ماكرون في الخليج… ولبنان في مهب التبنيج

هيام طوق
هيام طوق

بات واضحاً للقاصي والداني كما للجاهل والعارف أن لا حل نهائياً وجذرياً للقضية اللبنانية الأكثر تعقيداً في تاريخ البلد الحديث إلا بتغيير النهج المتبع من السلطة وملاقاة المجتمع الدولي الذي يحاول الإنقاذ في منتصف الطريق، والذي يبدو مهتماً بإخراج البلد وأهله من غرفة العناية المركزة أكثر من المتحكمين برقاب العباد لإخضاعها وتطويعها وتليينها وتجويعها حتى الرمق الأخير.

ولعل نتائج الزيارات المكوكية إلى الدول القريبة والبعيدة، السياسية منها والرياضية، الدينية والمدنية، الاقتصادية والاجتماعية، خير دليل على ان الحل والربط يأتي من الطرف الداخلي المعطل للحياة السياسية، وتالياً، فلو تدخلت عواصم العالم لإنقاذ البلد من دون نية الأطراف الداخليين المعنيين بذلك انطلاقاً من المثل القائل: “ما بحك جلدك غير ظفرك”، لن تنجح كل المحاولات لأنها ستسقط في مستنقع مصالح المحاور الاقليمية.

وكالعادة، ينتظر اللبنانيون المعلقون على حبال الألم والأمل، ما يمكن أن يقدمه الخارج، وهم يعولون اليوم على دور الأم الحنون فرنسا من خلال الجولة التي يقوم بها الرئيس ايمانويل ماكرون على عدد من الدول الخليجية علّه يتمكن من اضاءة بصيص نور في الافق المظلم بين لبنان والدول الخليجية خصوصاً المملكة العربية السعودية بالتزامن مع استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي علّها تكون ورقة “حسن نية” تمكنه من فتح كوة في جدار الأزمة وتليين موقف السعودية حيال لبنان.

وإذا كان الرئيس ماكرون سيبحث خلال جولته القضايا الاستراتيجية الأساسية في المنطقة: مكافحة الإرهاب والتطرف وأزمة لبنان والانتخابات في ليبيا والنووي الإيراني، فإن مصدر مطلع أكد لـ “لبنان الكبير” ان جولة ماكرون لن يكون لها مفعول سحري أو ايجابي على الوضع اللبناني حتى لو كان يحمل في يده ورقة قرداحي لأن الأزمة أعمق بكثير خصوصاً أن البلد مخطوف في ظل عجز المسؤولين عن مواجهة “حزب الله” الذي يتفرد بالقرارات السياسية. وبالتالي، فإن تجارب الرئيس ماكرون مع المسؤولين اللبنانيين ليست مشجعة، وهو فقد الثقة بهم، ولا ينتظر الحصول على النتائج المرجوة على الرغم من إصراره وفرنسا على الاستمرار في مساعدة لبنان للخروج من واقعه المأزوم. 

حمادة: لا نتوقع أن يعود ماكرون بحل سحري

تمنى النائب المستقيل مروان حمادة أن “يخفف الرئيس ماكرون بمسعاه من حدة الأزمة لكن لا نتوقع أن يعود بحل سحري يحوّل “حزب الله” من منظمة تزرع الشر في المشرق العربي ومن إيران الى دولة تتخلى عن مشروعها التوسعي. الايام ستدل على ذلك من دون أن ننزع من آفاق نظرنا ما يجري وما سيجري في فيينا بالنسبة الى النووي الايراني والتوسع الايراني والعقوبات الاميركية”.

ورأى انه “لا يمكن الجزم ان الرئيس ماكرون سيعود من جولته الخليجية فارغ اليدين بالنسبة إلى القضية اللبنانية لكن لن يحمل معه حلاً لمعضلة لبنان التي ليست في النهاية لا لبنانية ولا عربية ولا فرنسية بل هي نتاج تصرف ايران وعملائها في المنطقة العربية ككل، مشدداً على ان الزيارة أساسية بالنسبة إلى فرنسا والخليج ضمن العلاقات التي تربط بينهم، وهي جانبية بالنسبة إلى لبنان الذي ان لم يساعد نفسه لن يجد أحداً ليساعده. المصيبة عنا ومنا وفينا”.

واعتبر حمادة انه “في ظل هذا الحكم البائس، وقع اللبنانيون ضحية المبالغات. منهم من يعتقد أن لبنان هو الموضوع الاساس او الوحيد لزيارة الرئيس ماكرون الى دول الخليج. ويعتقد البعض الآخر انه بمجرد استقالة الوزير قرداحي حلّت الازمة بين لبنان وأشقائه العرب. هذه المبالغات أفسح عنها الوزير قرداحي في سيناريو استقالته، مشيراً الى ان ملفات فرنسا مع الخليج تصل الى التعاون العسكري مع أبو ظبي والآمال ببيع أسلحة للسعودية وتنمية علاقات باريس المميزة مع قطر”.

ويوضح أن “ملف لبنان مع الخليج لا ينحصر باستقالة وزير كان كلامه فقط مفجراً لأزمة عميقة تتخطى الشكليات التي يدعيها الرئيس عون أو الرئيس ميقاتي أو بعض المعلقين على جذور الخلاف القائم على الاعتداء الكلامي والميداني والأخلاقي الذي لم يترك للصلح مكان، الا اذا نزلت على لبنان موجة من الحكمة والانتظام والآداب والحرص على العلاقات مع الغير وجعلت ميشال عون وجماعته من جهة و”حزب الله” وجماعته من جهة أخرى يغلّبون مصلحة لبنان واللبنانيين، الأول على عائلته وطموحاتها، والثاني على ايران وأطماعها”. 

سعيد: ماكرون يساعد لبنان باعتبار الحزب إرهابياً

قال النائب السابق فارس سعيد لـ”لبنان الكبير”: “تعلمت من خطوة الرئيس ماكرون هو انه على الرغم من العولمة المفروضة على البشرية والتكنولوجيا الحديثة، تبقى السياسة العامة سياسة ريفية. وفي أصول السياسة الريفية يقال الإيد الفاضية مجوية”.

ولفت الى ان “الرئيس ماكرون أراد أن يزور المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ويحمل بيده شيئاً ليقدمه الى الخليج. ولم يرَ أفضل من أن يقدم رأس وزير لبناني، ويوظف هذا الموضوع في انتخاباته الفرنسية. مع تقديرنا واحترامنا الكامل لمساعي الرئيس الفرنسي من أجل تصحيح العلاقات مع الخليج انما اذا أراد فعلاً مساعدة لبنان، نطالبه قبل أهل الخليج بأن يدرج “حزب الله” على لائحة الارهاب كما فعلت بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وألمانيا، هكذا يساعد فعلياً اللبنانيين. أما أن يطالب باستقالة قرداحي الذي كان النقطة التي فاض معها كوب الماء من الخليجيين لا يكفي”.

ورأى ان “المطلوب من فرنسا لنشعر كلبنانيين وعرب انها الى جانبنا، العمل على رفع الاحتلال الايراني عن لبنان، وبدلاً من أن يذهب الرئيس ماكرون الى أساليب غير مجدية في السياسة، نتمنى عليه انطلاقاً من الصداقة التاريخية التي تربط البلدين بأن يدرج “حزب الله” على لائحة الارهاب الفرنسية”.

وأكد ان “الاستقالة لن تؤدي الى الحلحلة مع دول الخليج لأن أساس المشكلة ليس قرداحي وتصريحه انما الموضوع أعمق وهو انه على الدولة اللبنانية والحكومة ورئيس الجمهورية وكل القوى السياسية اللبنانية ما عدا أقلية تخضع الى شروط “حزب الله”، ان تشكل حالة مقاومة سياسية لهذا الاحتلال الايراني”.

وأشار سعيد الى ان “الشرعية المحلية لا تكفي وعندما يحكم “حزب الله” لبنان بقدرة السلاح ولا يكتسب شرعية دولية، يبقى على الاقل خارجاً عن القانون الدولي وهذا مهم جداً”.

شارك المقال