تفاهم بين سعد و”رؤساء الحكومات”… ووداعاً بهاء بعد الانتخابات

رواند بو ضرغم

“طوى الرئيس سعد الحريري صفحة الحريرية السياسية، وقضت الجمهورية الثانية على تيار المستقبل وجمهوره”… هذا حلم يراود الخصوم وبعض الحلفاء وهم يسعون الى تحقيقه من غير جدوى. والمفارقة أن الذين يسعون للإلغاء خاضوا معارك إلغائية، وارتكبوا المجازر، وفظّعوا بالبلاد والعباد، وعندما عادوا بعد نفي او سجن، استُقبلوا استقبال الابطال… وعلى ما يقول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ويكرره دائما في مجالسه، وذلك لمعرفته بالتركيبة اللبنانية: “في السياسة لا أحد يموت، الا عندما يموت ويضعون على قبره صخرة”، فمن ورائه جمهور لا يقوى أحد على انهائه.

سعد الحريري، الذي قرر بإرادته الاعتكاف مرحليا، سيبقى حاضرا في ضمير ووجدان جزء كبير من الشعب اللبناني، ولدى الطائفة السنية بالخصوص. وما لم يستطع هذا العهد المدمر تغييره، هو أنه لم يسبق أن جاء رئيس للحكومة مقبول لدى الشعب اللبناني وعابر للطوائف كسعد الحريري، وهذا ما قضّ مضجع “التيار الوطني الحر” ورئيسيه الحالي والسابق.

ربما أخطأ دار الافتاء والرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة بسرعة التحرك فور مغادرة الحريري. حركة أظهرت وكأن انقلابا على الحريري يلوح في الافق السني، الا أن مصادر رؤساء الحكومات أكدت لموقع “لبنان الكبير” التفافهم حول الحريري، وتنسيقهم الكامل معه في كل خطوة ووضعه في أجواء تحركاتهم. فالرئيس الحريري لم يدعُ اطلاقا الى مقاطعة الانتخابات، والطائفة السنّية تتميز تاريخيا باحتضان الدولة وتغليب المؤسسات. يختلف السنّة عن باقي الطوائف بأنهم ليسوا من ذوي رؤية هدم الهيكل على رؤوس الجميع، ومن هذا المنطلق تحركت القيادات السنّية لتقول إنها لا تريد مقاطعة الانتخابات، لانه استحقاق دستوري محلي اقليمي ودولي، ولا أحد يستطيع تحمّل وزر المقاطعة.

“ليس من أمر يمر من دون علم الرئيس الحريري”، تؤكد المصادر لـ”لبنان الكبير” وهو قد لا يُبدي رأيه بأي تصرف يقوم به رؤساء الحكومات حتى لو كان مغايرا لرأيه، فهو يثق بنيتهم الصادقة تجاهه، ويتركهم يتصرفون كما يرونه مناسبا. الأكيد أن لا تآمر على الحريري، ولا قدرة لأحد على مناكفته، حتى الرئيس ميقاتي لا يمتلك القدرة ولا الجرأة ولا النية لمناكفته لأنه لا يمتلك قاعدة شعبية ذات امتداد شعبي خارج طرابلس. أما الرئيس فؤاد السنيورة فمعروف بوفائه لآل الحريري، فإذا تمايز عنهم بالرأي لا يتمايز عنهم بالموقف، ولا يسعى الى العمل المستقل الهادف الى الخروج من تحت عباءة آل الحريري… فلا الساحة السنّية أفرزت زعامة ترث سعد الحريري، ولا الشخصيات السنّية الحاضرة قادرة على إلغائه، ومن أراد البدء بحياته السياسية تحت عنوان “محاربة الأخوة” لا يستأهل أن تُختم به أي سطور… فبهاء الحريري حالة لم ترتقِ الى حد البديل، ولا بد أن تنتهي فور انتهاء الاستحقاق الانتخابي.

شارك المقال