الممانعة الدرزية تطمح لتحصيل كتلة نيابية

عبدالله ملاعب

تستعد القوى الدرزية الموالية لحزب الله والنظام السوري للإنتخابات النيابية المقبلة، ساعية لتذليل كل العقبات التي منعت اتحادها في الانتخابات النيابية السابقة بهدف تشكيل كتلة درزية مواجهة تتقاسم المقاعد الدرزية مع وليد جنبلاط. عام 2018، حالت الخلافات التي نشأت بين القوى الدرزية المناهضة للإشتراكي دون إتحادها في لائحة واحدة. فبعد التباينات التي سُجلت بين أرسلان ووهاب والقومي، خاض طلال أرسلان الانتخابات النيابية من دون حليف درزي بلائحة جمعته والتيار الوطني الحر، في حين تحالف وهاب مع القوميين وعدد من المستقلين الذين يدورون أيضا في فلك محور الممانعة.

أما هذا العام، فقد حُسم خيار التحالف بين طلال أرسلان ووئام وهاب، كما أشارت مصادر الديموقراطي التي وضعت التحالف تحت عنوان “وهاب إبن البيت الأرسلاني”. وتشير مصادر حزب التوحيد العربي الذي يرأسه وهاب إلى أن خيار تحالف الحزبين مع التيار الوطني الحر في دائرة الشوف وعاليه بات أيضا ثابتاً حتى الساعة.

للطائفة الدرزية في المجلس النيابي ثمانية مقاعد، أربعة في دائرة الشوف عاليه (2 في عاليه و2 في الشوف) ومقعد في كل من دوائر بيروت، بعبدا، حاصبيا مرجعيون، وراشيا البقاع الغربي. عام 2018 رشَّح أرسلان حزبيين له ودعم شخصيات ترشحت على كل تلك المقاعد، لينجح بمفرده في عاليه ويسقط كافة مرشحيه والذين دعمهم. مع ذلك، بقي مصمما على إبتداع كتلة أرادها أن تكون بوجه كتلة اللقاء الديموقراطي لكنها كانت فاقدة للميثاقية الدرزية لأنه الدرزي الوحيد فيها وكانوا أعضاء الكتلة الآخرين (سيزار أبي خليل، ماريو عون، وفريد البستاني) ينتمون للتيار الوطني الحر، لذا قيل وقتذاك أنها كتلة رُكبت للمير ولكنها فعليا ملحقة بتكتل لبنان القوي. وتجدر الاشارة هنا، الى أن وفاء المير لجبران باسيل أعطاه هذه الكتلة تقديرا لأفكار وطروحات داعمة للممانعة ولجبران باسيل شخصيا كالميغاسنتر الذي طرحه أرسلان على باسيل مقترحا عليه تطبيقه ليحصد (باسيل) نصف مقاعد الشوف وعاليه. من هذا المنطلق، رُكبت كتلة ضمانة الجبل من أربع شخصيات لضمان مكان للمير الحريص على طاولة الحوار الوطني.

وفي الانتخابات عينها، فشلت لائحة “الوحدة الوطنية” التي رأسها وهاب في الحصول على حاصل إنتخابي وألقت أوساطها اللوم وقتها على حزب الله الذي لم يشغل محركاته او نفوذه حينها لدعم وهاب كما صدر عن أوساطه. وكما ظهر جليا في حديث تلفزيوني لهادي وئام وهاب. لكنّ مصادر وهاب قالت لـ”لبنان الكبير” أن حزب التوحيد تخطى ما جرى عام 2018.

اليوم، تهدف “القوى الحريصة على الوقوف بوجه الهجمة التي تتعرض لها سوريا وحزب الله”، كما عرّفت عن تحالفها مصادر التوحيد العربي لـ”لبنان الكبير”، أن تكسر أحادية تمثيل جنبلاط للشارع الدرزي مراهنة على وحدتها هذه المرة وعلى الواقع المختلف اليوم إذ ثمة قطيعة سياسية بين حزب الله والتقدمي والتي تعتبر نقطة أساس لان الممانعة الدرزية لا تزال تبرر فشلها عام 2018 بغياب نية لحزب الله آنذاك بكسر جنبلاط. في حين ترى أوساط جنبلاط أن حزب الله الذي لا يملك نفوذا واسعا في عاليه والشوف لم يغازل الاشتراكي عام 2018 أبدا.

تلمس الممانعة الدرزية اليوم من حزب الله حزما بضرب جنبلاط وترى ذلك على أرض الواقع إذ أن حزب الله وسراياه المقاومة تكاد تغرقها بالأموال والرواتب والخدمات والتسهيلات لتصبح لاعبا أساسيا في ملف “دعم صمود الأهل” وفي ملفات سياسية أخرى، إذ أن هذا الدعم لا يتوقف عند حد المازوت الايراني او الفاتورة الاستشفائية. وفي هذا السياق ثمة من يتمنى في البيئة الدرزية أن تستمر المساعدات التي تقدمها الممانعة الدرزية للجبل بعد إنقضاء الانتخابات النيابية او في حال طيًرتها.

وفي الحسابات النيابية، يطمح طلال أرسلان إلى أخذ المقعد الدرزي في بيروت، الذي سيبقيه جنبلاط لفيصل الصايغ، والذي يدرك الجميع أنه لا يأتي بأصوات الدروز وحسب إنما يتطلب دعم طائفة وازنة. وهنا يجري الحديث عن نية أرسلان ترشيح الوزير السابق صالح الغريب على هذا المقعد وطبعا ضمن لائحة حزب الله. من جهة أخرى، تطمح القوى الدرزية الممانعة إلى استحواذ المقعد الدرزي في دائرة حاصبيا مرجعيون ولا سيما أن أنور الخليل المشترك بين جنبلاط وبري أعلن رسميا عدم نيته للترشح للانتخابات المقبلة. لكن هذا المقعد المحسوب لكتلة التنمية والتحرير لا تحصل عليه الممانعة الدرزية الا اذا قبل الرئيس بري بالتنازل عنه لصالح حزب الله ضمن إتفاق محض شيعي لا علاقة للمانعة الدرزية، التي تحاول اليوم مغازلة الرئيس البري.

إذا، تطمح الممانعة الدرزية إلى أخذ أربعة مقاعد نيابية في الانتخابات المقبلة. فإلى جانب مقعد أرسلان في عاليه الذي يراه الديموقراطي تحصيل حاصل، ووهاب في الشوف الذي أيضا يراه التوحيد تحصيل حاصل، تطمح هذه القوى بالاتكال على الممانعة الاصيلة إلى ضم مقعدي بيروت وحاصبيا مرجعيون لانهما الاسهل ضمن تركيبة النظام الانتخابي الحالي، علما ان مقعديهما وغيرها من المقاعد غير محسومة بعد ثورة تشرين. وفي وقت يُحكى فيه عن نية جنبلاطية لخوض غمار المعركة الدرزية إن فرضت، يبقى الثابت والمعروف عن جنبلاط عدم تخليه عن كتلة متنوعة فعلى عكس الممانعة الدرزية الطامحة إلى الوصول بأصوات شيعية، يوزع جنبلاط أصوات درزية بين مرشحين مسيحيين كما كان الواقع مع هنري الحلو وغيره عام 2018، ولا يبدو أنه سيتخلى عن هذه السياسة عام 2022. وهنا تجدر الاشارة الى ان جنبلاط كان قد أعلن ترشيح حبوبة عون عن المقعد الماروني في الشوف ويسعى لترشيح عضو مجلس قيادة حزبه ووكيلة داخلية الشمال عفراء عيد عن المقعد السني في طرابلس لتأكيد وطنية الحزب الاشتراكي ولو بشكل رمزي، إذ من الصعب حصد مقعد في طرابلس.

مصادر رسمية في التقدمي قالت لـ”لبنان الكبير” أن الحديث عن مواجهة الممانعة الدرزية من عدمها سابق لأوانه مؤكدة حرص وليد جنبلاط اليوم على ضمان عدم تطيير الانتخابات. لكن الممانعة الدرزية حازمة وحاسمة في الوحدة هذه المرة وتغليب الوفاء لحزب الله والنظام السوري على كل الخلافات الداخلية التي قسمتها وشرذمت أصواتها عام 2018.

شارك المقال