أفغانستان: كارثة إنسانية واختبار جديد لطالبان

حسناء بو حرفوش

بعد عقود طويلة من الحرب، تتجه أفغانستان مجددا نحو وضع كارثي تفاقمه بالإضافة إلى عدد من القضايا، كارثة إنسانية في حال لم تتخذ خطوات سريعة في الوقت المناسب، حسب مقال في موقع (Eurasia review) الإلكتروني. ووفقا للمقال، “أدى الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية والقوات المتحالفة، بالإضافة إلى تجميد جميع المساعدات الواردة للبلاد منذ ذلك الحين إلى المزيد من التفكك في الداخل. وفي الوقت الذي بادر فيه رئيس وزراء باكستان عمران أحمد خان إلى تعبئة العالم الإسلامي على أمل حشد الدعم للأفغان، سيبرز الاختبار الحقيقي في مدى تقدم العالم الإسلامي باتجاه مساعدة الأفغان (…) خصوصا أن باكستان تواجه قلقا رئيسيا من الهجرة الجماعية المحتملة للاجئين إلى باكستان إذا ساء الوضع مع تردي الحالة الإقتصادية.

(…) وشكلت تجارة المخدرات غير المشروعة في أفغانستان نعمة للبلاد التي لا تزال المورد الأكبر للأفيون في العالم، ويبدو من المؤكد أنها ستبقى كذلك مع تسلم طالبان للسلطة. والسؤال الذي يطرح حاليا هو حول كيفية استخدام أموال المخدرات التي استخدمت لقتال الأميركيين خلال 15 عاما. لماذا لا تستخدم حكومة طالبان في كابول هذه الأموال لرفع مستوى الجماهير قبل أن تتدخل المنظمة العالمية للمساعدة؟ تنزلق البلاد إلى أزمة إنسانية في ظل الدمار واسع النطاق خلال الحرب ونزوح عدد كبير من العائلات من منازلها وقطع المساعدات الخارجية عن البلاد. والسؤال الذي يطرح حاليا حول ما الذي تنوي طالبان فعله للشعب؟ وقد أفاد مسؤولو الأمم المتحدة بأن طالبان ربحت على الأرجح أكثر من 400 مليون دولار ما بين عامي 2018 و2019 من تجارة المخدرات.

وساد توقع منذ تسلم طالبان الحكم بأن هذه الأخيرة ستحترم الالتزامات التي تعهدت بها وتتخذ خطوات عملية في اتجاه تشكيل حكومة شاملة واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة على وجه التحديد، وعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي جماعات إرهابية. ومع ذلك، يبدو أن حكومة طالبان فشلت بالوفاء بالوعود التي قطعتها للمجتمع الدولي (…) وأزالت طالبان الأفغانية الأسلاك الشائكة التي أقامتها القوات الباكستانية في إقليم “ننكرهار” في أفغانستان، وهددت بشن حرب على طول خط ديوراند (…) كما رفضت وبشدة قبول هذا الحاجز الحدودي الذي يفصل أفغانستان عن المناطق التي يسيطر عليها البشتون في باكستان. وتوشك باكستان على الانتهاء من بناء السياج الحدودي لخط ديوراند والذي باشرت به منذ آذار 2017 ، فهل يمكن الوثوق بطالبان؟ من المثير للغرابة أن السياج أزيل بعد اجتماع منظمة التعاون الإسلامي.

ولا تتقدم أي دولة أو منظمة على نطاق واسع لمساعدة الشعب الأفغاني بسبب غياب الثقة من أداء طالبان حتى الساعة في إدارة البلاد. وإذا فشلت حكومة طالبان في تلبية توقعات المجتمع الدولي، فمن المرجح أن يزداد الوضع سوءا وقد تصبح المساعدات حلما بعيد المنال. وقد وعدت منظمة التعاون الإسلامي بمساعدة أفغانستان لكن إلى أي مدى؟ يحتاج العالم الإسلامي في المنظمة إلى أخذ زمام المبادرة بالنسبة للمجتمع الدولي لمراقبة الانتشار والتوزيع على الأرض بين عامة الناس ومتابعة التنفيذ بحكمة (…).

ويجب تقديم جميع المساعدات الدولية الممكنة من أجل التنمية الأمنية والسياسية والاقتصادية الشاملة لأفغانستان لأن استقرار البلاد من شأنه أن يترك تداعيات على المنطقة المحيطة بأفغانستان والهند والعالم بأسره. ولتعزيز السلام والأمن في المنطقة، يتعين على المجتمع الدولي أن يتقدم، لكن لا بد من السيطرة على باكستان ومنعها من التدخل في الشؤون الأفغانية”.

وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى بالإجماع، قرارا اقترحته الولايات المتحدة، بغية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية لأفغانستان على مدى عام في ظل الصعوبات الاقتصادية الجمة التي ترزح البلاد تحت وطأتها. ويسمح القرار وينص بدفع الأموال والأصول المالية وتأمين السلع والخدمات الضرورية التي تتطلبها الحاجات الإنسانية الأساسية في أفغانستان.

شارك المقال