المبادرة الكويتية… ردّ بنكهة بيان وزاري “تدويري”

هيام طوق
هيام طوق

صحيح ان زيارة وزير خارجية الكويت أحمد ناصر المحمد الصباح الى لبنان كانت مفاجئة في توقيتها ولم يتم الاعلان عنها مسبقا، لكنها في الوقت عينه كانت متوقعة وفق مصادر مطلعة لـ”لبنان الكبير” لأن الوزير الكويتي كان على تواصل مع مسؤولين لبنانيين خصوصا بعد استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي وأبلغهم برغبته في الزيارة التي اعتُبرت بمثابة الفرصة الأخيرة لعودة لبنان الى الحضن العربي ولا سيما الخليجي.

الزيارة التي حرص خلالها الوزير الكويتي على التأكيد انها أتت بصفته “موفداً خليجياً وعربياً ودولياً”، وانه يحمل مبادرة خليجية وعربية ودولية تحظى بموافقة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والولايات المتحدة وفرنسا، داعيا المسؤولين الى التعامل بإيجابية مع المبادرة “لإعادة بناء الثقة” مع العلم ان الكويت ترأس مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية حاليا، وهي حسب المحللين، ومن خلال لفتتها تؤكد ان الخليجيين لم يديروا ظهرهم للبنان ولن يتركوه يتخبط بمشاكله لكن في الوقت عينه لا يمكن الاستمرار بهذه السياسة والانضواء كليا تحت عباءة الجمهورية الاسلامية الايرانية.

ومن المؤكد ان الزيارة بحد ذاتها مهمة خصوصا ان الكويت كانت دائما تلعب دور صلة الوصل بين الدول العربية، لكن ما حمله الوزير الكويتي في جعبته هو الأهم إذ سلم المسؤولين مبادرة تتضمن بنودا، أبرزها: قيام الحكومة بإصلاحات شاملة، وتنفيذ اتفاق الطائف، والحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي (1559) و(1701) و(1680)، وضمان ألا يكون لبنان منطلقا لأي اعمال ارهابية تزعزع استقرار وأمن المنطقة، وضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، ووقف العدوان اللفظي والعملي ضد الدول العربية.

وفيما تحدثت أوساط ان الوزير الكويتي أعطى مهلة للحكومة اللبنانية للحصول على جواب على المبادرة، أكد مصدر متابع لـ”لبنان الكبير” انه “لم يكن هناك طلب رسمي بهذا الشأن إلا ان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي سيشارك في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، والذي تستضيفه الكويت، سيحمل الأجوبة اللبنانية التي لا تزال في طور وضع المسودة حيث ستتبلور صيغتها النهائية خلال يومين”.

وفي هذا الاطار، لا بد من الأسئلة: هل سيتلقف لبنان هذه المبادرة ويتعامل معها بجدية أو ان المواقف ستكون كالعادة خشبية ورمادية؟ وهل يُمكن تنفيذ بنود المبادرة؟ أو ان الحكومة ستلجأ الى الرد الديبلوماسي وتستمر في سياسة تدوير الزوايا خصوصا ان الوزير الكويتي أبلغ المسؤولين بأن دولة الكويت “تريد مساعدة لبنان ولكن عليكم ان تساعدوننا بمساعدة أنفسكم”.

مصادر مقربة من رئيس الحكومة تكشف لـ”لبنان الكبير” ان “جزءا كبيرا من الرد سيكون من جو البيان الوزاري الذي تحدث عن ان لبنان يجب ان يكون له أفضل العلاقات مع أشقائه وأصدقائه وأن يكون كصيغة ايجابية لكل المحيط، لافتا الى ان الدولة اللبنانية ممثلة بالحكومة سترد رسميا على المبادرة، وهناك تفاصيل تُبحث ستكون الاجابة عنها ايجابية قدر المستطاع لأننا نريد أن نكون ايجابيين لكن لا نريد اشعال فتيل الصراع الداخلي”.

وأشار الى ان “هناك لجنة تضع مسودة الرد، والتشاور قائم بين الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية الذي هو المعني الاساسي في هذا الموضوع، وبناء على هذا التشاور سيصبح تصور الرد واضحا خلال يومين، مؤكدا ان لا مجال في هذه المرحلة، مرحلة الصراع الكبير، الا ان تكون الصيغة استيعابية التي برهنت نجاحها، وخير دليل على ذلك موضوع اعادة الجلسات الحكومية”.

وشدّد على ان “الدول العربية حريصة على لبنان ويعلمون ان هناك واقعا لبنانيا معينا إلى جانب أمور مرتبطة بالمنطقة بأكملها، وتتطلب المزيد من التأني، وبالتالي، الحكومة ستقوم بكل ما أمكن لتطمين الاخوة العرب خاصة الخليجيين. لبنان يعيش صراعات، والجميع يريد مساعدة لبنان على عدم تسعير الصراع الداخلي اللبناني – اللبناني لأنه يشتت البلد أكثر مما هو مشتت”.

ولفت الى ان “الرؤساء حريصون من خلال كلامهم على انهم يريدون أفضل العلاقات مع الاشقاء العرب ويبذلون كل جهودهم لتطمينهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، موضوع مكافحة التهريب والتشدد بهذا الامر والسعي لاستجلاب آلات “سكانر” جديدة ، مشددا على ان لا أحد لديه رغبة في التصعيد الا من يريد زيادة توتير الاجواء في هذه المرحلة”.

وأملت المصادر ان ” تكون غيمة سوداء عابرة بين لبنان والدول الخليجية، وليس هناك ما يسمى بالمبادرة الاخيرة او الحل الاخير لأن هذه الامور لا تُطبق بين الاشقاء، مستبعدا وضع المبادرة على جدول أعمال الجلسات الوزارية، لكن اذا كان هناك من داع لطرحها، فهذا الامر يعود لرئيس الحكومة”.

في المقابل، قال مصدر قريب من الثنائي الشيعي لـ”لبنان الكبير” أن “المبادرة العربية غير واقعية وتضع لبنان واللبنانيين أمام منزلق خطير، فلبنان ملتزم قرارات الشرعية الدولية والعربية، وسلاح المقاومة غير مشمول بسلاح الميلشيات كما أقرّت البيانات الوزارية المتعاقبة وبمشاركة كافة القوى السياسية اللبنانية”.

شارك المقال