حرب المخدرات في الشرق الأوسط

حسناء بو حرفوش

حذّر المحلل ماثيو زويغ من تحوّل الحروب السياسية في منطقة الشرق الأوسط إلى حروب مخدرات فتّاكة في المستقبل. وكتب في مقال بموقع “نيوزويك” الأميركي:

“لم يأت حظر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى استيراد المنتجات الزراعية من لبنان بشكل موقت، ردا على أحداث سياسية أو على استفزاز عسكري أو سياسي علني من قبل حزب الله، بل جاء ردا على اكتشاف شحنة ضخمة من مادة الكبتاغون مخبأة في منتجات لبنانية وصلت إلى ميناء سعودي. والكبتاغون هو اسم تجاري لعقار خطير ومسبب للإدمان من مشتقات الأمفيتامين. وهذه المادة ليست جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وقد عرفت منذ أوائل الستينيات. ومع ذلك، يثير حجم إنتاج الكبتاغون والاتجار به في سوريا الكثير من القلق.

وفي هذا السياق، وصف تقرير استقصائي صدر مؤخرا في صحيفة “نيويورك تايمز” كيف “أصبح لا غنى عن إنتاج الكبتاغون والاتجار به على نطاق صناعي، من الناحية المالية لكل من حزب الله والنظام السوري المدعومين من إيران. ومن المحتمل أيضا أن يوفر سوق الأمفيتامين مصادر جديدة للدخل لمجموعات أخرى من الوكلاء الإيرانيين الناشطين في تجارة المخدرات العالمية. وأدت الأزمة المالية في لبنان المجاور لسوريا، إلى جانب الآثار طويلة المدى للعقوبات الأميركية والأوروبية، إلى حرمان نظام الأسد من مصادر المال. ولجأ النظام الذي يحتاج المال إلى الكبتاغون، الذي يشحن من الموانئ السورية واللبنانية (…) ويشير هذا التحول إلى تجارة المخدرات إلى مرحلة جديدة من مراحل الصراع السوري: ظهور سوريا كدولة مخدرات.

وتشير المعطيات إلى تجارة عالمية بمليارات الدولارات. وفي تموز 2020، صادرت السلطات الإيطالية 84 مليون قرص كبتاغون بقيمة إجمالية قدرها 1 مليار يورو، يعتقد أنها شحنت من ميناء اللاذقية الذي يسيطر عليه نظام الأسد، في عملية وصفتها الحكومة الإيطالية بأكبر عملية ضبط للأمفيتامينات في العالم حتى الآن. وقامت السلطات في رومانيا وماليزيا واليونان ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وأماكن أخرى بمصادرة شحنات إضافية، يعتقد أنها مرتبطة بنظام الأسد. وتزيد هذه التجارة زعزعة الاستقرار من خلال الانتشار الواسع لاستخدام الأمفيتامين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. ويعد النزاع والتدمير والتجزئة الإقليمية من العوامل الرئيسية التي تسمح للجماعات المسلحة ورجال الأعمال الناشطين في مجال المخدرات بالاستفادة من هذه التجارة. وغالبا ما يؤدي إنتاج المخدرات والاتجار بها على نطاق واسع من قبل الأنظمة المارقة أو في الأماكن غير الخاضعة للحكم أو الإدارة الضعيفة إلى المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، كما يرفع نسب الإجرام ومشاكل الصحة العامة في البلدان المستهلكة والمنتجة. ويترسخ هذا النمط الآن في ليبيا، حيث تزدهر تجارة الكبتاغون في ظل الإبلاغ عن روابط سورية.

علاوة على ذلك، أسواق المخدرات ليست ثابتة. يمكن لأسواق الكبتاغون اليوم أن تتحول بسهولة إلى أسواق أقوى بكثير للميثامفيتامين، كما حدث في أفغانستان. وبالتالي، تخاطر الحروب السياسية في الشرق الأوسط اليوم بأن تتحول إلى حروب مخدرات فتّاكة في المستقبل. ويتطلب وقف مد إنتاج الكبتاغون والاتجار به داخل سوريا تنسيقا وإنفاذا مكثفا لتحسين حظر المخدرات في بلدان العبور والأسواق الخارجية. ويجب على الولايات المتحدة تطوير جهد دولي لتعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات وتهريبها، المرتبطة بنظام الأسد لمواجهة هذه التهديدات قبل أن تصبح غير قابلة للإدارة. ويجب أن يبدأ أي جهد من هذا القبيل بعملية منسقة مشتركة بين الوكالات لدمج الجهود الديبلوماسية والاستخباراتية وإنفاذ القانون لتحديد ومقاضاة أو معاقبة الأفراد والشركات المتورطة في شبكات إنتاج وتجارة الكبتاغون المرتبطة بنظام الأسد. كما يجب على الولايات المتحدة دعم التحقيقات المتعلقة بإنفاذ القانون والعقوبات في البلدان الشريكة التي تتلقى أو تنقل كميات كبيرة من الكبتاغون. وفي محاولة استدراك الخطر، سعى الكونغرس لتطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات من أجل استهداف شبكات التهريب لنظام الأسد والعمل عن كثب مع الحلفاء والحكومات المتضررة. ومن غير المرجح أن تتقلص تجارة المخدرات المتنامية في سوريا، أو باختفائها، ما لم ينتهِ الصراع الأهلي. وأخيرا، من الممكن أن تصبح شبكات تهريب المخدرات الرئيسية عبئا وليس مصدرا للإيرادات التي تزداد الحاجة إليها، فقط من خلال الضغط الدولي والجهود الدولية المنسقة بين الوكالات لاستهداف تهريب المخدرات وإيجاد حل سياسي للصراع في سوريا”.

المصدر: newsweek

شارك المقال