“جيروزاليم بوست”: التصعيد في القدس قد يقرع طبول الحرب

حسناء بو حرفوش

لفتت صحيفة “جيروزاليم بوست” (Jerusalem Post) الإسرائيلية إلى ضرورة “مراقبة الجدول الزمني للأحداث في القدس والذي ينبئ نمطه بتصاعد حدة العنف، على غرار ما حصل في العام 2014 وأدى إلى رفع منسوب التوتر في غزة والقدس”.

ووفقاً للصحيفة، “تشكل سلسلة الأحداث الأخيرة التي نتجت عنها اشتباكات كبيرة بين ضباط الشرطة الإسرائيلية والعرب في القدس الشرقية في 23 نيسان 2021 وإطلاق الصواريخ من غزة، جزءاً من الحلقة التي أدت إلى صراعات في الماضي. وسجّل التصعيد الأخير في القدس في شهر رمضان وتزامن مع انتشار مقاطع فيديو على تطبيق “تيك توك” يظهر الاعتداء على يهود أرثوذكس. وعلى الرغم من الاعتقالات العديدة، لم تهمد التوترات (…) وسجل إطلاق الصواريخ في وقت مبكر من صباح السبت من قطاع غزة”.

“من المهم أن نفهم، بحسب ما نقرأ في المقال، أن هذا الجدول الزمني للأحداث مشابه لكيفية تصاعد التوترات في العام 2014 بالإضافة إلى دورات العنف الأخرى التي أدت إلى عنف في غزة والقدس، على سبيل المثال إبان تركيب بوابات كشف المعادن المؤقتة في القدس القديمة في العام 2017”.

ويلحظ المقال “فرقاً مركزياً مع ذلك. فقد بدأت أحداث تموز 2017 وحرب 2014 بهجمات إرهابية، على وجه التحديد، بهجوم 14 تموز 2017 من قبل مسلح في الحرم القدسي، وخطف وقتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين في 12 حزيران 2014 في الضفة الغربية. وقامت إسرائيل بالرد في الحالتين. وخلال حادثة 2014، أدت مسيرة يمينية إلى مقتل الشاب الفلسطيني محمد أبو خضير في 2 تموز، ما أشعل أعمال الشغب والاشتباكات في القدس”.

“بوابات الجحيم”

ويلفت المقال إلى “عودة الفصائل الفلسطينية لاستخدام تشبيه “بوابات الجحيم” المعتمد من حماس أيضاً، وهي عبارة غالبًا ما يتردد صداها كمقدمة لتصعيد الاعتداءات. لقد سمعنا تعليقات مماثلة في 30 حزيران 2014 وفي تشرين الثاني 2012. وكانت حماس قد أعلنت في كانون الأول 2017، أن قرار إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، بنقل السفارة إلى القدس سيفتح “أبواب الجحيم”. كما ترددت تعليقات مماثلة في العام 2012 بعد أن قتلت إسرائيل أحد كبار قادة حماس هو أحمد الجعبري. وبلغت ذروة أعمال العنف في 2014 إلى حرب في غزة مع “عملية الجرف الصامد”. كما أدت إلى أعمال شغب واسعة النطاق في القدس دمرت أجزاء من البنية التحتية لسكك الحديد في بيت حنينا شمال القدس وإلى مسيرة ضخمة على حاجز قلنديا أسفرت عن حوالي 287 إصابة وقتل فلسطينيين اثنين”.

ويطرح المقال السؤال: “إلى أين نحن ذاهبون اليوم؟”، في ظل “تعهد حماس والفصائل الفلسطينية في غزة بالتضامن مع القدس”، وترجمة هذا التضامن “بإطلاق العدد الأكبر من الصواريخ منذ شهور من غزة في تصعيد واضح. ويذكرنا إطلاق الصواريخ بالتصعيد في العام 2019 مع إطلاق حوالي 2600 صاروخ على إسرائيل في غضون عامين من 2018 إلى 2019. كما سجل إطلاق حوالي 1000 منها في العام 2018 (…) ولا تنطوي التوترات الحالية على تداعيات دولية بعد. ومع ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا حول الاشتباكات الأخيرة ومسيرة اليمين المتطرف في القدس. ويأتي التعبير عن القلق الأميركي في ظل مناقشات الطرف الأخير حول صفقة إيران والرحلة المزمعة لمسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى واشنطن”.

وعلى الرغم من أن “الوضع لا يشبه “انتفاضة السكاكين”، حيث اندلعت موجات عنف فردية بين عامي 2015 و2016 وانتهت بقتل فلسطينيين نفذوا هجمات بالسكاكين، يحذر المقال من أن هذا لا يقلل من خطورة ما يحدث. إذ إن ربط القدس بغزة ومطالبات حماس بالتدخل ليس فقط في أعمال العنف ولكن في الانتخابات الفلسطينية أيضًا، هو مقدمة لمزيد من التوترات. وتريد حماس والفصائل الفلسطينية إجراء انتخابات فلسطينية الشهر المقبل مع شمل التصويت في القدس الشرقية، بحجة أنه لا يمكن إجراء الانتخابات بدون مشاركة الفلسطينيين في القدس. وهذا قد يعطيهم ذريعة لإشعال أعمال العنف في القدس كوسيلة لإلغاء الانتخابات أو كمحاولة لليّ ذراع إسرائيل”.

“لم يتضح بعد مسار وشكل هذا العنف. لكن القدس أصبحت تحت المجهر مع خروج مئات الإسرائيليين من اليمين المتطرف وهم يهتفون بشعارات معادية للعرب الخميس الماضي وقد تدخلت الشرطة ونجحت في تخفيف حدة التوتر. لكن شهر رمضان يحمل معه اعتبارات أخرى، وتقدم الاشتباكات التي اندلعت على حاجز قلنديا مساء الجمعة مثالاً على نوع الاشتباكات التي قد تنتشر”.

ويسطّر المقال أخيراً تأثير جائحة كورونا على الأمن في الفترة الماضية وتغير الوضع نتيجة لحملة التطعيم التي قامت بها إسرائيل: “تأتي الاشتباكات الحالية بعد عام ساعد فيه الوباء العالمي في الغالب على إبقاء الناس داخل منازلهم، ما ساهم في استتباب الهدوء. والتزاماً بالإجراءات الصحية، لم تنظم مسيرات كبيرة أو نشاطات دينية أو مسيرات لليمين المتطرف من شأنها إثارة المزيد من التوترات. لكن الوضع قد تغير الآن والعامل الحاسم مرتبط بالأجندات في رام الله وغزة والقدس والتي تدخل إما كعامل تهدئة أو كعامل توتر. ويأتي كل ذلك فيما تفتقر إسرائيل إلى حكومة ائتلافية جديدة، الأمر الذي قد يصب الزيت على نار التطرف والفوضى خصوصاً وأن لا اتفاق بين الأحزاب الإسرائيلية يلوح في الأفق”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً