قنوات الحكومة مقطوعة وشعبوية العونيين مفتوحة

رواند بو ضرغم

هو زمن الشعبوية في العصر العوني على اعتاب الانتخابات النيابية، فتتغيب المواقف الوطنية وتنقض المصالح الحزبية على مفاصل الدولة…

يعيش لبنان واللبنانيون ازمات غير مسبوقة، مالية ومعيشية واجتماعية واقتصادية. تحلّق الاسعار على جناحَيْ الدولار، وكل فريق سياسي “يزيْبق” موقفه في أي مسألة مطروحة على مقياس الانتخابات والمزايدات الإنتخابية…

ففي البطاقة التمويلية مثلا، ينتظر فقراء لبنان صدورها، وكل الكتل السياسية تدعمها، لتنفي عنها تهمة عرقلتها. إنما عمليا، البطاقة التمويلية لم تنفّذ بعد، ولا تزال ضمن البازار الانتخابي…

أموال المودعين مثال آخر، فتسمع عنها شعارات وخطب رنانة بهدف استقطاب أصوات المقترعين، في حين أن لا خطط لاستردادها…

كل ما تقدم، ما هو إلا نقطة في بحر الشعبوية التي تمارس في ملف انفجار المرفأ، واستقطاب الأصوات الانتخابية على حساب دماء الشهداء. وثبت أن التيار الوطني الحر كأبيه الروحي، يعرف الدستور ويحرفه… قال التيار في بيانه إن المكان الأنسب لمعالجة أي مشاكل في قضية التحقيق العدلي في انفجار المرفأ هو مجلس النواب والهيئات القضائية المعنية. وهذا اعتراف واضح وصريح ان الصلاحية تعود لمجلس النواب في محاكمة الوزراء والنواب عن طريق المجلس الاعلى الخاص بهم، لكن التيار الوطني الحر عند موعد التنفيذ، لا يلتزم بأقواله، ويسلك طريق الشعبوية، ويقاطع جلسة مجلس النواب، ويعطل نصابها مع القوات…

في خضم هذا الانقسام، كان الفريق المتضرر سياسيا وقضائيا من قضية المرفأ منكبا على قراءة قرارات محكمتي الاستئناف والتمييز والهيئة العامة لمحكمة التمييز… وتقول مصادر هذا الفريق لموقع “لبنان الكبير” إنه ليس من باب الصدفة أن يصدر في اليوم عينه (أي الخميس)، سلسلة قرارات من الهيئة العامة، وأن يقرر الرئيس حبيب رزق الله تحويل دعوى الرد المقدمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر الى غرفة الرئيسة رندا حرّوق، في حين ان المراجعة لرد المحقق العدلي طارق بيطار بقيت لدى القاضي رزق الله لأكثر من ثلاثة اسابيع… فلماذا قرر أن يصدر القرار الخميس؟

تقول مصادر قضائية لأن مايسترو القرارات المسيّسة القاضي سهيل عبود، قرر عدم احراج رزق الله، فطلب منه تحويلها، وأصدر قرارا عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز بأن الصلاحية في طلب الرد يعود للغرفة الاولى في محكمة التمييز… في حين أن مراجع قضائية تؤكد أن هذا القرار عمليا غير قابل للتطبيق…

وليس من باب المصادفة ايضا ان تأخذ القاضية رندا كفوري في اليوم عينه القرارات في كافة الملفات الموضوعة امامها… اولها تمييز الدفوع الشكلية اللي تقدم بها محامي الوزير يوسف فنيانوس، وطلب كف يد بيطار للارتياب المشروع المقدم من وكيل فنيانوس ايضا، وأخيرا طلب كف يد القاضي غسان خوري المقدم من جهة الادعاء…

تقول المصادر القضائية إن الرئيس سهيل عبود استغل رفع يد القاضي غسان خوري عن الملفات نتيجة الدعوى المقدمة ضده، وبالتالي اوعز لكفوري ان تبتّ رفع يده عن الملف بشكل نهائي بذريعة الارتياب في تصرفاته… وجهّلت كفوري في القرار الصادر عنها بالنسبة لدعوى الارتياب المشروع كل الافعال التي قام بها بيطار واعتبرته غير مرتكب لأي فعل يدعو الى الشك في حياده، ولم تتطرق كفوري الى اي اثبات وضعه محامو الدفاع في دعوى الارتياب، إنما اجابت على موضوع وحيد فقط بطريقة غير مقنعة، حين اعتبرت انه لم يُثبت بأن بيطار ادلى بمواقف صحافية، وان التصريحات التي نشرت عنه لم يتم التأكد أنه صاحبها، متجاهلة كفوري بيان النفي الصادر عن بيطار الذي اكد حصول المقابلة (العربي اندبندنت)…

وحتى الرئيس حاتم ماضي لم يقتنع بتعليل الهيئة العامة لمحكمة التمييز بتعيين الغرفة الاولى في محكمة التمييز المرجع لطلبات رد القاضي بيطار، واعتبر القاضي ماضي ان المجلس العدلي ليس مؤلفا من قضاة بمحكمة التمييز…

ختاما، والأهم في كل ما سبق، يتبين يوما بعد يوم انه ليس هناك من مفاوضات، وكل الكلام عن تسويات ومقايضات هو كلام غير واقعي… وتؤكد المصادر لموقع “لبنان الكبير” أن مقايضة الوزير جورج قرداحي بالمحقق العدلي طارق بيطار غير مطروحة، كما ان مقايضة قانون الانتخاب بالقاضي بيطار غير مطروحة ايضا…

وتجزم هذه المصادر أنه في حين تكثر التكهنات والسيناريوهات وتنتشر من دون مرتكزات واقعية، الا أن “الحوار بين الفرقاء مقطوع ومتوقف، وأحد لا يتواصل نهائيا مع آخر”، على اعتبار أن قانون الانتخاب ومراجعة التيار الوطني الحر لتعديلاته باتت في عهدة المجلس الدستوري، وينتظر النائب جبران باسيل البتّ بها… كذلك، لا يمكن الحديث عن استقالة الوزير جورج قرداحي او عدمها طالما ليس هناك أي دعوة لاجتماع مجلس الوزراء، خصوصا أن الثنائي الشيعي ثابت على موقفه، بأن يصار الى الحل ويُطبق الدستور في محاكمة الرؤساء والوزراء، بعدها تحدّد جلسة لمجلس الوزراء، ويقدم حينها قرداحي استقالته لأنها عملية لاحقة لهذا التدبير… وأي مسار آخر مرفوض ولا يوصل الى إعادة الحياة الى شرايين السلطة التنفيذية.

شارك المقال