الانتخابات في مهبّ الوضع المأزوم… والتغيير الموهوم

هيام طوق
هيام طوق

يكاد يكون الاستحقاق الانتخابي المقبل بارقة الضوء الوحيدة في أفق البلد المتّشح بالسواد، إذ يلجأ من هم في السلطة بتعنّتهم وكيدياتهم واستكبارهم إلى اقفال كل أبواب الحلول في وجه الناس الذين يعيشون في غرف الإنعاش على أمل أن يتمكنوا في يوم ما، أن يتحولوا هم أنفسهم الى مفاتيح تغيير تبدل المشهد السياسي القائم، ويصرخوا بأعلى أصواتهم من خلال صناديق الاقتراع: إن كان للباطل جولة فللحق الف جولة وجولة، مهما اشتدت الصعاب وطال العناد.

الكل ينتظر الانتخابات النيابية المقبلة علّها تغير في المعادلة السياسية أو أقله تأتي بأشخاص يريدون مصلحة الوطن أولاً، والكل يشدد أيضاً على ضرورة اجراء الانتخابات في مواعيدها ان كان في آذار أو أيار على الرغم من ان التصريحات العلنية لا تعني البوح بواقع الحال كما ان المجتمع الدولي يضغط بشكل كبير لعدم التأجيل أو التطيير، إلا أن المفارقة تكمن في أن الجميع أيضا يتحدث جهارة وصراحة عن امكان تطيير الانتخابات، إذ يعتبر البعض أن العرقلة تأتي مغلفة بإطار قانوني منمّق من خلال الطعن الذي سيقدمه نواب “تكتل لبنان القوي” أمام المجلس الدستوري الذي قد “يخربط” في المهل مما يجعل الاستحقاق باطلاً وقابلاً للطعن في نتائجه. في حين ان البعض الآخر يذهب الى ما هو أبعد وأخطر باعتبار ان تفاقم الأمور والتطورات السلبية ستكون لها تداعيات على الساحة اللبنانية تترجم في عمل أمني ما.

ووسط التخوف من تطيير الانتخابات الذي بات على كل شفة ولسان، لا بد من التساؤل: هل التأخير في صفارة اعلان التحالفات واللوائح وعدم إطلاق الماكينات الانتخابية يعني التوجس من عدم إجراء الانتخابات؟ حتى ان الدعوات الإعلانية والإعلامية المكثفة لتحفيز المغتربين على التسجيل لم تثمر حماسة ولا تزال الأعداد خجولة بغض النظر عن القانون الذي سيعتمد للتصويت. وهل الحديث عن عمل أمني ما سيطيّر الانتخابات يستند الى تحليل واقعي أو انه من صنع الاوهام والخيال؟ أسئلة توجه بها ” لبنان الكبير” الى شخصيات من مختلف الأطراف الذين أكدوا ان مسألة تطيير الانتخابات باتت جدية اليوم أكثر من قبل خصوصا مع التطورات على الساحة الداخلية وعلى مستوى المنطقة، وما يرافق ذلك من تخوف من تفلت أمني لأن البلد مفتوح على كل الاحتمالات.

تطورات قد تضع البلد في مهب الريح

أشار نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش الى ان “هناك صعوبة في اجراء الانتخابات ان كان لناحية الامكانات اللوجيستية والادارية لدى الحكومة التي قد تكون ضئيلة الا اذا تم الدعم من صندوق النقد الدولي أو المجتمع الدولي لاجراء الانتخابات، وان كان لناحية الطعن الذي سيتقدم به نواب التيار الوطني الحر وكيفية تجاوب المجلس الدستوري مع المسألة إذ قد يؤدي ذلك الى تأجيل الانتخابات على الاقل لفترة معينة. لكن الأسوأ من كل ذلك، انه بعد حادثة عين الرمانة، أصبح الأمر يتخطى المسألة اللوجيستية والطعن بسبب الوضع المتشنج، كما ان الوضع في العراق ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والوضع في سوريا غير المستقر بالنسبة إلى وجود “حزب الله” والازمة مع السعودية، كلها تطورات قد تضع البلد في مهب الريح خلال الاسابيع المقبلة، وبالتالي، لا تعود الانتخابات من أولويات اللبنانيين”.

وأشار الى ان “قناعتي بأن احتمال اجراء الانتخابات ضئيل لأنه قد يكون هناك اعادة نظر حتى بتركيبة لبنان خلال الأشهر المقبلة، لافتا الى ان الجو العام يوحي بأن هناك عنفاً ما سيحصل لكن لا نعرف كيف سيكون شكله وترجمته على أرض الواقع”.

ورأى “اننا ما زلنا ضحية المشروع الايراني الطويل الامد الذي يؤثر في الدول العربية وفي البلدان التي تحتلها ايران، معتبرا ان اصرار المجتمع الدولي على اجراء الانتخابات كان دائما موجودا على مدى السنوات التي تأجلت فيها الانتخابات لسنوات”. 

لا تغيير في ظل الاحتلال الإيراني

من جهته، قال النائب السابق فارس سعيد لـ”لبنان الكبير”: “لم تستطع الجامعة العربية وجبروتها التي تجمع 500 مليون انسان وبكركي وصولجانها ودار الافتاء وإيمانها وسمير جعجع وصلابته ووليد جنبلاط وذكاؤه ورؤساء الحكومات وشرعيتهم، اقالة الوزير جورج قرداحي أو المونة عليه في الاستقالة كي يجتمع مجلس الوزراء للتصويت على اقالته، لافتا الى ان الوزير قرداحي يقف في وجه كل هذه القوى المحلية والعربية والاقليمية، ويرفض الاستقالة لأنه مدعوم من “حزب الله”. كيف يمكن الحديث عن ان الانتخابات يمكن أن تكون مفيدة ازاء كل ما يحصل أمام الرأي العام؟ وهل اذا جرت الانتخابات ستغيّر الاوضاع”؟

ورأى انه “اذا حصلت الانتخابات أو لم تحصل، طالما البلد تحت الاحتلال الايراني لا امكان للتغيير، مشدداً على انني مع اجراء الانتخابات ومع احترام المهل الدستورية لأنني أحترم الدستور، واذا حصلت الانتخابات سأفكر بالمشاركة فيها ترشيحاً أو اقتراعاً انما هل الانتخابات هي مناسبة فعلية للتغيير؟ أكيد لا. من خلال ما نراه في المشهد السياسي الحالي”.

وسأل سعيد: “ما يحصل على الصعيد القضائي ومونة الحزب الارهابية عليه ومحاولة التمني على الوزير قرداحي الاستقالة، هل الاطر الدستورية الموجودة في صلب الدستور هي فعلا وسائل للتغيير؟ أو ان السلاح يلغي الديموقراطية كما ألغى عملية استقالة الوزير قرداحي وكما سيلغي نتائج الانتخابات المقبلة؟”.

واعتبر انه “اذا حققنا انتصارا سياسيا بدّل موازين القوى قبل الانتخابات، وذلك بالمطالبة باستقالة السلطة بدءاً برئيس الجمهورية من خلال الضغط المطلوب من كل القوى السياسية، نذهب الى انتخابات قد تكون تغييرية لأن الناس ستتشجع من خلال تسجيل موقف سياسي غائب على حزب الله”.

حصول الانتخابات وتطييرها متعادلان

رأى الكاتب والمحلل السياسي حسن الدّر ان “هناك خوفًا على مصير الانتخابات النيابية في ظل هذا الكم من التوتر السياسي والانهيار الاقتصادي والاجتماعي، واذا استمر الوضع على ما هو عليه، فالامور ذاهبة نحو الأسوأ، ولا أحد يضمن الاستقرار الامني وعدم تفلت الامور نحو أحداث دموية على شاكلة ما جرى في الطيونة وقبلها خلدة. البلد مفتوح ومشرّع على كل الاحتمالات، علماً أن دول الخارج ترغب في اجراء الانتخابات املا بتغيير موازين القوى البرلمانية”.

وتابع: “على الرغم من ان الجو العام يظهر ان الكل يريد اجراء الانتخابات إلا أن امكان حصولها وتطييرها بات اليوم متعادلاً 50/50، وهناك من يغلّب فرص إطاحة الانتخابات على بقائها، مع الاشارة الى ان تطيير الانتخابات النيابية لا يعني حصول تمديد للمجلس انما سنذهب الى الفراغ والشلل الشامل في كل مؤسسات الدولة” .

وكشف عن أن “الثنائي الشيعي يعمل على ان الانتخابات قائمة، واللقاءات تحصل يوميا والتحضيرات جدية وفعلية”.

وعن الازمة الديبلوماسية مع دول الخليج، قال الدر: “لا يمكن اسقاط الأزمة المستجدة مع دول الخليج من الحسابات السياسية وتبعاتها، فهي ليست تفصيلاً عابراً، ويُبنى عليها الكثير من المتغيرات”.

شارك المقال