الحريريون: لا نُباع ولا نُشترى

محمد نمر
محمد نمر

أشهر على سفر الرئيس سعد رفيق الحريري، وعلى إصابة كُثُر بسيلان لعابي سياسي بلغ الركب، جرّاء كثرة التحليلات و”الخزعبلات”، من هنا وهناك، حول الحريري ومصير “تيار المستقبل” وجمهوره.

ومنذ شهر نقلت في مقالة عبر موقع “لبنان الكبير”، رأي شاب حريري مندفع وغير منتفع، يتمسك بالجذور والمبادئ، لا يتأثر باللعب الاعلامية السوداء، حريري القلب والرأي، مقاتل عبر مواقع التواصل الاجتماعية. وأول من أمس تكرر المشهد، جلسة جديدة جمعت هذا الشاب بمجموعة بيروتية. كان لدي الفضول لمعرفة رأيه وأقيس نبضه الحريري بعد سفر زعيمه. فأتى بجديد، بجرس انذار واضح، ينبّه فيه أصدقائه ورفاقه في “المستقبل”، لما يتم طبخه خلف الكواليس. وخلاصة قراءته كانت على الشكل الاتي:

من الواضح أنه مهما كانت خيارات الحريري، يبدو أن هناك من يريد ابقاءه على لائحة الاستهداف السياسي… هو و”تيار المستقبل” وجمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري باتوا أهدافاً ثابتة، تُرشق بكل انواع الاسلحة السياسية والاعلامية، بتحليلات من نسج الخيال كل ما يراد منها هو الاستيلاء على هذا الجمهور وأصواته والمتاجرة به كالـ”الاتجار بالبشر” في سوق النخاسة… نعم أنتم جمهور “المستقبل” تتعرضون لأبشع أنواع التأثير لصناعة رأي عام حريري متخلخل، يقدر القوي والضعيف على تفتيته. انهم يغازلون غرائزنا السياسية وثوابتنا بمواجهة “حزب الله” و”الوطني الحر” وتمسكنا بالهوية العربية بمواجهة إيران. يروّجون لغياب الحريري وهو الحاضر في متابعته اليومية لشؤون تياره وجمهوره، وفئة واسعة من جمهور “المستقبل” صامدة على قاعدة “لا تكن لهم عوناً” وهي السياسة التي ستعدم مخططاتهم.

قدم الشاب المتواضع توصيفات أصابت بمعناها المشاركين بالحملة المستمرة على الحريري، فحَسْبه يدرك جمهور “المستقبل” والحريري الأب والابن، أن اللاهثين وراء اصواتهم في الانتخابات النيابية كثر ويتكاثرون: أحزاب لبنانية، خصوم تاريخيون إلى حد العداء والقتل، “حلفاء ناكثون”، متطفلون وحاقدون قدامى وجدد، وجوه مختَرعة، منافقون يأكلون مع كل ذئب ويبكون على الراعي، مولولون عبر المنابر، قريبون وبعيدون، طامحو مناصب وصانعو مبادرات فاشلة…

منهم من يعادي الحريري منذ وضعت العباءة على كتفيه، وارادوا من عدوانهم استكمال مخطط اغتيال رفيق الحريري والاكمال على لبنان وعلى علاقاته الدولية وهويته العربية، واليوم يُجرون حساباتهم الانتخابية، علّهم يحصلون على نائب سني أو اثنين في العاصمة بيروت أو في الشمال، كقطعة من حلوى من نسخ الخيال عنوانها “تيار المستقبل انتهى… بس ولا يحلموا لأن بيروت النا وحنستردها”.

في العاصمة عينها، من كان في حضن “حزب الله” وصنيعته وسمح له بضرب أسوار العاصمة، اليوم وبعد أن بات للحزب أعداد وحصة في بيروت بفضل هذا الرجل “منزوع السياسة والهوى”، بات يدّعي انه سدّ منيع بوجه “حزب الله”، مقدماّ خطاباً “غب الطلب” واموالا بـ”الشوالات”، علّها “تزبط معه” ويصل إلى لقب “دولة الرئيس”، لقب دفعه إلى الارتماء في مرحلة سابقة في حضن صهر العهد.

ومنهم من أطلق عليه الشاب لقب “حليف مناصب”، يبحث عن سنيّ من اي زاروب، يوافق على أي استقبال او لقاء أو عشاء لأي أحد اسمه “محمد أو أحمد أو عبد أو عمر…”. يغازلهم بمعاداته الاعلامية للقاتل فيما جوهره لا يختلف عن عهد ملعون طائفي وعن امراء حرب وضغينة. واستراتيجية مصلحية ضيقة بلا أفق مبنية على العدد وليس العدّة.

ومنهم من كان داخل البيئة الوطنية وفي حضن الحريري، فاضت حساباته بمال وجاه واعتلى مناصب ومواقع على اكتاف سعد الحريري، وها هو أو هم اليوم يؤيدون على الورقة والقلم، كلفة شراء قطعة من القالب عينه، مستغلين وجع اللبنانيين ومعاناتهم… فيما يحق السؤال: “من اين لكم هذا؟”

ومنهم ايضاً من تربطهم صلة الدم، قطعوها ومزجوا الدم بالمياه العكرة بتصرفات “ولادية”، وباستخدام سياسة الشراء والبيع لكنها لم تشتر سوى الضعفاء ممن ينسحبون من المعركة عند اول مصلحة يقدمها الخصوم.

استعرض الشاب نماذج عدة لكل من وصفهم باللاهثين وراء اصوات “المستقبل”، ممن يحسبون أن هذه الاصوات رخيصة أو تباع وتشترى. ختمها الشاب ليضع خطا أحمر تحت كل اسم شخص ينتمي إلى الحريرية و”تيار المستقبل”: “نحنا ما مننشرى ولا مننباع، نحنا عنا كرامة… والمستقبل ليس مادة للبيع أو الشراء ولا للابتلاع السياسي، نحنا عنا ثوابت ومبادئ حريرية وخط سياسي لا يتغير، ولا نترك الساحة في منتصف الحرب”.

سأل أحد الجالسين الشاب: وماذا عن الرئيس الحريري؟ ماذا لو لم يترشح؟ فأجاب: “كرسي النيابة ضيق على الزعامة، وسواء قرر العزوف عن الترشح أو عدم ذلك، فهذا لا يعني أنه اعتزل السياسة، فالزعيم لا قدرة لديه على الاعتزال، وهذا لا يعني أن المستقبل لن يخوض الانتخابات، وهذا لا يعني أن جمهور رفيق الحريري انتهى… وهذا لا يعني انهم يستطيعون شراءنا”.

شارك المقال