن الشقيقة قطر حريصة على صحة ابنائها والمستهلكين الى جانب الوقوف مع الشعب اللبناني”. وأشار الى أنّ “البكتيريا الموجودة ناتجة ربما من خطأ في استعمال المبيدات وعدم الخبرة الكافية لدى المزارع بعملية الزراعة، إذ عليه عدم المسّ بالمزروعات ما بين 10 و15 يوماً بعد الرشّ، ونحن بانتظار التحقيقات لمعرفة ماذا حصل”.

الوضع الاقتصادي “عالمهوار”، والقطاع الزراعي في الواجهة. فإلى متى سيبقى سوء الرقابة حاضراً؟ فقد أصبح لبنان على القائمة السوداء بسبب رداءة المنتج وبسبب تفاقم المشاكل السياسية أخيراً بين لبنان والدول العربية، وبخاصة السعودية. فبعد الإجراءات القاسية بحق لبنان من معظم الدول الخليجية ما هو مصير المنتج البناني؟ وهل الكساد والتلف سيكونان عنوان المرحلة المقبلة؟!

شارك المقال