بين الربح والخسارة… حكومة بشروط وقضاء ممروض

هيام طوق
هيام طوق

بعد تراجع “الثنائي الشيعي” عن مقاطعة جلسات الحكومة، وما رافق ذلك من تحليلات وتأويلات واجتهادات، بعضها وضع التعطيل على مدى الاشهر الثلاثة الماضية في دائرة القرار الداخلي البحت، وان الافراج عن الحكومة استند الى حسابات ومصالح وتفاهمات متبادلة بين مختلف القوى في حين ان البعض الآخر ربط الحلحلة الحكومية المفاجئة بمفاوضات فيينا، والحديث عن اقتراب استئناف العلاقات الديبلوماسية بين إيران والسعودية وإمكان إعادة فتح السفارات في كل من الرياض وطهران وصولا الى الضغط الفرنسي لاستئناف جلسات الحكومة.

وبغض النظر عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة في اعادة انتظام الحياة الدستورية في حدها الادنى، تتّجه أنظار الكثيرين الى القضاء حيث كثرت التساؤلات عما اذا كان القضاء خرج خاسرا أو رابحا في معركته مع السياسيين خصوصا ان الجسم القضائي أصبح “مخلخلا” ومشلولا بسبب امعان المنظومة في تفريغ المواقع القضائية، وما لها من تداعيات على الهيئة العامة لمحكمة التمييز من جهة، واحتجاز التشكيلات القضائية لدى رئيس الجمهورية من جهة أخرى. وبالتالي، في وقت تعذر “قبع” القاضي طارق البيطار من موقعه كمحقق في التحقيق بانفجار المرفأ على الرغم من الدعاوى الكثيرة التي فرملت مهامه، فإن الحلحلة الحكومية ربما تكون مقابل احتجاز التشكيلات القضائية مما يعني كف يد القاضي البيطار تلقائيا لأن الهيئة العامة لمحكمة التمييز لا يمكنها بتّ طلبات الرد من عدمها المقدمة ضد القاضي البيطار وطلبات مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة جراء تعذر اجتماعها لفقدان النصاب القانوني بفعل الاحالة على التقاعد لعدد من القضاة.

وأوضح رئيس مركز ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية محمد زكور لـ”لبنان الكبير” ان “الهيئة العامة لمحكمة التمييز فقدت النصاب القانوني بسبب احالة عدد من رؤساء محاكم التمييز الى التقاعد، وبالتالي، لا يمكن للهيئة ان تجتمع بسبب فقدان النصاب مما يعني ان لا بتّ بطلبات الرد المقدمة ضد القاضي البيطار وطلبات بمسؤولية الدولة عن أعمال القضاة، وهكذا يتم تعطيل عمل القاضي البيطار بسبب تجميد التشكيلات القضائية”.

ورأى أن “ما كان يتسرب من أن هناك ما يشبه التسوية بين عدم اجراء التشكيلات القضائية لمنع تعبئة المراكز الشاغرة في الهيئة العليا لمحكمة التمييز لأن بعض قضاة التمييز أحيلوا الى التقاعد، وذلك لبتّ موضوع طلبات رد البيطار من عدمه، فإننا نكون ننعي مجددا المؤسسات الدستورية القائمة في البلاد ولا سيما منها المؤسسة والسلطة القضائية. واذا كان ذلك صحيحا، فذلك يعرقل فعليا عمل القاضي البيطار لأن طلبات الرد من عدمها وطلبات مسؤولية الدولة عن أعمال القضاة، ترتبط بتشكيلات تطال قضاة التمييز، لكننا نأمل أن لا تجهز السلطة التنفيذية على آخر معاقل السلطات وهي السلطة القضائية”.

وعلى الرغم من تنويهه “بعودة الحكومة الى العمل، الا انه من السخرية بمكان ان نحتفل كلبنانيين بأداء السلطات لواجباتها الدستورية الطبيعية لأنه من البديهي ان تقوم الحكومة باجتماعاتها وان يقوم البرلمان بعمله وان ينتظم عمل المؤسسات الا اننا وصلنا الى اسفل الدرك وهو اننا نحتفل بأن مؤسسة دستورية ما قد وعدتنا باستئناف عملها”.

في المقلب السياسي، رفض الكاتب السياسي حسن الدرّ الحديث عن “تسوية أو صفقة، إنّما أساس الحلّ يبدأ بمعالجة تعدّي القاضي طارق البيطار خلافا لنصّ الدّستور، متحدثا عن حلحلة في الايام المقبلة”.

وشدد على ان “الثنائي الوطني سيشارك في الجلسات التي تعالج الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وكل ما يرتبط بالموضوع المعيشي، أما مسألة التعيينات وغيرها من الأمور السياسية، فبيان “الثنائي” واضح بعدم استعداده للمشاركة في جلسات تناقش هذه الامور، مجددا التأكيد على انه اذا لم تتم معالجة قضية البيطار، واحالة ملف محاكمة الرؤساء والوزراء الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فإن الحكومة لن تعود إلى عملها الطبيعي”.

من جهة ثانية، وعلى وقع هذه التطورات، نفذ اهالي ضحايا انفجار المرفأ وقفة أمام قصر العدل، وأقفلوا بوابة القصر من جهة المخفر، ومنعوا الدخول إلى القصر تضامناً مع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. وأكدوا ان “الكيل فاض، وقررنا اضراب العدلية تعبيراً عن غضبنا بالظلم الذي يلحقه كل من يقدم طلبات من شأنها تعطيل عمل البيطار”.

وأشار ويليام نون لـ”لبنان الكبير” الى ان “المحاكمات التي كانت مقررة أمس تأجلت بسب الاعتصام. نحن لا نريد سوى عودة التحقيق في انفجار المرفأ بعد نحو شهرين من تعطيله، واليوم العرقلة تتم من بوابة محكمة التمييز بسبب الشغور، لافتا الى اننا زرنا رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود الذي تحدث من الناحية القانونية، ووعدنا بأنه سيتم بحث امكان القيام بتعيين استثنائي، واذا تعذر ذلك قانونا، فالحل الوحيد يكون بتوقيع رئيس الجمهورية على التشكيلات القضائية، وأكد عبود لنا انه لن يكون طرفا مع أحد انما يعمل وفق القانون”.

وكشف عن “القيام بتحرك بعد يومين او ثلاثة اذا استمر تعطيل التحقيق بانفجار المرفأ، وسنمنع الجلسات وسنضطر للقيام بأعمال شغب في قصر العدل لأن الامور التي يبحثونها ويعتبرونها أولوية ليست أهم من قضية انفجار المرفأ”.

شارك المقال