بين “الحزب” و”التيار”… العلاقة عالشوار

هيام طوق
هيام طوق

يوما بعد يوم، تزداد المواقف المتباعدة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” إذ يكاد الحليفان الاستراتيجيان اللدودان لا يتفقان على ملف داخلي واحد أو تتقاطع رؤيتهما حول مختلف القضايا عند نقطة التقاء واحدة. ومنذ ما قبل تأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري حين قرر الحزب دعمه، أصبح الانقسام في الآراء أكثر وضوحا وحدّة وتشعبا، وهو يتنقل اليوم من ملف المرفأ ورفع الحصانات وانعقاد جلسات مجلس الوزراء مرورا بالاشتباك السياسي مع حلف الحليف حركة “أمل” وصولا الى مقاربة القضايا الاقتصادية، كلها تناقضات دفعت المطّلعين الى الاستنتاج ان العلاقة بين “التيار” و”الحزب” تمر في أسوأ مراحلها، وان هناك تفكيرا جديا بين الطرفين في فك التفاهم أو تعديله في أحسن الظروف.

الانقسام تجلى في تصريح رئيس الجمهورية ميشال عون حين تحدث عن تأييده الدعوة الى عقد جلسة للحكومة ولو تمت مقاطعتها، تلاه موقف لعضو تكتّل “لبنان القوي” النائب ألان عون أشار فيه الى “اننا لا نستوعب منطق ربط الحكومة بالمسار القضائي ولا نفهم الفكرة من وراء ذلك، وضغط “حزب الله” وصل الى أفق مسدود. وهو مدعو الى دعم الخطة الانقاذية، وهناك تباينات معه ويجب مراجعة التفاهم. الحزب مسؤول أيضاً للوصول الى قواسم مشتركة”، مما دفع مصادر ” الثنائي الشيعي” الى الرد عبر ” لبنان الكبير”، معتبرة انه “على التيار ان يدرس خطواته وتصريحاته لأنه مهما كان الطرف الآخر متساهلا، فإن للصبر حدود، وهناك جمهور لا يمكن ان يتلقف التصريحات الهجومية في حال استمرارها”.

وبين من يعتبر ان العلاقة جيدة جدا بين ” التيار” و”الحزب”، وان التصريحات العلنية لا تعكس واقع العلاقة بينهما خصوصا ان هناك مسعى للضغط على الحزب ومحاولة عزله، كما ان ” التيار” لا يملك الكثير من الخيارات لناحية التحالف لأنه على خصومة مع مختلف الأطراف ان كان على الساحة المسيحية أو السنية أو الدرزية وحتى الشيعية، تجزم أطراف أخرى ان العلاقة ليست جيّدة بين “الحزب” و”التيار”، وان الحزب مزعوج جدا من التصريحات الأخيرة ان كانت من قبل الرئيس عون أو المسؤولين، وان تفاهم مار مخايل يمر في مرحلة حساسة لكن في الوقت عينه هناك تفهّم من قبل الحزب لوضع التيار الذي هو بحاجة للتمايز في خطابه السياسي عشية الانتخابات النيابية لشد العصب المسيحي وفق مصادر “الثنائي الشيعي” لـ”لبنان الكبير” التي أكدت انه طالما خطاب التيار لا يمسّ الامور الاستراتيجية التي لها علاقة بالمقاومة والسلاح، فليس هناك من تخوف على التفاهم على الرغم من الانزعاج .

واعتبرت مصادر “الثنائي” ان التفاهم يصبح في مهب الريح اذا أخذ “التيار الوطني الحر” خيارات كبيرة تخطت الخطوط الحمر، وتخطت الموضوع الداخلي الى الموضوع الاستراتيجي.

أما عضو “تكتل لبنان القوي” النائب أسعد درغام، فأكد ان “مواقفنا وتصريحاتنا أتت عالية السقف لأننا نتحدث بصدق وشفافية، ونوجه نداء لحزب الله من باب الحرص على العلاقة بيننا انه يجب تصحيح هذه العلاقة، معتبرا ان ما يقوم به الحزب من مقاطعة للحكومة في ظل هذه الظروف الحرجة والطارئة غير مقبول”.

وسأل: “اذا لم يعقد مجلس الوزراء في مثل هذه الظروف، متى يعقد؟ اذا كان الحزب يملك مؤسسات مالية واقتصادية واجتماعية، وباستطاعته تأمين الحد الادنى من متطلبات الحياة لبيئته، فالشعب اللبناني دخل مرحلة الجوع، ولا يجوز تحت أي مسمى أو حجة أن نقبل بموقف حزب الله من الحكومة بالتضامن مع حركة أمل”.

ولفت الى انه “أقل ما يقال بهذه المقاطعة انه تصرف غير مسؤول. اليوم بات من الضروري انعقاد مجلس الوزراء”، متسائلا: “هل نريد بلدا؟ اذا كان من غير الممكن ان نبني بلدا مع بعضنا، فلنتفق على خيارات يمكن ان نتفاهم حولها لنبني البلد لأنه بكل بساطة لا يمكن الاستمرار هكذا”.

وعما اذا كان التفاهم لا يزال ساري المفعول، قال درغام: “قبل الحديث عن التحالف والتفاهم وعن الانتخابات النيابية، نريد ان يبقى البلد الذي ينهار بسرعة. لا كلام يقال عن التحالف والتفاهم إذا وصلت الناس الى مرحلة الجوع، ووصل البلد الى الفوضى الشاملة. لا قيمة لأي شيء عندما تصل الامور الى هذا المنحى”. وأكد ان “مواقفنا ليست شعبوية بأهداف انتخابية بل نعمل وفق قناعتنا، وعندما يتعلق الامر بكرامة الانسان والسيادة يعني تأمين أبسط مقومات الحياة له، واذا لم نؤمن هذه المقومات يكون أصبح بلا كرامة ولا سيادة”.

وشدد درغام على ان ” الجرة لم تنكسر بين الحزب والتيار انما دخلنا في مرحلة حساسة، ونأمل ان تلقى هذه التصريحات التي هي بمثابة صرخات، آذانا صاغية”، متسائلا: “ما النفع من ربح مقعد هنا وآخر هناك إذا خسرنا البلد؟”.

من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي حسن الدرّ انه “ليس هناك من توزيع أدوار بين التيار والحزب، فماذا يستفيد الحزب من هذه الافتراءات التي يكيلها له قيادات التيار؟ الحزب يدرك ان التيار مزروك في بيئته، وبالتالي، فهو يتفهم رغبة التيار بالتمايز في بعض التفاصيل الداخلية، ليشد عصب جمهوره”.

ورأى ان “مراجعة التفاهم بين الطرفين لن تحصل قبل الانتخابات النيابية اذ لا الوقت ولا الظروف تسمح بذلك، لكن اذا رأى التيار ان لديه مصلحة بعد الانتخابات بفك تحالفه مع الحزب، سيقوم بهذه الخطوة، مشيرا الى انه اذا خُيّر النائب باسيل بين أميركا والحزب في لحظة استدراكه ان الحزب لن يدعمه للوصول الى رئاسة الجمهورية سيبيعه على أول مفرق. هذه قناعتنا لأن لباسيل تجارب مماثلة مع الافرقاء الساسيين. فقد عوّدنا التيار على الاستفادة من تحالفاته ونكث وعوده لاحقا، والكل يعلم أن التيار بحاجة الى الحزب في الانتخابات المقبلة، لأنه يؤمن له فوز نواب في أكثر من دائرة. ويلجأ اليوم الى الضرب ضربة عالحافر وضربة عالمسمار ليظهر تمايزه عن الحزب وفي الوقت عينه هو بحاجة للحزب لأن ليس لديه أي حليف آخر”.

ولفت الدر الى انه “بعد الانتخابات النيابية، حسب مسار التيار الوطني الحر، ستتغير الحسابات لان التيار يكون قد حصل على ما يريد من الحزب ولم يعد لديه مصلحة استراتيجية معه. وليس لدى التيار مشكلة في تغيير التحالفات بأي لحظة لأن المصالح تكون منطلق هذه التحالفات وليس المنطلق العقائدي، معتبرا ان نتائج المحادثات في فيينا ستلعب دورها في خيارات النائب باسيل وتحالفاته”.

شارك المقال