بين الأبيض والأسود… أفق الحكومة رمادي

هيام طوق
هيام طوق

عندما أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد اجتماعه برئيس الجمهورية ميشال عون، الاسبوع الماضي، انه تم الاتفاق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وأن الموازنة العامة لعام 2022 باتت جاهزة وسيتم استلامها خلال اليومين المقبلين، وفور استلامها سيتم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، كثرت التحاليل والاقاويل حول هذا الانفراج المباغت والمفاجئ، لكن بعد مرور أسبوع على هذه المواقف يبدو ان الامور لا تزال في مرحلة “راوح مكانك” على الصعيد الحكومي مع العلم ان رئيس الجمهورية وقع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.

وحسب معلومات ” لبنان الكبير”، فإن النصاب السياسي لعقد جلسة لمجلس الوزراء لم يلتئم ولا نصيب له في الالتئام في المدى المنظور ليس فقط لأسباب لوجيستية وعدم إنجاز وزير المال يوسف الخليل مشروع الموازنة العامة لعام 2022 والذي سيحتاج الى أسبوعين أو ثلاثة على أقل تقدير، انما لأن المشكلة الاساسية المستمرة منذ أشهر لا تزال هي العائق الاول والاخير في عدم انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، وتتمثل في المعادلة التالية: تسوية موضوع القاضي طارق البيطار ومحاكمة الرؤساء والوزراء عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، يؤديان إلى التئام جلسات مجلس الوزراء بمشاركة “الثنائي الشيعي”، وأي كلام عن تسوية أو مخرج خارج هذا السياق لا اساس له من الصحة.

وللمفارقة، فإن رائحة الاجواء الايجابية التي يحاول فريق رئيس الحكومة بثّها لم تفُح بعد لدى “الثنائي الشيعي” الذي يرى ان حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر.

مصادر الرئيس ميقاتي تؤكد لـ”لبنان الكبير” ان رئيس الحكومة لا يزال مستمرا في محاولة انضاج مخرج ما، وعلى أكثر من مستوى لإعادة ضخّ الحياة في جسد مجلس الوزراء، مع تجديده التأكيد أمس على السعي الى عودة الحكومة سريعا للاجتماع حتى تنتظم أمور البلد والناس ونتابع مسيرة الإنقاذ قبل ان يغدرنا الوقت ونصبح ضحايا أنفسنا، فواجبنا وقف التعطيل والعودة الى طاولة مجلس الوزراء لانجاز ما هو مطلوب حيث ترافق ذلك مع جرعة دعم من السفيرة الفرنسية في لبنان التي شددت على ضرورة عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد.

وأكدت مصادر ميقاتي ان “رئيس الحكومة يحاول عقد جلسة لمجلس الوزراء بأسرع وقت ممكن، ويدفع باتجاه تذليل العقبات من امام جلسة الحكومة. هناك اتصالات مستمرة مع جميع الافرقاء لاعادة الانعقاد، وعند ورود الموازنة الى مجلس الوزراء سيدعو الى جلسة لأنه استحقاق دستوري لا يمكن تفاديه خصوصا ان كل مفاصل الدولة على مستوى الانفاق وانتظام المالية تكون من خلال اقرار الموازنة والا ندخل في فوضى اضافية على مستوى الانفاق”.

ولفتت المصادر الى ان هناك “سعر صرف للموازنة بات شبه معتمد، لكن ما استدعى التأخير، أمور لوجيستية بسبب انتشار كورونا وتغيّب عدد من الموظفين، متحدثة عن مؤشرات خطيرة عن تفاقم الوضع في لبنان، وما من شيء يعيد انتظام الوضع الا اللحمة الداخلية والتقارب واجتماع مجلس الوزراء الذي يخفف من وطأة الازمة على الناس لتقطيع المرحلة الصعبة بأقل أضرار ممكنة”.

في المقابل، أوساط “الثنائي الشيعي” تؤكد لـ”لبنان الكبير” ان “مسألة انعقاد جلسة حكومية، لا تخضع لمساومة أو تسوية أو صفقة. الامر واضح: اما أسود أو أبيض ولا موقف رمادياً بينهما بمعنى ان لا اجتماع للحكومة بمشاركة الثنائي الشيعي من دون حل موضوع القاضي البيطار. وحسب الوقائع، فإن الحكومة ستتحول الى حكومة تصريف أعمال وصولا الى الانتخابات النيابية التي لا تتأثر بعدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء”.

واعتبرت الاوساط ان “الرئيس ميقاتي ليس لديه مصلحة في اجتماع الحكومة لأنه في حال انعقادها سيكون على جدول أعمالها سلة تعيينات يطالب بها العهد، وستطرح ملفات خلافية ربما تؤدي الى تفجير الحكومة مرة أخرى، وبالتالي، الرئيس ميقاتي لا يريد اعطاء رئيس الجمهورية هذه الورقة عشية الانتخابات النيابية، وهو على خلاف مع دول عربية وغربية ومع أغلب الاطراف الداخلية”.

ولفتت الى ان “ما يصرح به الرئيس ميقاتي لا يمتّ الى الواقع بصلة، وهو يحاول بث جو ايجابي، لكن ذلك ينعكس سلبا على مصداقيته لأن ما يقوله غير مطابق للواقع. وهو من الاسبوع الماضي، قال انه سيتسلم الموازنة خلال يومين وحتى اليوم لم يتسلم شيئا.

الرئيس ميقاتي لا “يقوم بحركة جدّية وفعلية لتحريك المياه الراكدة في الشأن الحكومي، على الرغم من نشاطه وجولاته الخارجية، وبالتالي، هو مرتاح على وضعه، ويصرّف أعمال، والوزراء يقومون بواجباتهم لناحية تصريف الامور المعيشية”.

وأكدت اوساط “الثنائي” انه “في حال طرح بند واحد، وهو بند الموازنة على جدول أعمال الجلسة الحكومية، سيحدد حينها الثنائي المشاركة من عدمها، مشيرة الى ان الموازنة تتطلب الاتفاق بين المعنيين على توحيد سعر الصرف، وهذا وحده يتطلب فترة طويلة من الدراسة من أسبوعين إلى ثلاثة اذا لم تتم العرقلة”.

وتحدثت الأوساط عن “جلسة لمجلس النواب ستعقد بعد أن وقع رئيس الجمهورية مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، لكن ذلك يتم بعد انتهاء هيئة مكتب المجلس من وضع البرنامج وجدول اعمال الجلسة، مؤكدة ان من ربح هو الدستور الذي يقول ان عقدا استثنائيا يجب ان يعقد”.

شارك المقال