أفق مسدود… ومستقبل البلد غموض تخرقه الوعود

هيام طوق
هيام طوق

هو أفق مسدود أو بلد منكوب ومنهوب أو وضع مضروب أو مرض يشوبه الغموض، لا تهم الأوصاف لأن النتيجة واحدة: لبنان في قعر جهنم واللبنانيون تحت سابع أرض ينتظرون عجيبة سماوية وتدخلات ملائكية لأن المسؤولين عنهم أوصلوهم الى أفق مظلم، ومستمرون في التعقيد والتعطيل والتضليل والتكذيب من دون أن يرف جفن ضمائرهم وانسانيتهم ومسؤوليتهم لأن المصالح الشخصية والمراكز السلطوية أعمت قلوبهم وعيونهم.

المؤسسات الدستورية معطلة، القطاعات من أقصاها الى أدناها تعاني شللاً نصفياً، أزمات على مد العين والنظر، وضع حياتي ومعيشي واقتصادي تحت الصفر، دولار يحلق إلى عتبة الثلاثين ألفاً، والمواطن يقوم من تحت صفعة ليقع تحت أخرى. إنه الجمود السلبي المخيف الذي ينذر بالهدوء ما قبل العاصفة. المتحرك الوحيد الذي يعطي جرعة أوكسيجين هو هذا الحراك الدولي خصوصاً الفرنسي تجاه لبنان لكن الحركة لا تزال بلا بركة، ومن يديه في النار ليس كمن يديه في الجليد.

بعض الأطراف يعتبر ان الانتخابات النيابية المقبلة هي خشبة الخلاص للبنان لأنها ستغير الطبقة الحاكمة وستضع الإصلاح على السكة الصحيحة، ومنهم من يعول على المفاوضات الاقليمية والدولية التي ستنسحب نتائجها، سلباً أو ايجاباً، على الوضع الداخلي الهش. والبعض الآخر يقول ان المساعي الدولية ستكون لها تداعيات ايجابية على حلحلة العقد اللبنانية. في حين أن هناك أطرافًا آخرين يعتبرون ان الانتخابات لن تقدم ولن تؤخر في الوضع، وان المبادرات لن تخلق سوى فجوة بسيطة في جدار الازمة، وبالتالي، فلا حلول جذرية وفعلية سوى بمؤتمر دولي يجد حلاً لثُغر النظام اللبناني بشكل يمنع تعطيل مؤسسة دستورية من هنا أو انتخاب رئيس جمهورية من هناك.

وفق هذه المعطيات والاختلاف في وجهات نظر المعنيين حول الخطوات الناجعة التي يجب القيام بها للانقاذ، لا بد من طرح الأسئلة الآتية: ما هو السيناريو المطلوب تنفيذه للخروج من النفق المظلم وسط هذا العجز الداخلي؟ وهل بات لبنان بحاجة الى مؤتمر دولي يضع النقاط على الحروف، ويكبح التعطيل الذي دمر البلد منذ العام 2005؟ وهل اللبنانيون مقتنعون بوضعهم الحالي وبالاذلال الذي يلاحقهم حتى لقمة الخبز؟ وما مدى امكاناتهم في التغيير؟ أو انهم رضخوا للامر الواقع الذي يقول: ليس في اليد حيلة؟.

أبو الحسن: عوامل داخلية وخارجية للتغيير

رأى النائب هادي أبو الحسن ان “المخرج هو مزيج بين عدة أفكار. أولاً، بغض النظر عن المخارج الاساسية التي تنقلنا من حال الى حال، المخرج الأساسي والملح اليوم هو أن تعود الحكومة الى الانعقاد والانكباب على مقاربة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية. هذه أولوية لا تتطلب مؤتمرات دولية ومفاوضات اقليمية بل حسّاً وطنياً انسانياً يخرج اللبنانيين من الحلقة المفرغة”.

أما على المستوى السياسي، فاعتبر أن “علل البلد نتيجة سببين: أولا، نظام طائفي عليل لا تستقيم معه الامور ويستحيل معه الإصلاح والمحاسبة، وهذا يحتاج الى تغيير. ثانياً، غياب السيادة وحضور الوصاية وتأثير هذا الامر في قرار الدولة المركزي. هذان الامران يحتاجان الى تسوية كبرى تتطلب أولا البدء بالتغيير من الداخل، تتزامن مع عوامل خارجية مساعدة لأن التغيير من الداخل وحده لا جدوى منه على الرغم من أهمية الانتخابات النيابية كاستحقاق وكمدخل للمحاسبة الجزئية الا ان العامل الخارجي هو الاساس. وهنا التفاوض في فيينا بين ايران ودول الغرب اذا أدى الى نتيجة ايجابية يساهم في تغيير الواقع الداخلي، واذا تعقد مسار التفاوض فتتعقد الامور الداخلية. نحن مخطوفون ويجب فك أسرنا لنرى أملاً في تسوية خارجية”.

واعتبر ان “المؤتمر الدولي يتطلب توافقا اقليميا دوليا اذ ان هناك ظروفا خارجية يجب ان تنضج مع العامل الداخلي كي تحصل عملية التغيير الاساسي وننتقل من ضفة الى أخرى. أما المطلوب اليوم فهو انعقاد جلسات مجلس الوزراء ومعالجة القضايا الاجتماعية والدخول بالاصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد الدولي كي نستقطب بعض المساعدات مع الاصلاحات”.

وشدد أبو الحسن على ان “اللبنانيين في حالة من اليأس والاحباط لأن كل التجارب بما فيها حراك 17 تشرين وصلت الى أفق مسدود. هناك عائقان: نظام طائفي لا نستطيع معه احداث تغيير حقيقي كما اننا في الاسر وقرارنا مخطوف. لذلك، يحتاج الامر الى عامل داخلي من خلال الدفع باتجاه التغيير وانتهاز اللحظة الاقليمية والدولية لإحداث الفارق في التغيير”. 

علم الدين: الخروج من منطق الاستقواء

اعتبر النائب عثمان علم الدين ان “الانتخابات النيابية لن تغير واقع الامر، والنتائج واضحة من الآن”، متسائلاً: “هل نعاني من أزمة في النظام أو ان هناك من يعمل على تفشيل النظام ومؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية؟ وليست المواقف السلبية من المجتمع الدولي والعربي تجاه لبنان سوى بسبب سلاح “حزب الله”. وطالما هناك من يستقوي بالسلاح يعني ان البلد ذاهب نحو الأسوأ”.

ورأى انه “علينا الخروج من منطق الاستقواء على الدولة، واذا كان المؤتمر الدولي يعالج شؤوننا الاجتماعية والاقتصادية، ويصلح الثغر في النظام من تعطيل من هنا واستقواء من هناك، فليكن لأن الناس وصلت الى مرحلة الجوع والى حد اليأس”.

عون: الحل من خلال إصلاحين دستوري واقتصادي

أشار القيادي السابق في “التيار الوطني الحر” نعيم عون الى ان “الاشكالية في لبنان داخلية بشكل اساسي وعناصر الضغط خارجية، مشيراً إلى أن مشكلتنا المالية الاقتصادية هي نتيجة تناقضاتنا الداخلية”.

أما عن المبادرات الفرنسية، فقال: “لا أعول كثيراً على المبادرات الفرنسية لأن فرنسا اليوم تتعاطى مع الملف اللبناني انطلاقاً من مصالح انتخابية داخلية على الرغم من محاولتها الحثيثة والجدية لحل مشاكلنا”.

وفي ما يتعلق بالانتخابات النيابية، لفت عون الى انها “وحدها ليست حلاً انما مدخل للحل، وجزء من مجموعة عوامل تساعد في المخرج مع العلم ان الاستخفاف بها بالمطلق ليس صحيحا”. وشدد على انه “لا يمكن التعويل على المفاوضات الدولية أقله في المرحلة الراهنة لأن لبنان يسير بوتيرة سريعة نحو التدهور بينما اللعبة الدولية تسير بوتيرة بطيئة، معتبراً ان تدهور الوضع وارتداداته السلبية على اللعبة الاقليمية والدولية يساهم في تسريع الحل”.

وأكد ان الحل “غير يمكن الا من خلال اصلاحين: اصلاح دستوري واصلاح اقتصادي. لا حل من دون اصلاحات دستورية سياسية لأن أصل المشاكل الاقتصادية سياسية، مشيرا الى اننا بتنا بحاجة الى رعاية خارجية أو وسيط للحلول لكن في النهاية الحل هو نتاج لبناني. وأتمنى ان يكون هناك اطار سياسي للحل ينفذ على مراحل وبهدوء، ونفصل المسار السياسي عن الاقتصادي لأنهما يسيران بسرعتين مختلفتين”.

شارك المقال