السحر ينقلب على الساحر في رفّة عهد “التسونامي”

هيام طوق
هيام طوق

وكأن السحر انقلب على الساحر في رفة عهد تحول معه “التسونامي” العوني الشعبي والنيابي والطالبي الذي رفعه الى رتبة عظماء التاريخ لا بل الى القداسة، إلى تيار يتخبط في رياح عاتية تنذر بقرب تسونامي جارف وأمواج هوجاء تضرب القاعدة وتزعزعها من أساسها، لأنه بحسب ما يقال كل ما بُني على باطل فهو باطل ومن يبني على الصخر ليس كمن يبني على الرمال المتحركة.

هي أعطاب كثيرة تصيب “التيار الوطني الحر”، وعوارضها قوية وموجعة تدل على ان الخطر داهم لأن الجسم بأكمله من الرأس حتى الأسفل يعاني ضمورا وانحطاطا لم يسبق له مثيل، وما يجري على صعيد الانتخابات الالكترونية الداخلية للتيار والانتخابات الطالبية في أكثر من جامعة التي كانت تشكل الحصن المنيع للعونيين، يدل على ان “التيار” ليس بخير وانه بحاجة الى غرفة انعاش تعيد الروح الى شعبيته المتناقصة والتي ان استمرت في هذا التدهور ستصبح بحاجة ماسة الى فئة دم الاصلاح وبلاكيت التغيير قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.

كما في العام 2018، أظهر الاستحقاق “الديموقراطي” شرخاً بين الحزبيين، وأتت نسبة التصويت ضئيلة جداً، وانتشر تسجيلٌ صوتي لقياديٍ سابق في “التيار الوطني الحر” يُدعى شادي بجاني وجّه فيه انتقاداتٍ لاذعة للطريقة التي تُدار بها هذه الإنتخابات إذ تواصل “لبنان الكبير” مع عدد من المنتسبين الى التيار الذين أكدوا عدم مشاركتهم في التصويت لأن ذلك مجرد جس نبض اذ ان رئيس التيار جبران باسيل هو من سيختار المرشحين بغض النظر عن النتائج، وبالتالي ايصال أشخاص الى البرلمان غير مرغوب فيهم. ولم يخفِ هؤلاء “فقدان الحماسة التي كنا نلمسها سابقا لدى جمهور التيار في المشاركة بأي استحقاق داخلي، ونخشى أن ينسحب ذلك على الانتخابات النيابية المقبلة حيث سينكفئ الكثير من المؤيدين والمحازبين عن المشاركة بهذا الاستحقاق الدستوري لأن المسار تبدل والشعارات والمبادئ لم تكن سوى حبر على ورق”.

وتبلّغ المرشحون نتائجهم في اجتماع دعاهم إليه رئيس “التيار” جبران باسيل الذي أشار الى ان عدم نشر الأرقام لعدم الرغبة في تسعير الخلافات الداخلية “والتزريك” بين المرشحين، إلا أن الأمر الأهم يكمن في نسبة التصويت المتدنّية (نحو 10 آلاف من أصل 50 ألف حزبي) على الرغم من أن الاقتراع جرى إلكترونياً، إذ أكد قيادي سابق لـ”لبنان الكبير” ان “نسبة التصويت المتدنية تؤشر الى تململ العونيين من اداء القياديين على الرغم من ادعائهم انه كان هناك مشاكل تقنية وسواها من الحجج”.

أما على صعيد الانتخابات الطالبيّة هذه السنة، فاختفى التيّار تنظيمياً، وسجل فشل مدوّ في غالبيّة الكليات في الجامعات بينما احتفظ بوجود رمزي في عدد محدود جداً ان كان في الجامعة الأميركيّة أو اليسوعيّة أو “اللبنانيّة – الأميركيّة”.

وفي ظل امتعاض العونيين من سياسة كم الأفواه التي يعتمدها “التيار” حيث يقول لكل معارض: “الباب مفتوح فلّ والله معك”، هناك العديد من الأسئلة التي تراود العونيين قبل سواهم: هل نتائج الانتخابات الطالبية وعدم حماسة العونيين للمشاركة في الانتخابات الداخلية تنسحب على الانتخابات النيابية في وقت فقدت الحالة العونية الثقة بشعارات الاصلاح والتغيير ومكافحة الفساد ورفع لواء الدفاع عن حقوق المسيحيين؟ وهل يراهن التيار على ما يمكن أن تقدّمه الخدمات والزبائنيّة السياسيّة من أصوات في الانتخابات النيابيّة؟ 

أزمة كبيرة وانهيار كلي داخل “التيار”

وأشار القيادي السابق في “التيار الوطني الحر” نعيم عون الى ان “التيار يتراجع منذ فترة طويلة، وهناك أزمة كبيرة داخله، والوضع في حال انهيار كلي، لكن الناس لا يرون عمق وحجم هذه الأزمة التي تتم لفلفتها، وليس من السهل تعويض هذا التراجع خصوصاً ان الأداء لم يتغير، لافتا الى ان التراجع في الشعبية يراوح ما بين 30 و50 في المئة، وهذا سينسحب على عدد نواب الكتلة في الانتخابات المقبلة التي سيتدنى عدد أعضائها بنسبة كبيرة”.

ورأى ان “ساعة الحقيقة أتت وانكشف تراكم الكذب منذ سنة 2015 حتى اليوم، والشعارات البطولية والاسطورية والرجل الخارق، كلها أمور باتت جلية وواضحة لدى اللبنانيين. والتراجع الدراماتيكي في شعبية التيار ليس سوى نتيجة الدجل والكذب والوهم وبيع الكلام، في حين ظهرت الوقائع في مكان آخر وبعيدة من الشعارات الفضفاضة”.

ووصف الانتخابات الداخلية بالمهزلة والمسخرة لأن هناك قواعد للديموقراطية ولأخذ القرار والتصويت. انها وهم الديموقراطية التي هي أسوأ من الديكتاتورية، خصوصاً ان القرار النهائي في ترشيح الاشخاص بيد باسيل، مشدداً على انه لدينا فرصة للتغيير على الرغم من كل التكسير بمعنويات الناس وتشويه الصورة”. 

تضعضع وأزمة تحالفات

ورأى قيادي سابق في “التيار الوطني الحر” ان “نتائج الانتخابات الطالبية تظهر مدى غياب الهدف والقضية عند الطلاب إذ أدى ذلك الى تضعضع على مستوى القاعدة الطالبية، حتى ان بعض الشعارات التي تطلقها القيادة السياسية سرعان ما تتبدل وفقا للمصالح والتسويات التي تبرمها مع الاطراف الآخرين، والتي تأتي وفقاً لمعيار غب الطلب. وهناك أيضا غياب تام للتفاهم والتحالف مع أطراف أخرى”.

وفي ما يتعلق بالانتخابات الداخلية للتيار، اعتبر القيادي السابق انها “ليست سوى مسرحية اذ اعلن عنها بشكل مباغت، ولم تصدر النتائج بشكل رسمي وعلني متذرعين بحجة من هنا وأخرى من هناك، وذلك يدل على عدم الشفافية والديموقراطية خصوصا ان كلمة الفصل في اختيار الأشخاص المنوي ترشيحهم للانتخابات تعود الى رئيس التيار جبران باسيل بغض النظر عن نتائج الانتخابات الداخلية”.

وأسف “لأن هناك نوابا وكوادر يعول عليهم وما زالوا يسايرون باسيل ويشاركونه في هذه اللعبة، مشيرا الى ان ما جرى لا يعكس بالضرورة واقع الانتخابات النيابية لكن لا شك في ان التيار يعاني من تدنٍ في شعبيته وضمور في الكتلة النيابية التي لن يكون عددها كما في انتخابات 2018 لأن لديه أزمة تحالفات حتى مع حليفه الشيعي”.

شارك المقال