فشّة خلق بين حليفين

عالية منصور

تداعيات تدخل حزب الله في دول عربية عدة والمشاركة بأعمال إرهابية وزعزعة الامن تتفاعل اقليميا ودوليا، ويأتي ذلك مع ازدياد الحديث والتسريبات عن الخلافات في لبنان بين حزب الله وحليفه المدلّل التيار الوطني الحر، وان تزامن الامران الا انهما خطان متوازيان لا يلتقيان مهما حاول البعض الاصرار على العكس.

فمشكلة الدول العربية مع حزب الله هو تصديره للمخدرات، وتصديره للارهاب، وتدخله بشؤون الدول العربية عن طريق دعم ميليشيات شقيقة له بالولاء لايران ضد هذه الدول وامنها ومصالحها.

بينما مشكلة التيار الوطني الحر مع حزب الله هي اقرب لحالة من “الدلع”، فقد اعتاد التيار ان يطلب فيُعطى مقابل انه كان مطية الحزب والغطاء المسيحي الاقوى للسيطرة على البلاد ومؤسساتها.

وهل حقا هناك من يصدق مثلا ما يتفوه به نواب ومسؤولو التيار الوطني الحر عن اعتراضهم ومعارضتهم لادوار حزب الله الاقليمية؟ وهل نسينا مواقف رئيس التيار جبران باسيل عندما كان وزيرا للخارجية في جامعة الدول العربية؟ وهل نسينا تأييدهم لقتال حزب الله في سوريا؟ وهل نصدق انهم ضد مشاركته باليمن ومع مشاركته في سوريا مع علمهم انه شارك بالحالتين خدمة لايران ومشروعها في المنطقة؟

ام ان هناك من يصدق ان التيار ممتعض ومزعوج من تعطيل الثنائي حزب الله وحركة امل لجلسات مجلس الوزراء، لانه اي التيار مع استمرارية مؤسسات الدولة وضد تعطيلها لغايات سياسية؟ وهل فخامة الرئيس ميشال عون عندما يدعو الى “وقف التعطيل المتعمد والممنهج وغير المبرر الذي يؤدي الى انهيار الدولة”، هو نفسه الجنرال ميشال عون صاحب مقولة “لعيون صهر الجنرال ما تتشكل الحكومة”؟ وهل هو نفسه الذي عطّل ذات الثنائي مجلس النواب كرمى لطموحاته، فاستمر الفراغ الرئاسي نحو عامين، ولم يسمح بانعقاد جلسة انتخاب رئيس جمهورية الا بعد ان حصلت التسويات وضمنوا ان الجنرال هو من سيتم انتخابه “ديموقراطيا”؟

وهل ننسى انه في كل مرة يشعر رئيس التيار جبران باسيل بأنه “مزروك” شعبيا وسياسيا يلجأ الى حيلة خلافه مع حزب الله ويستحضر موضوع تفاهم مار مخايل، فيكون له ما يريد واكثر ليظهر بمظهر المنتصر؟

ذلك لا يعني ان لا خلاف بين الحليفين، لكنه خلاف على كيفية ادارة بعض امور السلطة، مع تفهم تام من قبل الحزب على ما يبدو لحاجة التيار الى تكبير الخلاف اعلاميا في هذه المرحلة بالذات بعد تراجع شعبية باسيل لصالح عدة قوى تقليدية او قوى جديدة بدأت تظهر بالحياة السياسية بعيد 17 تشرين.

عندما تم التوقيع على تفاهم مار مخايل كان حزب الله بحاجة الى غطاء مسيحي وفره عون، وكان التيار بالمقابل بحاجة الى سلطة حزب الله ليتمكن من تحقيق طموحاته السياسية. اليوم بعد ان كان للحزب ما اراد من خلال السيطرة على مؤسسات الدولة والحياة السياسية في لبنان، ومع وجود اكثر من مرشح يرغب بان يحل محل التيار بتفاهمه مع الحزب، فان التيار هو من يحتاج الى حزب الله، فمن غير حزب الله قادر على تحقيق طموح باسيل السياسي على سبيل المثال؟

وعلى الرغم من ذلك فان الحزب ما زال يتعاطى مع التيار كحليفه المدلل، ويتعامل واعلامه مع ما يصدر من “هجوم” عليه وانتقادات من قبل نواب التيار واعلامه على انه “فشّة خلق” ضمن الهامش المسموح به، بل واكثر من ذلك قد يغطي الحزب نفسه “فشّات خلق” التيار، طالما انه يدرك عمق ما يجمعهما، من العداء للمحيط العربي الى تحالف الاقليات مرورا بالرغبة الدائمة بانهاء اتفاق الطائف.

اما من يحاول ان يفرح ويهلل لهذا الخلاف ويصوره على انه عودة “الابن الضال” الى حضن القوى السيادية، فليتذكروا مقولة “اللي جرب مجرب”، وكم من مرة جُرّب التيار؟

شارك المقال