هل ترتكب روسيا “خطأ جسيماً” في أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

تطرح التغييرات العسكرية الروسية والانتقادات اللاذعة التي وجّهها الكرملين لأوكرانيا العديد من التساؤلات حول دوافع وأهداف موسكو. وهي تعيد إلى الذاكرة حسب قراءة في موقع “ذا هيل” (The Hill) الإلكتروني، ردود الفعل على الاستيلاء الروسي عام 2014 لشبه جزيرة القرم وغزو شرق أوكرانيا، والتي ترجمت بموقف غربي قوي وبزيادة كبيرة في المساعدات العسكرية لأوكرانيا، عدا عن حشد الناتو شرقا، بالإضافة إلى العقوبات غير المسبوقة. فأي سيناريو يتحضر حاليا؟ الأسباب التي تشكل مدعاة للقلق عديدة بالفعل”.

وحسب المقال الموقع من قبل السفير السابق للولايات المتحدة، ويليام كورتني، “سلط موقع “بوليتيكو” مطلع الشهر الجاري، الضوء على صور للأقمار الصناعية تظهر تجمعا كثيفا للوحدات المدرعة والدبابات والمدفعية ذاتية الدفع في روسيا بالقرب من بيلاروسيا، ونقل الدبابات إلى الحدود الأوكرانية. وفي هذا الصدد، لفت المستشار الأمني ​​للرئيس بايدن جيك سوليفان إلى أن الولايات المتحدة أطلقت مشاوراتها مع الحلفاء والشركاء. وشكّلت الأعمال العسكرية الروسية السابقة مصدرا للقلق. فبالعودة إلى شهر أيلول، نظمت روسيا وبيلاروسيا تدريبات عسكرية ضخمة “أقوى بكثير” مما كانت عليه قبل أربع سنوات. وفي الربيع الماضي، نقلت روسيا عددا كبيرا من القوات إلى منطقة أقرب إلى أوكرانيا وإلى شبه جزيرة القرم. ورفعت القيادة الأميركية في أوروبا من مستوى تأهبها كما أجرى رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي اتصالا برئيس الأركان الروسية فاليري غيراسيموف.

كما تشكل التحذيرات التي يطلقها الكرملين مصدرا للقلق أيضا. ففي الأول من تشرين الثاني، حذر وزير الخارجية سيرغي لافروف من “المحاولات الاستفزازية ومن جر روسيا إلى نوع من القتال”. وقد يرى البعض في الغرب في هذا التحذير غطاء لتجديد العدوان. وفي 22 تشرين الأول، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن زيارة وزير الدفاع لويد أوستن إلى أوكرانيا “فتحت الأبواب” أمامها للانضمام إلى الناتو. وهذا احتمال بعيد. كما يزعم مساعد بوتين ديميتري ميدفيديف، في تقدير خاطئ أيضا، أن قادة أوكرانيا رهينة لقوى قومية “مسعورة”.

ومع ذلك، تبقى نوايا الكرملين غير مؤكدة فيما يتعلق بأوكرانيا. ولم تنذر بعض العلامات المقلقة السابقة بتهديدات وشيكة. في الثالث من الشهر الجاري، وصف الجنرال ميلي التحركات الروسية بأنها ليست “عدوانية بشكل علني”. لكن في الثامن منه، ذكرت شبكة “سي أن أن” أن مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز أعرب في وقت سابق من الأسبوع في موسكو، عن مخاوف “جدية” من الحشد العسكري الروسي على طول الحدود الأوكرانية. وخلال الأسبوع عينه، حذر وزير الخارجية أنطوني بلينكين موسكو من ارتكاب “خطأ فادح” في أوكرانيا.

لعل موسكو تسعى ببساطة لتثبيط المزيد من الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا. لكن في حال صعّدت روسيا التهديدات، قد يتخذ الغرب إجراءات أقوى بدوره. وقد يلمح أولئك الذين أخذهم الغرب بعد العام 2014 إلى كيفية قيام الغرب برفع التكاليف على روسيا. وقدمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تدريبات ومعدات ومساعدة استشارية كبيرة لأوكرانيا. كما أرسلت الولايات المتحدة زوارق مسلحة حديثة وصواريخ محمولة فتاكة ضد الدبابات الروسية. وأعلنت واشنطن في أيلول عن تقديمها المزيد من المساعدات بمواجهة الارتفاع الكبير في النشاط العسكري الروسي على طول الحدود الأوكرانية.

وترجم الرد الغربي الثاني من خلال حشد قوات الناتو شرقا (…) مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة أنفقت منذ 2014، مليارات الدولارات لتعزيز الأمن الجماعي في أوروبا. وشكلت العقوبات البعد الثالث للرد الغربي ويحتمل أنها ساهمت في تخفيض نمو الاقتصادي الروسي بنسبة تراوح ما بين 2.5 و3.0% سنويًا، وساعدت على رد المقاتلين الأوكرانيين ضد القوات الروسية صيف 2014 في شرق أوكرانيا وعلى ثني الكرملين عن محاولة الاستيلاء على شرق وجنوب أوكرانيا. وكان الكرملين قد ألمح إلى أن هدفه هو الاستيلاء على ما يسميه “نوفوروسيا”. وفي هذه الحال، ما هي الخطوات الجديدة التي قد يفكر فيها الغرب؟

يمكن تزويد أوكرانيا بمجموعة واسعة من الأسلحة الفتاكة (…) ومساعدتها على معالجة الثُغر الدفاعية الجوية والصاروخية. كما يمكن للولايات المتحدة إرسال دفاعات “ستينغر” الجوية المحمولة إلى أوكرانيا أو دفاعات القبة الحديدية ضد الصواريخ قصيرة المدى. وبمقدور حلف الناتو أن يدعم الدفاعات الشرقية (…) كما تستطيع دول الناتو إرسال المزيد من السفن الحربية إلى البحر الأسود، وفقًا لقيود اتفاقية “مونترو”.

ويجدر بالولايات المتحدة البقاء متيقظة لأن العقوبات الأكثر صرامة ستشكل الرد الثالث. وكان السيناتور ليندسي غراهام قد حذر سابقا من العقوبات “من الجحيم” (…) التي تستهدف روسيا بشكل أساسي، مع الإشارة إلى تحذير مراجعة حديثة لإدارة بايدن من أن العقوبات الاقتصادية والمالية تُستخدم على أفضل وجه حين تحصل في إطار التعاون مع الحلفاء، أي بالتنسيق مع أوروبا. لعله ليس الوقت الأمثل للوقوف بذهول أمام المخاطر المتزايدة للتهديدات الروسية… لا أحد يدري ما هو هدف موسكو تحديدا لكن الغرب سيبقي تركيزه منصبا عليها”.

شارك المقال