الأسد وتأهل كوريا الشمالية للمونديال

عالية منصور

في مونديال العام 2014 بث التلفزيون الكوري الشمالي خبراً أكد فيه تأهل منتخب بلاده للمباراة النهائية في كأس العالم، بعد الفوز على كل من المنتخب الياباني بنتيجة 7-0 والمنتخب الأميركي 4-0 والصيني 2-0.

ولم يكتف التلفزيون الكوري الشمالي بذلك، بل فبرك فيديو عرض فيه مشوار المنتخب خلال البطولة. هكذا أراد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أن يقنع شعبه ببطولة وهمية، وكان له ما أراد من دون الأخذ بالاعتبار أن التلفزيون الكوري ليس مصدر المعلومة الوحيد للشعب.

تذكرتُ قصة المونديال والزعيم كيم جونغ أون عندما بثت بعض القنوات خبراً عاجلاً مفاده تقديم بشار الأسد أوراق ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية السورية، حيث أعلن رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ تبلّغ المجلس من “المحكمة الدستورية العليا تقديم بشار حافظ الأسد طلب ترشيح إلى منصب رئيس الجمهورية”.

وبشار الأسد هو المرشح السادس الذي يقدم طلب ترشيح إلى المحكمة الدستورية. ومما أعلنه رئيس مجلس الشعب للنواب: “نعلمكم بواقعة تسجيل طلب ترشح بشار بن حافظ الأسد لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية ليتسنى لأعضاء مجلس الشعب أخذ العلم بذلك لممارسة حقهم الدستوري فيما إذا رغبوا في تأييد المرشح المذكور”.

وإلى لحظة كتابة هذه السطور، ارتفع عدد المرشحين إلى منصب رئيس الجمهورية العربية السورية إلى 11 مرشحاً بينهم سيدتان.

سوريا تلك التي يتحدثون عن انتخاباتها في الـ26 من الشهر المقبل شبيهة جداً بكوريا الشمالية وتأهلها في المونديال، فما هذه الديمقراطية وما هذا الكم الهائل من الحرية؟

على من يضحكون؟ وهل من عاقل في العالم سيصدق هذه المسرحية الهزلية المسماة انتخابات رئاسية في سوريا؟ منذ انقلاب حافظ الأسد ووصوله إلى سدة الرئاسة ومن ثم وفاته ومهزلة تعديل الدستور ليناسب الإتيان بنجله بشار، لم تشهد سوريا أي انتخابات حقيقية لا رئاسية ولا غيرها.

في زمن الأب، كانت الانتخابات تتم بالدم. يجبرون الموظفين وأفراد الجيش على تأكيد اختيارهم لحافظ الأسد ببصمة الدم على ورقة الاقتراع. واليوم انتخابات بشار الأسد الثانية تحصل أيضاً بينما سوريا كلها عائمة على بحر من الدماء.

أكثر من نصف مليون قتيل، أكثر من نصف السوريين مهجر من بيته بين نازح داخل سوريا ولاجئ خارجها، مئات آلاف المعتقلين والمختفين قسراً، وشعب يعيش 90% منه تحت خط الفقر وفقا للأمم المتحدة، ومرتكب ومسبب جميع هذه الجرائم يرشح نفسه لولاية رابعة.

وفي وقت أعلنت دول عدة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية أنها لن تعترف بنتيجة هذه الانتخابات، إلا أن روسيا ومن خلفها الأسد يصران على تعطيل أي مسعى جدي لأي حل سياسي ينقذ ما تبقى من سوريا وينهي مأساة السوريين المستمرة منذ سنين طويلة.

منذ انطلاق الثورة السورية ضد نظام الأسد، قام هذا النظام بتعديل الدستور، وأجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية، وكلها لم تكن سوى مسرحيات هزلية، يصفق حوله عدد قليل من المنتفعين ولكن حتى هؤلاء المصفقون يعلمون أن كوريا الشمالية لم تتأهل لنهائي المونديال في العام 2014، وأن الانتخابات ليست انتخابات ولا حتى استفتاء، بل محاولة فاشلة لكسب شرعية لن يكسبها هذا النظام مهما شارك بهكذا مسرحيات.

شروط الترشح كما شروط من يحق له التصويت، كما المرشحون العشرة الآخرون إن لم يرتفع عددهم، ليسوا سوى جزء من ديكور مشهد وقح بطله بشار حافظ الأسد ومخرجه الاحتلال الروسي ومنتجه الاحتلال الإيراني، مشهد لن ينهي أياً من مآسي السوريين ولكنه سيذكرهم بحجم التخلي عنهم.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً